السعودية: الكشف عن هوية قياديين في «القاعدة».. بعد 3 سنوات من مقتلهما

تدربا في معسكرات التنظيم بأفغانستان * اللواء التركي لـ«الشرق الأوسط»: الإعلانُ إثباتٌ لعدم توقفنا عند المجهول

صورة حديثة التقطتها عدسة «الشرق الأوسط» في أغسطس الماضي، للمنزل الذي تحصن فيه الإرهابيون في مواجهة الرس التي استمرت 5 أيام، وأسفرت عن مقتل 15 إرهابياً (تصوير: خالد الخميس)
TT

كشفت وزارة الداخلية السعودية أمس، عن هوية اثنين من قيادات تنظيم «القاعدة»، كانا قد لقيا حتفهما على يد جهاز الأمن السعودي خلال اشتباكات مسلحة منفصلة، جرت وقائعها قبل 3 سنوات، أسفرت مجتمعة عن مقتل 19 من عناصر التنظيم. وذكر بيان الداخلية أن الشخصين اللذين تمت الإشارة إلى مقتلهما في معارك جرت بمنطقة القصيم عام 2005، هما سعود محمد عبد العزيز السعدان، ومشعل بن دليم الوسيدي الحربي، وكلاهما تلقى تدريبات في معسكرات «القاعدة» بأفغانستان.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أرجع اللواء منصور التركي، المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، تأخر الإعلان عن هوية هذين القياديين، اللذين يعتبران من العناصر الأكثر فعالية في «القاعدة» في ذلك الوقت، لعدم توفر معلومات تساعد في التعرف عليهما عن كثب. لكنه اعتبر أن الإعلان في هذا الوقت، يؤكد أن السلطات السعودية لم تتوقف عند المجهولين. وأكد التركي أيضا أنه كان من الصعب التعرف على جثتي هذين الشخصين، لا سيما أنه لم تكن لديهما سجلات لدى الأجهزة الأمنية، الأمر الذي قال المسؤول الأمني إنه «استلزم بعض الوقت للتوصل إلى عمليات مقارنة». وكانت قوات الأمن السعودية قد حاصرت في 4 و5 أبريل (نيسان) 2005، عدداً من المسلحين في فيللا سكنية في حي الجوازات بمحافظة الرس، وهي المعركة التي استمرت لمدة 5 أيام، نتج عنها مقتل 15 شخصاً، أبرزهم عبد الكريم التهامي المجاطي، أحد أهم القياديين الميدانيين لـ«القاعدة»، فيما قتل 4 آخرون في معارك شهدتها نفود الثويرات. وأشار بيان الداخلية إلى أنه «إلحاقاً للبيانات الصادرة من وزارة الداخلية بتاريخ 4 و5 و10 أبريل 2005، بشأن محاصرة قوات الأمن لعددٍ من المنتمين للفئة الضالة داخل موقع سكني في حي الجوازات بمحافظة الرس بمنطقة القصيم وتبادل إطلاق النار معهم، مما نتج عنه مقتل 15 من دعاة التكفير والتفجير، أعلن حينها عن أسمائهم عدا شخص واحد لم تتضح هويته آنذاك». وكذلك البيان الصادر بتاريخ 8 يناير (كانون الثاني) 2005، بشأن مقتل أربعة أشخاص في المواجهة الأمنية بنفود الثويرات شمال محافظة الزلفي حيث أعلن عن هوياتهم عدا شخص واحد لم تتضح هويته وقتها. وصرح مصدر مسؤول بوزارة الداخلية بأن إجراءات التثبت من هوية القتيلين اللذين تمت الإشارة إليهما في البيانات المنوه عنها قد استكملت، واتضح التالي:

أولاً: أن الشخص الذي تمت الإشارة إلى مقتله بمحافظة الرس في 10 أبريل 2005، يُدعى (سعود محمد عبد العزيز السعدان)، سعودي الجنسية، من معتنقي الفكر الضال، سافر إلى أفغانستان منتصف عام 1421هـ، ومكث فيها عامين تدرب خلالهما في معسكرات تابعة لـ«القاعدة» على استخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة وطرق نصب المتفجرات ثم عاد ودخل البلاد بطريقة غير مشروعة بداية عام 1423هـ، والتحق بالتنظيم الضال، وتنقل مع عناصره في جميع أوكارهم حيث كان يدربهم في مجالي الإلكترونيات والطبوغرافيا.

كما شارك في إعداد وتجهيز 6 سيارات من نوع (جي إم سي)، بالمتفجرات، استخدمت إحداها في الاعتداء الآثم على مبنى الإدارة العامة للمرور بحي الوشم بالرياض، بالإضافة إلى مشاركته في عدة عمليات إرهابية؛ منها العدوان الإجرامي على مجمع المُحيا، ومقاومة رجال الأمن أثناء مداهمة استراحة المونسية بتاريخ 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، وإطلاق النار على رجال دوريات أمن الطرق بأم سدره بمنطقة القصيم بتاريخ 13 أبريل 2004، مما أدى إلى استشهاد أربعة منهم، وكذلك مقاومة رجال الأمن عند مداهمتهم لأحد أوكار الفئة الضالة بحي الملك فهد بتاريخ 29 يونيو (حزيران) 2004.

ثانياً: أن الشخص الذي تمت الإشارة إلى مقتله بنفود الثويرات في 8 يناير 2005، هو (مشعل بن دليم الوسيدي الحربي)، سعودي الجنسية، وهو ممن يتبنون الفكر التكفيري وسبق له التدرب في أفغانستان على استخدام الأسلحة الخفيفة والثقيلة كما أتقن بدرجة عالية طرق التزوير، مما مكنه بعد عودته للبلاد من تزعم خلية أسند لها تزوير وثائق كان يستخدمها عناصر الفئة الضالة في نشاطاتهم، وتنقل بين أوكارهم لتدريبهم على طرق التزوير، بالإضافة إلى مشاركتهم في المواجهة مع رجال الأمن؛ ومنها المداهمة التي تمت لأحد أوكارهم في حي الملك فهد بمدينة الرياض بتاريخ 29 يونيو 2004». ويلاحظ من خلال بيان وزارة الداخلية، وجود ارتباط بين هذين القياديين، من خلال وجودهما في مهمة واحدة حينما شاركا في الاشتباكات التي جرت مع قوى الأمن السعودي، ولاذ على إثرها صالح العوفي، أحد أهم قيادات التنظيم بالفرار. وعلَق المتحدث الأمني بوزارة الداخلية، حول مدى ترابط عناصر «القاعدة» في بدايات عام 2003، بتأكيده أن «القاعدة» بدأت العمل في بلاده عبر عناصر كانوا على اتصال ببعضهم بعضا من مرحلة قتالهم في أفغانستان. وأضاف «ولكن المؤكد أن الجهات الأمنية استطاعت القضاء على كل هذه التنظيمات، وبالتالي فإن الجيل الأخير الذي ظهر هو جيل تأثر بالفكر بسبل مختلفة، وتم تجنيده من قبل أشخاص قد يكونون متورطين في تنظيم «القاعدة» أو متعاطفين معه».

وأكد اللواء التركي أن الخلايا الإرهابية الموجودة في بلاده الآن، لم تعد تأخذ صفة التنظيم، وأنها لا تعدو كونها خلايا تعمل منفردة. وقال «بالتأكيد هذا واضح بكل البيانات الأخيرة التي أعلن عنها، بأننا نتعامل مع خلايا مختلفة وكل خلية ليس لها ارتباط بخلية أخرى. كما أشرنا إلى وجود محاولات لإعادة إحياء التنظيم. لقد وفقنا حتى الآن في إجهاض كل هذه المحاولات».