أوباما وماكين تجنبا القضايا الشخصية واصطدما حول الضرائب والطاقة والصحة والسياسة الخارجية

أولى استطلاعات الرأي تظهر فوز المرشح الديمقراطي في المناظرة قبل الأخيرة

زوجة المرشح الديمقراطي باراك أوباما، ميشيل، تصافح الصحافي الذي أدار المناظرة، توم براكو، وفي الخلف المرشح الجمهوري جون ماكين وزوجته سيندي (رويترز)
TT

تباينت مواقف المرشح الديمقراطي باراك اوباما والجمهوري جون ماكين حول القضايا الاقتصادية والأزمة المالية الحالية والخدمات الاساسية التي تشغل بال الناخبين الاميركيين خلال المناظرة التلفزيونية بينهما الليلة قبل الماضية، بيد انهما تجنبا القضايا الشخصية على الرغم من اصطدامهما خلال ردودهما على الاسئلة. وارتفع مستوى النقاش بين المرشحين بعد ايام من التراشق الكلامي وتبادل الاتهامات الشخصية. وأبدى المرشحان حذراً واضحاً حول الامور مثار الاختلاف، وسعيا الى شرح وجهات نظرهما للناخبين وتجنبا الخوض في لجة الخلافات التي أشعلت المعركة الانتخابية في الآونة الاخيرة. وقال اوباما ردا على سؤال حول مدى تأثير الازمة المالية على قدرة الولايات المتحدة على القيام بدور «صانع السلام» في العالم، إنه من المستحيل على أية دولة ممارسة نفوذ عسكري فعال بينما يعاني اقتصادها من الضمور. وقال المرشح الديمقراطي إن سياسات ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش، التي قال انها «حظيت بتأييد ماكين» قد جعلت من العسير على الولايات المتحدة التعامل مع الازمات الدولية كأزمة دارفور بسبب فقدانها لدعم حلفائها الدوليين. واكد اوباما ان الولايات المتحدة اتخذت قرارا خاطئا بغزو العراق وترك زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن حرا طليقا. ومن جانبه، قال ماكين إن اوباما كان على خطأ عندما عارض زيادة القوات الاميركية في العراق، متهما اياه بالافتقار الى المعرفة والدراية الضروري توفرهما لدى رئيس البلاد. وقال ماكين، في اشارة الى سياسة اوباما الداعية الى الانسحاب من العراق: «يريد السيد اوباما اعادة جنودنا الى ارض الوطن خائبين بينما اريد انا اعادتهم مكللين بالنصر».

وكرر المرشحان مواقفهما المعلنة بشأن بعض القضايا الخارجية، لكن الامر المختلف هو ان اوباما استطاع ان يضع منافسه ماكين في موقع الدفاع لأول مرة في السياسة الخارجية وقضايا الامن القومي، التي طالما اتهم ماكين اوباما بانه يفتقد الخبرة فيها. ورد اوباما الليلة قبل الماضية باستهزاء على ادعاءات ماكين بأنه لا يفهم السياسة الخارجية، قائلاً: «فعلاً انا لا أفهم لأنني لا أفهم كيف انتهى بنا الامر اجتياح بلد لا علاقة له باعتداءات 11 سبتمبر (ايلول) 2001»، في اشارة إلى حرب العراق. وعبر أوباما عن اعتقاده بضرورة التركيز على افغانستان بدلا من العراق، قائلاً: «اذا كانت باكستان لا تريد أو لا تستطيع القضاء على الإرهابيين فسنذهب لاخراج بن لادن من مخبئه بأنفسنا». وأضاف: «ماكين يتهمني بالرغبة في اجتياح باكستان وهذا غير صحيح.. وهو الذي دعا الى قصف ايران وتدمير كوريا الشمالية». وفي الشأن الإيراني، قال ماكين إن الايرانيين يطورون أسلحتهم النووية وهو ما يهدد المنطقة، وانتقد فكرة اوباما حول التفاوض مع ايران. لكن اوباما رد بالقول إنه لن يسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية، لكنه دافع عن فكرة التفاوض مع الايرانيين. وهاجم المرشحان روسيا أول من امس، في اجابة غير مباشرة على سؤال «هل تعتقد ان روسيا تحت قيادة فلاديمير بوتين هي امبراطورية للشر». وأحجم الاثنان عن الاجابة بنعم او لا قاطعة، وقال أوباما: «أعتقد انهم انخرطوا في تصرفات آثمة وأعتقد ان من المهم ان نفهم انهم ليسوا الاتحاد السوفياتي القديم لكن مازالت لديهم دوافع قومية، أعتقد انها خطيرة للغاية». ومن جهته، أجاب ماكين: «ربما.. اذا قلت نعم فهذا يعني اننا نشعل الحرب الباردة القديمة من جديد. واذا قلت لا اكون قد تجاهلت تصرفاتهم». وكانت غالبية الاسئلة الموجهة للمتنافسين، التي ارسلت من ناخبين لم يقرروا لمن سيصوتون بعد، حول الازمة الاقتصادية. وبينما وعد المرشحان بمساعدة الاميركيين من الطبقة المتوسطة، الا انهما اختلفا حول آلية تطبيق هذه المساعدة. وقال ماكين في المناظرة التي جرت في جامعة بلمونت في ناشفيل بولاية تنيسي: «الاميركيون غاضبون ومنزعجون وخائفون بعض الشيء... ليس لدينا الثقة في مؤسساتنا ولا نطمئن اليها». وقال اوباما ان العاملين من الطبقة المتوسطة وليس فقط المؤسسات المالية في حاجة الى صفقة انقاذ تشمل تخفيضات ضريبية. واضاف انه يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تضمن ألا يستفيد كبار مديري المؤسسات المالية من مكافآت سخية من الشركات المتعثرة.

وتجادل اوباما وماكين بشأن الضرائب والأزمة المالية، إذ في الوقت الذي حاول فيه ماكين إثارة مخاوف الاميركيين بان اوباما ينوي فرض ضرائب جديدة عليهم، وهو موضوع أصبح ذا حساسية عالية في الولايات المتحدة، أكد اوباما أنه ينوي تخفيض الضرائب على حوالي 95 في المائة من الاميركيين خاصة الطبقة الوسطى، حذر ماكين الناخبين من ان منافسه يريد فرض ضرائب جديدة عليهم. وتحدث اوباما عن الازمة المالية وقال إن اميركا تعيش أسوأ أزمة مالية، لكن ماكين قال إن اوباما واصدقاءه من الديمقراطيين هم الذين تسببوا في هذه الأزمة بدعمهم منح قروض سكنية بشروط ميسرة. وقال ماكين إن المطلوب هو علاج الأزمة بحزمة اصلاحات، واعلن انه سيطلب من وزيره في الخزانة في حال فوزه شراء الديون الهالكة في المجال القاري لاستقرار أسعار المنازل. ورد اوباما على هذا الاقتراح بقوله إن المهم ان يبادر وزير الخزانة الى مساعدة الطبقة الوسطى، وقال إن ذلك هو الامر الذي يجب ان يفكر فيه وزير الخزانة وليس إنقاذ البنوك مع ضرورة وضع ضوابط للسوق المالية.

وأعلن اوباما وماكين امس انهما قد يختاران الملياردير وارن بافيت وزيرا للخزانة. وقد اجاب المرشحان على سؤال عن اسم من سيخلف هنري بولسن الذي سيتنحى في نهاية ادارة بوش. وقال ماكين «ثمة عدد كبير من الاشخاص المؤهلين لكني اعتقد ان المعيار الاول هو ان يكون شخصا يستطيع الاميركيون الوثوق به على الفور». واضاف ان بافيت «ساعد في تسوية بعض الصعوبات في الاسواق»، موضحا انه قد يختار ايضا المسؤولة السابقة عن موقع اي.باي ميغ وايتمان. وقد قدم بافيت دعمه لباراك اوباما في الانتخابات الرئاسية. وقال المرشح الديمقراطي: «سيكون خيارا جيدا جدا. ويسعدني الحصول على دعمه»، لكنه لم يحصر نفسه بهذا الاختيار، قائلاً «هناك ثمة ايضا اشخاص آخرون. والفكرة هي التأكد من ان الوزير المقبل للخزانة يفهم انه لا يكفي مساعدة الذين يشغلون مناصب رفيعة».

وقالت شبكتا «سي إن إن» و«سي بي إس» إن اوباما تفوق على ماكين في المناظرة التي جرت بينهما الليلة قبل الماضية في مدينة ناشفيل في ولاية تينسي، وقال معظم المشاركين في الاستطلاع ان اوباما أبان عن قدراته باعتباره «قائداً صلباً».

وطبقاً لاستطلاع شبكة «سي إن إن» فإن 64 في المائة قالوا إن أداء اوباما كان هو الأفضل، في حين قال 30 في المائة إن أداء ماكين هو الأفضل. وقال 64 في المائة بعد المناظرة إنهم يفضلون الآن اوباما رئيساً وذلك بزيادة اربع نقاط عما قبل المناظرة، في حين قال 51 في المائة إنهم يحبذون ماكين رئيساً ولم يحدث تغيير في هذه النسبة بعد المناظرة.

وقال 54 في المائة من المشاركين إن أوباما أظهر بانه قائد صلب خلال المناظرة في حين قال 43 في المائة إن ماكين هو الذي أبان عن صلابة. وقال معظم المشاركين في الاستطلاع إن اوباما كان أكثر ذكاءَ وذلك بنسبة 57 في المائة الى 25 في المائة لصالح ماكين. ومن جهة اخرى، أوضح استطلاع للرأي لـ«رويترز» و«سي- سبان» و«زغبي» ان أوباما يتقدم بفارق نقطتين على منافسه ماكين في سباق متقارب من أجل الوصول للبيت الابيض. وتقدم أوباما بحصوله على 47 في المائة مقابل 45 في المائة لماكين في استطلاع يحمل هامش خطأ قدره 2.8 نقطة مئوية. وكان أوباما يتقدم بفارق ثلاث نقاط في استطلاع الرأي الذي ظهرت نتيجته أمس الثلاثاء. وهناك أربعة بالمائة من الناخبين لم يقرروا بعد لمن سيعطون أصواتهم في انتخابات الرئاسة التي ستجرى في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني).

وكانت مناسبة اول من امس المرة قبل الاخيرة التي يتواجه فيها المرشحان مباشرة، ليلتقيا مجدداً في مناظرة تلفزيونية ثالثة واخيرة ستجري في 15 من الشهر الحالي في نيويورك.