اختفاء صحافيين أميركيين في لبنان كانا في طريقهما إلى سورية

السفارة الأميركية في بيروت تؤكد انقطاع أخبارهما.. ونائب في طرابلس يتهم أجهزة «مخابراتية»

تايلور لوك (أ.ف.ب) وهولي كاميلا (شميلا) (أ.ف.ب)
TT

أكدت السفارة الأميركية في بيروت أمس خبر اختفاء مواطنين أميركيين كانا في زيارة للبنان. وكان تايلور لاك وهولي شميلا قد وصلا إلى بيروت قادمين من عمان في 29 سبتمبر (أيلول) وانقطعت أخبارهما في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) وكان يفترض أن يلتحقا بعملهما في الرابع من الشهر الحالي. وأكد رئيس تحرير «جوردان تايمز» سمير برهوم في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» ان تايلور لوك (23 عاماً) كان من المفترض ان يعود الى مكتبه يوم السبت الماضي، وانه يعمل في الصحيفة كمحرر للشؤون المحلية منذ عام بدوام كامل. ولكنه نفى علمه باسباب الاختفاء. واشار الى ان وهولي كاميلا (شميلا) (27 عاماً) التي جاءت من الولايات المتحدة لتعمل في الصحيفة بدوام جزئي، كان يفترض ان تنهي فترة عملها في نهاية الشهر الماضي.

وقال ان تايلور طلب اجازة في عطلة عيد الفطر، وأخبر اصدقاءه انه يريد ان يذهب الى لبنان في اجازة جوا ثم يكمل برا الى حلب والعودة الى عمان برا. وكان من المفترض ان يعود للمكتب يوم السبت الماضي. وقال ان تايلور يتحدث العربية بطلاقة ودائما يتحرك بمفرده في الاردن، وهو ذكي جدا ويجري المقابلات بالعربية. واضاف: «لا نعرف بعد اذا ما كانت اسباب اختفائه شخصية ام سياسية، ولكن هو شاب طيب جدا وليس له أي نشاط سياسي».

أما السفارة الأميركية في بيروت فقد أصدرت بيانا مساء أمس قالت فيه: «تطلب أسرة السيدة هولي شميلا (27 عاما)، واسرة السيد تايلور لاك (23 عاما) المساعدة من الجمهور في الحصول على معلومات عن مكان وجود هذين المواطنين الأميركيين. منذ الأول من اكتوبر (تشرين الأول) 2008، لم يسمع عن هذين المواطنين شيئا عندما غادرا بيروت في طريقهما الى جبيل وطرابلس». وأفاد البيان «وصلت السيدة شميلا والسيد لاك الى لبنان في 29 ايلول (سبتمبر) من عمان ـ الأردن لتمضية اجازة. وفي الأول من اكتوبر، أعلما صديقا لهما بأنهما سيذهبان في ذلك اليوم من بيروت الى طرابلس من طريق جبيل، ثم سيسافران برا الى سورية قبل العودة إلى الأردن. وكان من المقرر ان يكونا في مقر عملهما في الأردن في 4 أكتوبر ( تشرين الأول)». وأوضحت السفارة أنها «تعمل مع قوى الأمن الداخلي اللبناني والأمن العام على متابعة دلائل اضافية لهذا التحقيق. إضافة إلى ذلك، ان السفارة الاميركية في بيروت تعمل بالتنسيق مع سفارتي الولايات المتحدة في عمان ودمشق ومع وزارة الخارجية في واشنطن. واذا كان لدى أي شخص معلومات عن مكان وجود السيدة شميلا والسيد لاك الرجاء الاتصال بالسفارة الاميركية على الرقم 04542600، وغرفة العمليات في قوى الأمن الداخلي على الرقم 01425250 أو الطوارئ في قوى الأمن الداخلي على الرقم 112».

وأوضح مصدر امني لبناني أن المفقودين وصلا الى لبنان في 29 سبتمبر وغادرا فندقهما في بيروت في اليوم التالي بعدما دفعا فاتورتي حسابهما، مشيرا الى انه «في الأول من أكتوبر أجرى احد ما عملية سحب مبلغ مالي بواسطة بطاقة لاك الائتمانية من صراف آلي في بيروت». وتابع «نحن نقوم بعمليات بحث مكثفة للعثور عليهما». وأضاف أن السفارة الأميركية في بيروت أبلغت الشرطة أول من أمس بان المواطنين الأميركيين فقدا، مشيرا الى انه لم يتسن الاتصال بالمفقودين بواسطة هاتفيهما الخلويين (الجوّالين). ونزل الأميركيان في وسط بيروت بفندق «موزار»، وقال مدير الفندق، نمر شلالا، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الشرطة ومسؤولين في السفارة استجوبوا موظفي الفندق مرات عدة». وقال «لقد جاء موظفون من السفارة الأميركية الى هنا ثلاث مرات وحضرت الشرطة مرة واحدة».

وفي الأسبوع الماضي حذرت السفارة الأميركية مواطنيها من تهديد أمني في لبنان في النصف الأول من أكتوبر (تشرين الأول) وربطت تصاعد المخاطر بانتهاء شهر رمضان. وأثار نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، ديفيد هيل، مخاوف من التشدد الإسلامي في شمال لبنان عبر محادثاته مع القيادة اللبنانية خلال اليومين الماضيين. وأسفر تفجير سيارة دبلوماسية أميركية في يناير عن مقتل ثلاثة من المقيمين في بيروت. وفي الشهرين الماضيين كان الجيش اللبناني هدفا لتفجيرين. وأدى الهجومان اللذان وقعا في مدينة طرابلس في شمال لبنان الى مقتل 14 جنديا وثمانية مدنيين. وفي هذا الاطار، قال النائب عن طرابلس مصطفى علوش ان «ما تستطيع أن تؤكده لنا المصادر الأمنية لغاية الآن هو ان الصحافيين الأميركيين قد اختفيا، لكن لا شيء يشير إلى انهما اختطفا أم لا، وفي أي مكان، وهل تم ذلك في مدينة طرابلس أم في مكان آخر». وبحسب علوش فإن «مدينة طرابلس لا يستطيع أن يقدم إنسان عادي فيها على اختطاف صحافيين أجنبيين، يمران في شوارعها، بالسهولة التي يتصورها البعض». ويضيف علوش: «عملية من هذا النوع، إن هي حدثت بالفعل، فمعناها ان هناك من راقب الصحافيين وتابعهما وعرف وجهتهما وسبقهما إلى المكان الذي سيمران فيه، وهذا يحتاج الى عمل مخابراتي محكم لا يقوم به مواطنون عاديون، وإنما أجهزة مخابراتية منظمة ولها خططها». وأكد أن لا إجراءات أمنية خاصة أو استثنائية على الإطلاق في بيروت، وليس هناك أي عمليات تفتيش أو دهم أو تشديد على الحواجز، مما يوحي أن ثمة ما يتم البحث عنه».

تجدر الاشارة الى ان خبر اختفاء الصحافيين الاميركيين على الاراضي اللبنانية، اثار بلبلة في الاوساط السياسية والامنية بعد أن نشرته امس احدى الصحف اللبنانية. وقد انشغلت السفارة الاميركية في بيروت في هذا النبأ، وكان مدار متابعة واتصالات على اكثر من صعيد لمعرفة مدى صحته وما يمكن ان يترتب عليه من تداعيات على الامن اللبناني برمته.

واكد مصدر امني بارز لـ«الشرق الاوسط» ان المديرية العامة لقوى الامن الداخلي وفور تلقيها بلاغ السفارة الاميركية، طلبت من شعبة المعلومات ووحدة الشرطة القضائية البحث عن المفقودين واجراء التحريات اللازمة وتعميم بلاغات عنهما، في حين اعلن مصدر قضائي ان القضاء نظم محضر معلومات رسميا بواقعة دخول هذين الشخصين واقامتهما، وطلب من الاجهزة الامنية تكثيف تحركاتها توصلا الى كشف مصيرهما بالسرعة الممكنة.