تزايد الاحتقان السياسي في موريتانيا بعد أعنف مواجهات منذ الانقلاب

مصادر أمنية تنفي حدوث إصابات أو اعتقالات في صفوف المتظاهرين

TT

خيمت حالة من الاحتقان السياسي الشديد على حياة سكان نواكشوط غداة مواجهات هي الأعنف من نوعها بين أنصار جبهة الدفاع عن الديمقراطية المناوئة لانقلاب السادس من اغسطس (آب) الماضي وقوات مكافحة الشغب في مناطق متفرقة من العاصمة، وذلك عشية انتهاء المهلة التي حددها مجلس السلم والأمن الإفريقي لحكام موريتانيا الجدد للعودة للشرعية أو التعرض لعقوبات رادعة. ونفى مصدر أمني رفيع أمس ما راج من معلومات عن حدوث إصابات أو اعتقالات في صفوف المتظاهرين خلال هذه المناوشات.

وكانت خمسة أحزاب سياسية نظمت أول من أمس مسيرات منددة بالانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال محمد ولد عبد العزيز مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي وطالبت بالعودة إلى الشرعية لكنها تعرضت للقمع من طرف الأجهزة الأمنية وتدخلت عناصر الشرطة لتفريق الحشود بالقوة وأطلقت وابلا من الغازات المسيلة للدموع كما استخدمت الهراوات لضرب المتظاهرين الذين رفعوا صورا مكبرة للرئيس المعزول سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله وهتفوا بضرورة العودة للشرعية وقالوا «لا نريد العسكر.. لا للانقلابات». واندلعت المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن في نقاط عديدة من العاصمة نواكشوط، وخرج العشرات من مناوئي الانقلاب العسكري في مسيرة غير مرخصة للمطالبة بالاستجابة لقرار مجلس الأمن والسلم الإفريقي بهدف تجنب فرض عقوبات ستشمل تعليق المساعدات وحظر السفر وتجميد المعاملات المالية.

وأبلغت السلطات الإدارية في نواكشوط قادة جبهة الدفاع عن الديمقراطية رفضها السماح بتنظيم هذه التظاهرة قبل عقدها بحجة الأوضاع الأمنية الحرجة التي يعيشها البلد حاليا على خلفية حادثة مقتل 12 جنديا على أيدي مسلحين في شمال موريتانيا الشهر الماضي، حسب الرواية الرسمية.

وكانت السلطات الموريتانية أعلنت قبل أيام تعليقها الترخيص لكل التجمعات السياسية إلى إشعار آخر، لكن منظمي المسيرة أبدوا إصرارهم على القيام بهذا النشاط، مما قادهم للدخول في مواجهة مفتوحة مع قوات مكافحة الشغب استمرت طوال اليوم لكنها لم تسفر عن ضحايا في الجانبين كما لم تحدث أية اعتقالات أو إصابات بالغة حسب مصادر أمنية. وفيما قللت جهات رسمية من أهمية هذا النشاط الذي اعتبرت أنه كشف عن حجم ضعف حضور الأحزاب المنضوية تحت هذه الجبهة في المشهد السياسي، فإن القادة السياسيين للجبهة وصفوا هذه المسيرة بأنها ناجحة واعتبروها مؤشرا واضحاً على رفض شرائح موريتانية عريضة للانقلاب العسكري واستعدادهم للتضحية في سبيل مناوءته «مهما كانت العقبات والمخاطر».

وتجاهلت السلطات الانذار الذي وجهه اليها الاتحاد الافريقي والذي انتهت مدته منتصف ليل أمس، واستبعدوا تماما اعادة الرئيس المخلوع الى السلطة. ولم تتطرق الاذاعة ولا التلفزيون أمس إلى «انذار» المنظمة القارية ودعوتها الى اعادة الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله الى مهامه في مهلة اقصاها السادس من اكتوبر (تشرين الاول) الحالي تحت طائلة «عقوبات».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم البرلمانيين الموالين للانقلاب سيدي محمد ولد مهم قوله أمس، إن «هذا النوع» من الضغوط «لا يخيف احدا» و«لم يحل ابدا اية مشكلة». وقال النائب الذي ينتمي الى غالبية النواب الداعمين للانقلاب ان «على الحكومة الا تبالي بكل تلك التهديدات بالعقوبات، وان تمارس دبلوماسية نشطة لشرح قضيتها العادلة والدفاع عنها».

وقال رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ لاذاعة فرنسا الدولية انه يتوقع وصول وفد ارسله المجلس العسكري الحاكم بموريتانيا الى اديس ابابا للتباحث مع الاتحاد الافريقي.

وفي حال فشل المفاوضات مع الاتحاد الافريقي فان العقوبات قد تتمثل في منع الانقلابيين وداعميهم من السفر او تجميد حساباتهم المالية في الخارج. لكن دبلوماسيين افارقة رأوا ان المنظمة تعلق امالا على المباحثات المتوقعة بين موريتانيا والاتحاد الاوروبي في بروكسل اعتبارا من منتصف الشهر الحالي. وافاد مصدر دبلوماسي اوروبي في نواكشوط أمس بانه «تم بحث فرض عقوبات»، من دون «ان تنشر اية لائحة سوداء». ولكن تم رفض منح تأشيرة لنائبة موريتانية كانت ترغب في التوجه الى باريس ضمن وفد الليلة قبل الماضية.