العاهل المغربي يعلن موعد الانتخابات البلدية ويعتزم تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي قريباً

حث الحكومة على اتخاذ التدابير لتخفيض السن القانونية للترشيح للبلديات من 23 إلى 21 سنة

TT

أعلن العاهل المغربي الملك محمد السادس أن انتخابات المجالس المحلية، البلدية والقروية، ستجرى يوم 12 يونيو (حزيران) المقبل، ودعا الأحزاب السياسية الفاعلة، إلى أن «تجعل من الفترة الفاصلة بيننا وبين هذا التاريخ، فرصة لبلورة برامج للتنمية المحلية المندمجة، ولانتقاء النخب المؤهلة، للنهوض بها بكل كفاءة وأمانة».

ودعا العاهل المغربي، في خطاب ألقاه مساء أول من أمس، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الثامنة، الجميع، من سلطات وهيئات وأفراد وجماعات، إلى الالتزام باحترام القانون بكل مسؤولية ويقظة وتجرد وحزم، في ضمان مساواة الأحزاب السياسية، وكافة المواطنين أمامه، بدون أي مفاضلة.

وحث ملك المغرب الحكومة على اتخاذ التدابير اللازمة، قصد تخفيض السن القانوني للترشيح الانتخابي للبلديات، من 23 إلى 21 سنة. كما دعا الحكومة والبرلمان إلى التعاون المثمر من أجل إيجاد الآليات الناجعة لتشجيع حضور ملائم وأوسع للمرأة في المجالس البلدية، ترشيحا وانتخابا، موضحا أن الغاية المثلى من ذلك هي ضمان التمثيلية المنصفة للنساء في البلديات، وبالأساس تمكين مجالسها من الإفادة من عطاء المرأة المغربية المؤهلة بما هو معهود فيها من نزاهة وواقعية وغيرة اجتماعية.

وأكد العاهل المغربي أن البلديات تعد المحك الفعلي لترسيخ ثقة المواطن في الهيئات التمثيلية، لأنها مجالس مؤتمنة على حاجياته الأساسية ومعيشه اليومي، «لذا، يتعين على الجميع، ألا يدخر جهداً، في جعل الانتخابات المقبلة، استحقاقات تنموية، وليس مجرد رهانات سياسوية».

واعتبر العاهل المغربي أن التحدي الانتخابي الفعلي، يتمثل في كسب رهان التنافسية الحقة القائمة على تعددية نوعية تنصب حول مخططات تنموية مضبوطة، وليس مجرد تعددية شكلية، مقتصرة على تضخم أعداد المرشحين، والألوان والرموز، بدون أي تمايز نوعي في الاختيارات والبرامج.

وقال الملك محمد السادس: «إننا لمصممون على تفعيل الإرادة الجماعية، لجعل التنافسية متكافئة، بين كل الهيئات والمرشحين، بدون أي تمييز، كما أننا حريصون على أن يتجسد ذلك، في جعل الهيئات السياسية، أغلبية ومعارضة، على بينة من موعد الانتخاب، حتى يتاح للجميع خوضه، على قدم المساواة».

وشدد العاهل المغربي على ضرورة تقوية العمل السياسي القائم على المشاركة المسؤولة للأحزاب الجادة في حسن تدبير الشأن العام على أساس نتائج الاقتراع، موضحا أن ذلك يتطلب توسيع الانخراط الملتزم لكافة الفئات الاجتماعية، وفي طليعتها الشباب، ليسهم بطاقاته وطموحاته البناءة، ليس فقط في الاختيار الواعي لممثليه، بل أيضا في تحمل مسؤولية تدبير الشأن العام المحلي؛ باعتباره الأساس المتين للحكامة الجيدة.

الى ذلك، أعلن الملك محمد السادس عزمه على تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي في أقرب الآجال، داعيا الحكومة إلى التعجيل بإعداد مشروع قانونه التنظيمي، وإيداعه بالبرلمان، قبل نهاية دورته الحالية.

وقال العاهل المغربي إن الهدف من تفعيل هذه المؤسسة الدستورية ذات الطابع التنموي، والتي تندرج ضمن التوجه الراسخ للتأهيل المستمر للإصلاح المؤسسي الشامل، يتمثل في تعزيز منظومة الهيئات الاستشارية الوطنية، التي أبانت عن مصداقيتها وفعاليتها في المجال السياسي والحقوقي.

وأضاف الملك محمد السادس «إن حرصنا على ترسيخ دولة القانون، وتخليق الحياة العامة، منهج متكامل، لا يقتصر على مجرد مظاهر إدارية أو سياسية، أو عمليات انتخابية، وإنما يمتد إلى المجال الحيوي، لسلامة وشفافية المعاملات الاقتصادية»، مبرزا أن الحكامة الجيدة، لا يمكن اختزالها في المجال الحقوقي، أو السياسي فقط، بل تشمل أيضا الميدان الاقتصادي.

واعتبر العاهل المغربي أن التخليق الشامل يعد من مستلزمات توطيد دولة الحق في مجال الأعمال، الشيء الذي يقتضي تعزيز الآليات اللازمة، لضمان التنافسية المفتوحة، وصيانة حرية السوق من كل أشكال الاحتكار المفروض ومراكز الريع، والوقاية من كل الممارسات الشائنة.

وأكد ملك المغرب حرصه على تفعيل مجلس المنافسة والهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، وكذا توفير مجموعة من التشريعات والآليات لحماية حرية المبادرة، وضمان المنافسة النزيهة، داعيا مختلف الهيئات إلى ممارسة الصلاحيات المنوطة بها على الوجه الأكمل، وبما يتطلبه الأمر من حزم وإقدام وغيرة على الصالح العام.ww وأكد العاهل المغربي أنه آن الأوان للتصدي لأضرار معضلة الرشوة المعرقلة للتنمية والمنافية للقانون والمواطنة والتعاليم الدينية، وحث الجميع، أفرادا وجماعات وسلطات وهيئات، على مكافحة هذه المعضلة بالإرادة الحازمة والصرامة في تطبيق القانون؛ مراقبة ومساءلة ومحاسبة وعقوبات زجرية.

ومن جهة أخرى، قال العاهل المغربي «إن بلدنا يواجه تحديات داخلية، ما فتئنا نعمل على رفعها بإصلاحات عميقة، وأوراش تنموية وطنية ومحلية». ودعا البرلمانيين إلى الانخراط القوي في المجهود الإصلاحي الوطني من خلال تشريعات متقدمة ومراقبة ناجعة، وتأطير ميداني فعال للناخبين، وكذا مضاعفة الجهود، لتعزيز حضور المغرب في مختلف المحافل الجهوية والدولية التي للبرلمانات صوت مسموع فيها، «جاعلين غايتكم المثلى، الإسهام في الدفاع عن مختلف القضايا الكبرى للأمة، وفي صدارتها، كسب المزيد من الدعم لقضية وحدتنا الترابية. باعتبارها أسبقية الأسبقيات».

وأكد ملك المغرب حرصه على «التفعيل الأمثل لدور المؤسسات، بإسهامها بكيفية أقوى في تفعيل الاختيارات الوطنية الكبرى، وبانتهاج ما ارتضيناه من ديمقراطية تشاركية، بما تنطوي عليه من عمق تنموي، وروح مواطنة»، مؤكدا أيضا أنه سيظل «ساهرا على أن يسير المغرب بخطى دؤوبة، على هذا النهج القويم، لنحقق المزيد من التطور، على درب الوحدة والاستقرار والتقدم والازدهار».

ودعا الملك محمد السادس الجميع إلى أن يشمر عن ساعد الجد، حتى لا تخلف المملكة موعدها مع التاريخ، مشددا على أن يتحمل الكل مسؤوليته، ويتحلى بالمواطنة الملتزمة، من أجل رفع كافة التحديات، الداخلية والخارجية، وكسب الاستحقاقات لأنه لا سبيل إلى ذلك إلا بتعبئة كل الطاقات والتفعيل الأنجع للمؤسسات. وكان العاهل المغربي قد اشرف على تدشين المقر الجديد لمجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).