إسرائيل تسرق المطبخ اللبناني.. ولبنان يستعد لمقاضاتها

تاريخ «الحمص» أمام المحاكم الأوروبية

TT

قريبا سيقاضي لبنان إسرائيل امام المحكمة الأوروبية لانتهاك تعتبره يمس سيادتها الوطنية. ذلك ان اسرائيل تمعن في التعدي عليه، فبعد الأرض والمياه، حان دور الهوية اللبنانية وتحديدا لناحية المطبخ اللبناني بأصنافه ومنتجاته. منذ أعوام فوجئ التجار اللبنانيون لدى توجههم الى اوروبا والولايات المتحدة، للمشاركة في معارض للمنتجات الغذائية، هناك صادفوا أصناف بلادهم من «مازات» و«مونة» موقّعة على انها منتجات اسرائيلية «تقليدية».

ويقول رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي عبّود لـ«الشرق الأوسط»: «الخسارة ليست مادية فحسب، انما معنوية. فإسرائيل تمعن في التعدي على لبنان. انها تسرق حضارتنا، وهويتنا الثقافية، وموسيقانا واليوم مطبخنا. فوجئنا في معارض عدة برؤية الكشك والكبة والتبولة ودبس الرمان والحمص، والحمص بطحينة وماء الورد وماء الزهر ومئات الأصناف، مصنّعة في اسرائيل مع الادعاء انها أصناف اسرائيلية». وأشار الى ان «اليونان سبق ان تقدّمت بدعوى أمام المحكمة الاوروبية، أثبتت فيها ان جبنة الفيتا يونانية، ولا يحق لأي دولة اخرى ان تستخدم اسم فيتا اذا ارادت تصنيع هذه الجبنة. وكسبت الدعوى. وهذا حقّها بما ان هذه الجبنة معروفة تاريخيا على انها جبنة يونانية».

وأضاف: «ما نسعى اليه هو ان نمنع اسرائيل من استخدام اسماء منتجاتنا لتسويق منتجاتها. طبعا لا نستطيع منعها من تحضير اصنافنا، ولكن على الأقل يجب الا نسمح لها بأن تسرق مطبخنا وتدّعي انه لها. لذلك نعمل على تحضير ملف متكامل لتقديمه الى المحكمة الاوروبية، بما ان لبنان موقّع اتفاق شراكة مع اوروبا. ونعود في ابحاثنا الى 200 عام و300 عام. واثبتنا ان الحمص والكبة والصفيحة، اصناف وصلت الى البرازيل في عام 1862 مع هجرة اللبنانيين. واول علبة حمص بالطحينة، صنّعت في الشرق الاوسط، خرجت من لبنان، وكان ذلك في خمسينات القرن الفائت».

وفيما لفت الى انه «ليس بالضرورة ان تقتنع فورا الجهات الاوروبية المعنية»، قال: «سيجري الاوروبيون تحريا واسعا للتأكد من ان هذه الاصناف لبنانية. نحن مقتنعون اننا سنكسب الدعوى، خصوصا ان الوقائع التاريخية تصبّ في مصلحتنا، لذلك نطالب الحكومة التقدّم بطلبات لتسجيل الملكية الفكرية لهذه الاصناف اللبنانية والمناطق الجغرافية، لئلا تسرق منتجاتنا وتزرع في الخارج. مثلا هناك دراق بكفيا وتفاح صنين، هذه الاصناف يجب حمايتها. وحينذاك، يصبح بإمكاننا مقاضاة اسرائيل أو أي جهة اخرى اذا تعدّت على منتجاتنا ومطبخنا». وقال: «بعد اوروبا سنتوجه الى الولايات المتحدة لنسجّل أصنافنا. يهمنا ليس فقط منع اسرائيل من سرقتنا، انما اطلاع الرأي العام العالمي على ان اسرائيل تسرق ليس فقط ارضنا انما ثقافتنا».

وردا على سؤال عن اطباق متوافرة في سورية ولبنان، قال: «قد يقول السوريون ان الحمص موجود لديهم، انما التبولة والكشك معروفان على انهما لبنانيان. الواقع ان مشكلتنا ليست مع سورية او العراق او فلسطين، بل مع اسرائيل، لذلك لا بد من ان تتحرك الحكومة. واجبها تعيين مراقبين للسهر على عدم سرقة منتجاتنا». وعضو مجلس ادارة جمعية الصناعيين رئيس اللجنة الاقتصادية في الجمعية، رامز ابي نادر، قال لـ«الشرق الاوسط»: «التقدّم بالدعوى ليس الامر الاهم، بل تسجيل لبنان حقّه الحصري في انتاج اصناف معيّنة، توارثت انتاجها الاجيال فيه على مرّ قرون. وإذا نجحنا في تسجيل هذه الاصناف في اوروبا، سيصبح في امكاننا اقامة دعوى. لذلك نحرص على التعاون الجاد مع الحكومة في تحضير ملف متكامل ونأمل من وزير الاقتصاد والتجارة (محمد الصفدي) ان يترجم التعاون الذي ابداه لدى مفاتحته بالموضوع». ولفت الى ان «آلية التسجيل تستغرق بين 6 اشهر وسنة ونصف السنة. ذلك رهن اكتمال عناصر الملف، إذ ان الأبحاث التاريخية تلعب الدور الأبرز في الموضوع. لا ننكر ان الاثبات امر صعب، لكنّه ليس مستحيلا». وذكر ان «الدول الاوروبية بدأت منذ عام 1992 العمل على تسجيل اصنافها ومنتجاتها الزراعية والجغرافية. واسرائيل تصدّر منذ سنوات الحمص الى بريطانيا، وتدّعي انه طبق تقليدي للشعب الاسرائيلي».