مستشفى الرشاد للأمراض العقلية في بغداد.. حالات مستعصية وصدمات كهربائية

كان بعيدا جدا عن العاصمة عندما شيد عام 1950.. واليوم يقع بين منطقتين معدمتين

أحد المرضى في مستشفى الرشاد للأمراض العقلية في بغداد («الشرق الأوسط»)
TT

يواصل مستشفى الرشاد للأمراض العقلية المستعصية في ضواحي بغداد الشرقية، عمله رغم الصعوبات اذ انه يقع وسط أحياء فقيرة جدا تحولت الى خط المواجهات بين القوات الاميركية والميليشيات الشيعية. وقرر المسؤولون عام 1950 ان يكون مكانه بعيدا جدا عن بغداد فخصصت السلطات مساحة 19 هكتارا من الاراضي الصحراوية قرب منطقة العبيدي لتشييد مستشفى مكون من أبنية عدة بطابق واحد طبقا لنماذج المصحات العقلية الاوروبية.

لكن، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، فإن الامتداد السكني الفوضوي في بغداد، بلغ مشارف المكان، وأصبح المستشفى يقع بين منطقتين معدمتين. ويبلغ عدد النزلاء حاليا 1300 شخص من المصابين بانفصام الشخصية المزمن والامراض العقلية المستعصية، يمضون اوقاتهم بالهلوسة والتصرف بشكل غير طبيعي، يصل الى حد الخطر في بعض الاحيان.

وتقول الطبيبة رغد سرسن «نعالج الحالات الخطرة وهناك ستون الى سبعين في المائة من المرضى، مضى على وجودهم اكثر من خمس سنوات». وتضيف ان ما نسبته 2 الى 3% من المرضى مصنفون في حالة «خطرة» وهم نزلاء جناح خاص يحضع لحراسة مشددة «لأن جميع انواع المجرمين يوجدون هناك». وتتابع ان المرضى القلقين تتم معالجتهم بالأدوية او بالصدمات الكهربائية في الرأس «فنحن لا نستخدم المعالجة النفسانية».

وقد انتشر استخدام المعالجة بواسطة الصدمات الكهربائية على نطاق واسع قبل الاجتياح بسبب النقص في الادوية، ابان فترة الحظر الدولي الذي كان مفروضا على العراق (1990 ـ 2003).

وفور سقوط النظام السابق، تعرضت المؤسسات بمختلف انواعها الى موجة من النهب والسلب والتدمير «لم يسلم منها المستشفى فتعرضت منشآته للدمار والتخريب والنهب بدءا من الاثاث انتهاء بالمعدات الطبية كما هرب جميع النزلاء»، وفقا للطبيبة. وتمت اعادة تأهيل المستشفى بفضل جهود اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي جهزته بشكل كامل حتى انها قدمت 1300 سرير.

وخلال ربيع العام الحالي، كان المستشفى في الخط الاول تقريبا للمواجهات بين القوات الاميركية والعراقية من جهة، والميليشيات الشيعية من جهة اخرى في احياء العبيدي ومدينة الصدر والسابع من نيسان.

من جهتها، تقول ايمان خالد الموظفة التي تعتني بالمريضات «لقد عانينا كثيرا (...) لم يكن بوسعنا الوصول الى المستشفى قبل ثلاثة أو اربعة اشهر». كما ان القوات الاميركية تشتبه في اختباء المسلحين الشيعة في المستشفى واستخدام «القاعدة» المرضى العقليين لتنفيذ عمليات انتحارية.

وتروي سرسن «لقد اقتحمت القوات الاميركية المستشفى اكثر من مرة. قالوا في بادئ الأمر انهم سيقدمون لنا مساعدات، لكنهم كانوا يأتون فقط للبحث عن المسلحين كما اوقفوا مديرنا لمدة شهرين، مؤكدين ان انتحاريا معوقا كان يتلقى العلاج هنا. كانوا مخطئين فاطلقوا سراحه». ورغم تراجع موجة العنف، الا ان التوتر لا يزال مخيما في منطقة المستشفى حيث تعرضت دورية اميركية لاطلاق نار بأسلحة خفيفة الاسبوع الماضي. من جهته بين المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة محمد جياد لـ«الشرق الأوسط» ان مسألة تأمين الحماية لمستشفى الرشاد تسير بشكل طبيعي «وتم تطهير المنطقة والحياة طبيعية ولم تحدث أية مشكلة امنية خلال الاشهر القليلة الماضية، ولهذا فلا يمكن التعذر بالظرف الامني من قبل ادارة المستشفى بأنه يحول دون تطوير المستشفى او ايصال الخدمات له او العلاج والادوية».

وبالنسبة لتوفير الأدوية قال جياد «ليس من حق أي ادارة مستشفى القول إن الأدوية قليلة، لأن وزارة الصحة سبق وان قررت من زمن طويل ان تكون الصرفيات مفتوحه امامهم ولهم الحق في شراء ادوية من أي مكان بمبلغ 50 مليون دينار، واذا استمرت الحاجة يشترون بمبلغ آخر لحين الاكتفاء بشكل تام وهنا لا داعي للقول ان العلاجات غير متوفرة». الدكتور علاء فاضل مسؤول متابعة المؤسسات الصحية لقاطع الرصافة والتي يقع مستشفى الرشاد ضمن نطاق مهامها بين لـ«الشرق الأوسط» ان الوزارة «خولت المستشفيات كافة بشراء أي علاجات يروها منقذه للحياة وبالكميات التي يحتاجونها، ويمكنهم الشراء مباشرة من الاسواق لتسهيل الامر عليهم في سد احتياجاتهم، لكن بشرط ان تكون ادوية خضعت للفحص من قبل مؤسسات صحية رسمية».