الصحافيان الأميركيان يناقضان رواية دمشق الرسمية: اختطفنا في طرابلس واقتادونا عنوة إلى سورية

حادثتهما تفتح ملف العائلة الأردنية «المختفية» في بيروت

أطفال يشاركون في تظاهرة في بيروت نظمتها امس الامهات اللبنانيات المتزوجات من أجانب لإعطاء ابنائهن حق الحصول على الجنسية اللبنانية (رويترز)
TT

تضاربت أقوال الصحافيين الاميركيين اللذين وصلا عمان فجر أمس قادمين من سورية، بعد ان تم تسليمهما الى السفارة الاميركية في دمشق, مع الرواية السورية.

ورغم عدة محاولات للاتصال بالصحافيين تايلور لاك وزميلته هولي كاميلا، إلا انهما لم يردا على هاتفيهما الجوالين، فيما نقل رئيس تحرير صحيفة «الجوردان تايمز» سمير برهوم لـ«الشرق الاوسط» ان الصحافيين يخلدان الى الراحه، وطلبا عدم الاتصال معمها وأغلقا هاتفيهما، حتى ينالا قسطا من الراحة بعد رحلة شاقة بين بيروت ودمشق وعمان .

وبحسب برهوم، فقد أبلغه تايلور انهما تعرضا لعملية اختطاف في طرابلس قبل عشرة أيام وأنهما اقتيدا عنوة إلى سورية، التي اتهمتهما بالدخول إلى أراضيها على نحو غير مشروع قبل أن تطلق سراحهما مساء أول من أمس، بعد ساعات من إعلان واشنطن عن اختفائهما في ظروف غامضة. وتتناقض رواية لاك وزميلته كاميلا مع بيان رسمي سوري، إذ بينما يؤكد الشابان أنهما اختطفا واعتقلا قبل عشرة أيام جاء في بيان دمشق الرسمي أنهما اعتقلا أول من أمس بتهمة محاولة التسلل إلى داخل الأراضي السورية. وبحسب برهوم، فقد أبلغه لاك وكاميلا أنهما «تعرضا للاختطاف واقتيدا عنوة إلى داخل الأراضي السورية». واتهما سائق سيارة أجرة وشخصا ثانيا «متواطئا» معه بخطفهما في مدينة طرابلس المتاخمة للحدود السورية شمال لبنان .

وكان لاك وكاميلا ينويان الذهاب إلى حلب (شمال سورية) على متن حافلة، إلا أنهما وجدا مكتب الحافلات مغلقا، فعرض عليهما سائق سيارة أجرة أن يقلهما إلى مقصدهما، بعد أن أقنعهما بأنه متخصص «في القيام بمثل هذه الرحلات بموافقة السلطات السورية». وفي الطريق «انحرف سائق السيارة، الذي كان برفقة زميل له، عن مساره الرئيسي، وحين سأله لاك عن مكان الحدود، لم يجبه»، وبينما واصل سيره، أغلق السائق أبواب المركبة وطلب من الشابين تسليمه نقودهما، لكنهما رفضا الانصياع لطلبه، بحسب روايتهما، وفي تلك اللحظة، ظهرت مركبة عسكرية اعترضت سيارة الأجرة، ثم صادر الجنود السوريون جوازي سفر الأميركيين وحقائبهما وهاتفيهما قبل أن يصعدوهما إلى السيارة العسكرية. لم يدرك الصحافيان أنهما داخل الأراضي السورية إلا عندما لمحا لوحة طريق تشير إلى أن قلعة الحصن تبعد 20 كليو مترا». ووجه المحققون داخل أحد سجون سورية إلى الشابين تهمة التسلل إلى الاراضي السورية، لكنهما نفيا التهمة وأحجما عن الإفصاح عن مهنتهما بأنهما صحافيان. وشدد الصحافيان على أنهما لم ينويا اطلاقا خرق القوانين السورية. وقال لاك إنه زار سورية أكثر من مرة، وحصل على تأشيرة دخول الى دمشق على الحدود البرية، وكان ينوي الحصول على التأشيرة في مركز «العبودية» القريب من مدينة طرابلس على الحدود السورية اللبنانية في الشمال. وبحسب راوية لاك لبرهوم ، فانه تفاجأ حين أصبح داخل الاراضى السورية وأدرك انه وقع في فخ من قبل السائق، الذي لم يكشف النقاب عن اسمه، وأضاف لاك انه تم اقتياده وزميلته الى احد المراكز الامنية في مدينة حمص السورية، القريبة من الحدود السورية اللبنانية، وتم توقيفهما لمدة اسبوع قبل ترحليهما الى العاصمة دمشق، لعرضهما على المحكمة، من دون ان يبلغا السلطات السورية انهما صحافيان أميركيان يعملان لحساب «الجوردان تايمز» في عمان. وبحسب الرواية، انتبهت السلطات السورية الى اسماء لاك وزميلته، بعد اعلان نبأ فقدان الاتصال بهما في لبنان، وعند ذلك اعترفا انهما صحافيان يعملان في الاردن، وأبلغا السلطات السورية بما جرى معهما، وقبل تسليمهما الى السفارة الاميركية في دمشق، أعيدت لهما جميع متعلقاتهما الخاصة، وأمنت السفارة نقلهما الى العاصمة الاردنية. ولم تعمد السلطات الامنية الاردنية على الحدود الى استجوابهما.

وردا على سؤال، قال برهوم «لاك سيعود الى عمله كالمعتاد من دون أي اجراء قانوني، كونه حصل على اجازة قانونية من الصحيفة وتأخيره عن العمل خارج عن ارادته، خاصة انه من المحررين الاكفاء الذين يعمل برغبته أكثر من 12 ساعه يوميا من دون كلل وتعب». وبالنسبه لكاميلا، قال برهوم «قدمت الى الاردن لتتعلم اللغة العربية وهي أنهت دراستها في الجامعة الاردنية، وكانت تتعاون مع الصحيفة بنظام القطعة، وكانت ستعود الى الولايات المتحدة قبل قيامها بجولة الى لبنان وسورية».

وكان محررو «الجوردن تايمز» قد كشفوا قبل يومين أنهم فقدوا الاتصال بلاك وكاميلا منذ توجها جوا إلى بيروت في 29 سبتمبر (أيلول)، وكان من المفترض أن يواصل الصحافيان جولتهما برا إلى حلب قبل العودة إلى مقر إقامتهما في عمان. وقد اتضح اختفاء الشابين حين أعلنت الشرطة اللبنانية قبل يومين أن لاك وكاميلا غادرا أحد فنادق شارع الحمرا في بيروت بعد يوم من وصولهما إلى لبنان من دون أن يعرف إلى أين توجها. وفتح موضوع عملية اختطاف الصحافيين الاميركيين ملف العائلة الاردنية التي أعلن عن اختفائها فى بيروت منذ عطلة عيد الفطر المبارك، حيث تواصل السفارة الأردنية في بيروت والأجهزة اللبنانية المعنية التحقيق في سر اختطاف سيدة أردنية وبناتها الثلاث من أمام فندق في منطقة الرملة البيضاء في بيروت الخميس قبل الماضي، بحسب مصدر في وزارة الخارجية الاردنية.

ووقع الاختطاف بينما كانت السيدة وبناتها الثلاث (3 و5 و9 سنوات) ينتظرن رب الأسرة داخل سيارة العائلة أمام الفندق الذي نزلوا فيه خلال إجازة العيد، عندما دهم «مجهول السيارة فجأة وقادها إلى جهة غير معلومة»، وفق مصدر في الوزارة. وكان السفير الاردني لدى لبنان زياد المجالي قد قال إن الاجهزة الامنية اللبنانية تتابع عن كثب موضوع العائلة الاردنية المفقودة في لبنان ، الا انه لم يتم التوصل الى حل لغز اختفائهم حتى الان. وكانت قوى الأمن اللبنانية قد عممت في كافة المناطق الحدودية ونقاط التفتيش، على سيارة رب الأسرة، بحسب المصدر نفسه الذي أكد أن «التحقيق ما يزال جاريا في الحادثة»، ولم ترد أي مستجدات حتى الآن، موضحا أن «السفارة الأردنية في بيروت تتابع الموضوع». وتشير التقارير الأولية إلى أن «طريقة المداهمة كانت عادية وغير مثيرة للريبة» بحسب المصدر نفسه. وفي الوقت الذي يعيش جدا المختطفات، حالة قلق وتوتر على أسرة ابنهما، فإن دموع الجدة أم أحمد ياسين (63 عاما) على فراقهن قبل أربعة أيام لم تجف بعد. وبحرقة تقول إنها قبّلت حفيداتها قبيل مغادرتهن ثاني أيام العيد إلى لبنان وانها أصبحت خائفة على ابنها الهائم على وجهه بحثا عن بناته وزوجته.