هايدر.. سحر مؤيديه وأثار استياء أوروبا

TT

يورغ هايدر ولد لأب صانع أحذية وأم معلمة ابنة طبيب، التحقا بالمنظمات الشبابية التابعة للحكم النازي. كان خطيبا مفوها وبارعا وناشطا، شكل، حتى وفاته في حادث سير وعلى مدى عشرين سنة، «رمزا» لليمين المتطرف النمساوي الأقوى بين تيارات اليمين في اوروبا. وهو متزوج وله ابنتان توأمتان في مقتبل العمر وقد اشتهر كثيرا بحرصه على أناقته وحب السيارات الفارهة وممارسة الرياضة.

اشتهر هايدر الذي ولد في 26 يناير 1950 بمدينة باد غويزرن، منذ اواخر التسعينات بكونه اكثر السياسيين الاوروبيين تشددا ويمينية لدرجة انه لم يخف اعجابه بالسياسة العمالية لحكومة الرايخ الثالث، ومعاداته للأجانب ولعضوية النمسا في الاتحاد الاوروبي. ولمع نجم هايدر بعد تفوق حزبه في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1999، عندما نال الحزب 27 في المائة من نسبة الاصوات، ما اتاح لحزب هايدر المشاركة في الحكومة الائتلافية عام 2000 في حكومة المستشار فولفغانغ شلوسل التي اثارت استياء كبيرا في اوروبا بسبب تصريحاته المعادية للسامية. وقد ادت مشاركته هذه الى فرض عقوبات دبلوماسية اوروبية على النمسا لعدة اشهر.

الا انه اضطر في 28 فبراير (شباط) 2000 للاستقالة من رئاسة الحزب والانكفاء، مكتفيا برئاسة حكومة اقليم كرنسيا جنوب البلاد حيث كرس لادارة كرنسيا كل وقته وجهده. وقد بادله سكان الاقليم حبا بحب، بدليل تفضيلهم لانتخابه لمنصب الحاكم منذ 1989.

 وفي العام 2005 عاد هايدر للاضواء على مستوى القطر مرة اخرى عندما اعلن انشقاقه عن حزب الحرية مكونا حزبا سياسيا جديدا باسم «التحالف من اجل مستقبل النمسا» الذي عكس تغييرا ملحوظا في شخصية هايدر وآرائه وانه أصبح اقل حدة وأخف يمينية، خاصة انه اعتذر عما سبق وصرح به من اشادة بالسياسة الهتلرية.

تمكن هايدر في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم 29 الماضي من تحقيق نصر كبير بمضاعفة المقاعد البرلمانية التي حظي بها حزبه بفوزه بنسبة 12 في المائة من الاصوات فيما نال حزب الحرية 18 في المائة من الاصوات، ما جعل الحزبان يمثلان نسبة 30 في المائة من الاصوات ما يعد اكبر نصر يحققه اليمين الاوروبي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقود حزب الحرية هاينز كرستيان اشتراخا، وهو تلميذ قديم لهايدر، ويعتبره كثيرون نسخة من هايدر في شبابه عندما كان عنيفا متطرفا في معتقداته السياسية. وكان هايدر طيلة الايام الماضية التي اعقبت ظهور نتيجة الانتخابات مشغولا في لقاءات سياسية مع قادة الاحزاب بحثا عن تحالف مضمون لتكوين حكومة ائتلافية. كما أشارت مصادر لمباحثات بين حزبه وحزب الحرية لتوحيد الحزبين. وفي عام 1986 اصبح رئيسا لحزب الحرية  مناديا بمبادئ يمينية عنصرية متشددة، ويطالب بتقييد ما بدأ كسيل من الدفعات التي تصل النمسا من مهاجرين خاصة من دول الجوار الشرق الاوروبية. ثم اشتدت معارضته للاجانب بعد ان توسعت سيول تلك الهجرة عاما بعد عام لتشمل جماعات اكبر، من عرب واتراك وافارقة، لم يخجل هايدر من اتهامهم بسرقة المساعدات الاجتماعية واستنزافها بكثرة المواليد والتحايل على القوانين.

ثم صعد من حملته ليعارض بشدة السياسات الاوروبية التي يدعو لها الاتحاد الاوروبي، واقفا ضد ما وصفه بانسلاخ النمسا وذوبانها في الاتحاد الاوروبي. وحاول تنفيذ سياسة شديدة الانضباط في اقليم كرنسيا بالحد ما امكنه من وجود اجانب في الاقليم ما ادخله في مشاكل قانونية عميقة عندما رفض الالتزام بأوامر من المحكمة العليا التي أمرته بتدريس اللغة السلوفانية في المناطق التي تسكنها اغلبية من دولة سلوفينيا، ولكنه اصر ان لغة النمسا هي اللغة الالمانية فقط.

 ربطت هايدر بالعالم العربي علاقة صداقات قوية مع بعض رموزه. وقد زار العراق اكثر من مرة ابان فترة المقاطعة لنظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين. وقبل عامين أكد لـ «الشرق الاوسط» رغبته في استقبال مستثمرين عرب للاستثمار في اقليم كرنسيا الذي وصفه بارض «متعددة الثروات تفتح ذراعيها للاجانب المنتجين، وليس لمن يرغبون في امتصاص خيراتها»، في إشارة للمهاجرين.