اليهود المتطرفون يدعون إلى ترحيل العرب عن المدينة والعرب يتهمون اليمين باستغلالهم

عشرات الجرحى والمعتقلين في صدامات دامية بين اليهود والعرب في عكا

فلسطينيون من عرب إسرائيل يهددون بالحجارة بعد تجدد المواجهات في عكا بين اليهود والعرب للمرة الثانية خلال يوم واحد (رويترز)
TT

شهدت مدينة عكا الساحلية في الشمال الاسرائيلي خلال يومين متواصلين صدامات دامية بين المواطنين العرب واليهود أسفرت عن عشرات الجرحى والمعتقلين من الطرفين وأدت الى اعلان حالة استنفار للشرطة في جميع أنحاء اسرائيل. وقد بدأت الصدامات في منتصف ليلة الأربعاء/ الخميس عندما قام مواطن عربي (من فلسطينيي 48) بدخول حي مختلط (يعيش فيه اليهود والعرب) بسيارته لكي يجلب ابنته من بيت خطيبها. وجاءت زيارته هذه في ساعات يوم الغفران الذي يمتنع فيه اليهود عادة عن تشغيل السيارات وأية آلات أخرى، حيث انهم يمضون هذا اليوم بالصوم الكامل والصلوات وطلب الغفران والتسامح. وكانت مجموعة كبيرة من الشبان اليهود يتسكعون في الحي فاعتبروا دخول السيارة العربية الى الحي استفزازا لمشاعرهم الدينية فهرعوا الى السيارة ليعاقبوا سائقها.

المعروف ان القانون الاسرائيلي لا يلزم المواطنين بالانصياع لأحكام الدين حتى لو كان يهوديا. ولكن اليهود المتدينين بتعصب يحاولون فرض قوانين الدين بالإكراه حتى على العرب. وقد أوضح السائق العربي، جمال توفيق ،48 عاما، انه دخل الى الحي فقط لإحضار ابنته من بيت خطيبها ولم يقصد البتة استفزاز مشاعر اليهود الدينية. لكن الشبان اليهود، بقيادة عدد من المتطرفين العنصريين، لم يكونوا مستعدين لسماع تفسيراته، فهجموا عليه بشراسة وهم يحملون العصي والحجارة. وأصابوا ابنه الذي كان برفقته فخري ،18 عاما، بجراح. فعندما شاهد الدماء تنزف من وجه ابنه، سحبه الى داخل العمارة التي يعيش فيها خطيب ابنته، فيما راح المعتدون يحطمون السيارة. ثم اعتدوا على خطيب ابنته الذي هرع لحماية عمه وشقيق خطيبته.

واستدعى والد الخطيب، أحمد شعبان، الشرطة وسيارة الاسعاف لإنقاذ جمال توفيق وابنه. فلم يسمح المعتدون اليهود لسيارة الاسعاف أن تصل، فيما هاجموا سيارة الشرطة، فما كان من الشرطي إلا أن دعاهما الى الهرب. وفي هذه الأثناء وصلت اشاعات الى عكا القديمة (التي يعيش فيها عرب فقط) تقول ان جمال توفيق قد قتل فراح أئمة المساجد يحضون الناس الى الدفاع عن المدينة، فهب المواطنون العرب بالمئات يتدفقون على عكا الجديدة (المختلطة)، فاشتبكوا مع اليهود، الذين كانوا قد حاولوا اقتحام العمارة التي تسكنها عائلة شعبان. وتدخلت قوات كبيرة من الشرطة وفصلت بين الطرفين، واعتقلت عشرة مواطنين عربا وثلاثة مواطنين يهود.

وفي اليوم التالي، بعد انتهاء يوم الغفران، تجمع مئات الشبان اليهود المتطرفين وهاجموا البيوت العربية في عكا الجديدة بحجة ان «الشرطة لم تتعامل بحزم مع المتطرفين العرب»، وراحوا يهتفون «الموت للعرب». وأفلتوا الكلاب على البيوت العربية وقذفوا عليها قنابل صوتية لبث الفزع وحمل بعضهم الأسلحة. وتدفق الى المدينة عدد من أعضاء الكنيست (البرلمان الاسرائيلي)، النواب العرب منهم وقفوا مع المواطنين العرب واتهموا الشرطة بالتساهل مع العنصريين اليهود وأشاروا الى ان هذه الاعتداءات استهدفت إثارة التوتر في المدينة لأهداف حزبية بسبب الانتخابات البلدية التي ستقام في الشهر المقبل. والنواب اليهود منهم راحوا يجددون الدعوة الى ترحيل العرب من البلاد.

وقد دعا رئيس الوزراء ايهود أولمرت قادة العرب واليهود الى ضبط النفس وتهدئة الخواطر. وقال ان التعايش اليهودي العربي بسلام وتعاون هو أحد أهم أركان المجتمع الاسرائيلي وكل من يمس فيه انما يضرب المصلحة الوطنية الاسرائيلية ويمس بالحصانة القومية للدولة. وقال وزير الأمن الداخلي، آفي ديختر، انه يفضل أن يرى العرب يحترمون المشاعر الدينية لليهود واليهود يحترمون المشاعر الدينية للعرب. ولكن لا يحق لليهود ان يعتدوا على العرب في حال دخولهم الحي اليهودي في يوم الغفران لأن هذا يعني انهم أخذوا القانون بأيديهم.