موشيه ديان نظم العمليات الإرهابية الإسرائيلية في القاهرة ولصق التهمة بوزير دفاعه

رئيس المخابرات العسكرية يكشف سره بعد 54 عاما

TT

بعد مرور 54 سنة على وقوعها، كشف النقاب في تل أبيب عن ان موشيه ديان، إحدى الشخصيات الأسطورية في اسرائيل، هو الذي أعطى الأوامر بتنفيذ عمليات الارهاب الاسرائيلية في مصر في سنة 1954، وانه دبر مؤامرة لإلصاق التهمة بوزير الدفاع حتى يتخلص منه.

وجاء هذا الكشف من خلال مراجعة مذكرات رئيس جهاز المخابرات العسكرية في الجيش الاسرائيلي، بنيامين جيبلي، الذي توفي قبل شهرين عن عمر يناهز الثانية والثمانين. ويتضح منها ان ديان، الذي كان يومها رئيسا لأركان الجيش، لم يكن وحده في هذه المؤامرة، بل شاركه فيها رئيس الوزراء الأول في الحكومة الاسرائيلية، دافيد بن غوريون، ومدير عام وزارة الدفاع في ذلك الوقت، شيمعون بيريس (الرئيس الاسرائيلي الحالي).

والمعروف ان تلك العمليات نفذت في يوليو 1954. ففي حينه أرادت اسرائيل توريط مصر بقيادة جمال عبد الناصر مع الأميركيين، بعد أن كان قد فتح صفحة جديدة من العلاقات معهم. وأرادوا منع آخر القوات البريطانية من مغادرة مصر فأرسلت مجموعة من رجال «الموساد» (جهاز المخابرات الاسرائيلي الخارجية) الى مصر، واختارتهم من اليهود القادمين من مصر، وكلفتهم بتنفيذ عمليات ارهاب لتفجير مؤسسات أميركية. لكن هذه الخطة فشلت، حيث ان الشرطة المصرية اكتشفت الخلية الإرهابية اليهودية، وحاكمتهم وأعدمت اثنين منهم. وأعلنت على الملأ قصتهم بالتفصيل، مما أساء الى العلاقات الاسرائيلية الأميركية والاسرائيلية البريطانية. وقد احتاجت اسرائيل الى عدة شهور حتى تمت تسوية الأمور بينها وبين البلدين، ولم يكن ذلك مجانا. وفي اسرائيل، أثارت هذه القضية ضجة كبرى في ذلك الوقت، وكان لا بد أن يدفع أحد ما ثمن هذه الجريمة. وقد أقيمت لجنة تحقيق في الموضوع خرجت باستنتاج ان المسؤول عن العملية هو وزير الدفاع، بنحاس لافون، فأقيل كما أقيل رئيس الوزراء في حينه، موشيه شريت، باعتباره المسؤول الأول عنها. وأعيد بن غوريون الى رئاسة الحكومة، فيما اصبح موشيه ديان وزيرا للدفاع. ورضيت بريطانيا والولايات المتحدة بالنتيجة. لكن الباحثين الاسرائيليين لم يقتنعوا بهذه النهاية وساد شعور بأن شريت ولافون وقعا ضحية تحريض من أطراف أخرى في الحلبة السياسية والعسكرية، خصوصا انهما كانا من الجناح المعتدل في الحركة الصهيونية اللذين أيدا السلام مع العرب. ويتضح من مذكرات رئيس المخابرات العسكرية جيبلي ان هناك عملية تضليل تمت في لجنة التحقيق وانه شخصيا وكذلك نائبه موتكا بن تسور، هما المسؤولان عن التضليل. فقد دافعا عن ديان وقالا انه لم يكن في البلاد عند تنفيذ العمليات ولم يعرف عنها شيئا، وان لافون ومن هو فوقه في سلم السلطة هما المسؤولان اللذان أعطيا الأوامر. واقتنعت اللجنة برأييهما، خصوصا ان ديان أقنع اللجنة بانه بريء تماما من الموضوع وصادق شيمعون بيريس على روايته. وقد ظل ديان قلقا من الموضوع، وحاول منع تنفيذ عملية تبادل أسرى مع مصر حتى لا يعود الضباط الذين أرسلوا الى العمليات الارهابية ويكشفون القصة من أساسها ويورطونه من جديد. وفقط بعد عملية تبادل أسرى حرب 1956 (العدوان الثلاثي على مصر) أعيدوا، ولحسن حظ ديان لم يشوا به. والسؤال الذي يطرح: لماذا قرر جيبلي أن يكشف الحقيقة في مذكراته؟ والجواب يقدمه جيبلي نفسه في هذه المذكرات، إذ يقول ان ديان خانه وكان سببا في فصله من الجيش فقرر الانتقام. وقد رغب في فعل ذلك في سنوات الستين، لكن الحزب الذي ضمه وضم معه ديان وبيريس («مباي» في حينه الذي أصبح حزب العمل)، وفر له عملا مغريا لم يكن يريد أن يخسره. فهذا العمل جعل منه فيما بعد أحد أغنياء اسرائيل. فاضطر الى التزام الصمت. واحتفظ بسره في مذكراته.