مواجهات عكا تهدد بترحيل العرب أو إطلاق «انتفاضة ثالثة»

إحراق بيوت العرب.. ويهود «متدينون» من خارج المدينة ينفذون الاعتداءات

TT

بعد هدوء دام ساعات طويلة، أقدمت مجموعة كبيرة من اليهود المتطرفين على استئناف الاعتداءات على المواطنين العرب (فلسطينيي 48) في مدينة عكا الساحلية، فأحرقوا بيتين عربيين وحاصروا بيتا ثالثا وحاولوا الهجوم على عكا القديمة (العربية) واعتدوا على الشرطة التي صدتهم، وبالمقابل تجمع مئات المواطنين العرب لكي يصدوا اليهود ومنعتهم الشرطة.

وقال مسؤول كبير في الشرطة الاسرائيلية ان «ما جرى في عكا كان يمكن انهاؤه في لحظات لولا قدوم متطرفين من الجهتين واستغلاله لأغراض سياسية وحزبية وآيديولوجية عدائية. ففي الجانب اليهودي، هناك مجموعات من اليمين المتطرف التي تريد العودة الى أجواء التوتر لكي تقدم أجندتها السياسية المعادية للعرب فنراها تدعو الى ترحيل العرب وتصيح «الموت للعرب»، وفي الجانب العربي هناك من يريد استغلال هذه الأحداث وتحويلها الى انتفاضة فلسطينية ثالثة لا تقتصر على عكا بل تنتشر الى جميع القرى والمدن العربية داخل اسرائيل وتمتد نحو الضفة الغربية». وكانت الأحداث في عكا قد تجددت مساء أول من أمس، بعد مرور يوم كامل من الهدوء. وبدأت بقيام حوالي 150 يهوديا متطرفا بمحاصرة مبنى تسكن فيه عائلتان، يهودية وعربية، وراحت تطالب بترحيل العائلة العربية «لأن الآباء شاركوا في الاعتداءات على اليهود». غير انه تبين ان سكان البيت عجوزان، وأولادهما لا يسكنون في عكا بتاتا. وقد حضرت قوات كبيرة من الشرطة، تساندها طائرة مروحية تصور من فوق، وطلبت من اليهود أن يتفرقوا. وعندما رفضوا أعلن تجمعهم غير قانوني وبدأت الشرطة تعتقل عددا منهم، فراحوا يهاجمونها بالحجارة وبالزجاجات الفارغة.

وأمضت الشرطة معظم ساعات الليل، حتى فجر أمس، وهي تلاحقهم وهم يلاحقونها مثل لعبة «القط والفأر»، وخلال ذلك كان يتدخل بعض الشبان العرب بقذف الحجارة على اليهود أو يقوم اليهود خلال ملاحقتهم للشرطة بالاعتداء على كل بيت عربي يصادفونه. وهدأت الأوضاع ساعتين، ولكن تبين ان الهدوء لم يكن سوى خدعة تضليلية. ففي الساعة الثالثة من فجر أمس، أشعلت النيران بشكل متعمد في بيتين عربيين داخل الحي المختلط، مما هدد بإشعال فتيل الصدام مرة أخرى. وقد هرع مئات العرب من سكان المدينة بشقيها العربي والمختلط، ليردوا الاعتداء، لكن قوات كبيرة من الشرطة تصدت لهم قبل الوصول الى هدفهم واعتقلت عددا من قادتهم. وقد لوحظ، أمس، ان المجموعات اليهودية التي تنفذ الاعتداءات على العرب، بغالبيتها الساحقة من خارج المدينة. وحسب معلومات نقلها عضو الكنيست من حزب التجمع الوطني، واصل طه، فإن 850 يهوديا من المعتدين جلبوا من مدينتي طبريا وصفد في الشمال وعملوا جنبا الى جنب مع حوالي 200 طالب في المدرسة الدينية الداخلية و1000 شخص من المستوطنين اليهود الذين تم اجلاؤهم من مستعمرات قطاع غزة وتم توطينهم في عكا منذ ثلاث سنوات. وقال سكان عكا العرب الذين التقوا النائب واصل طه، ان العلاقات بين اليهود والعرب في المدينة كانت رتيبة ومعقولة، بل اتسمت في كثير من الأحيان بالود والصداقة والجيرة الحسنة. ولكن منذ وصول المستوطنين، بدأ التوتر يتصاعد.

وقال طه إن الشعور السائد لدى سكان عكا العرب هو ان هذه القوى اليهودية الخارجية خططت سلفا لارتكاب مذبحة ضد العرب بهدف ترحيلهم. وتابع المتطرفون اليهود نهجهم العدائي أمس بإطلاق حملة لمقاطعة المتاجر والتجار العرب في عكا، فأصدروا منشورا بعنوان «يهودي لا يشتري من عربي»، كما ظهرت دعوات مشابهة في عدة مواقع في الانترنت.

الجدير ذكره ان اليهود في عكا كانوا قد قاطعوا عكا العربية بعد أحداث أكتوبر 2000 (بداية الانتفاضة الفلسطينية، حيث أقام فلسطينيو 48 مظاهرات كبيرة ردا على الاستفزازات للأقصى، فاعتدت عليها الشرطة وقتلت 13 شابا منهم)، واستمرت المقاطعة في حينه سنة كاملة.

وفي غزة، اعتبرت حركتا حماس والجهاد الاسلامي أن الاعتداءات التي يتعرض لها الفلسطينيون في عكا من قبل اليهود، تأتي في اطار مخطط لطردهم من أرضهم. وفي بيان تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه، قالت حماس إن هذه الاعتداءات «تكشف عن وجود مخطط صهيوني خطير يهدف إلى تهجير أهلنا من بيوتهم وأرضهم وطردهم منها بالقوة تمهيداً لقيام دولتهم اليهودية العنصرية المتطرفة على أنقاض شعبنا الفلسطيني وحقوقه وثوابته». واعتبرت أن هذه الاعتداءات تدلل على «همجية وعنصرية هذا الكيان المسخ ومدى التطرف الإرهابي». وطالبت حماس «كل الدول العربية والإسلامية بالعمل الفوري لوقف كافة أشكال الاعتراف والتطبيع والتعاون مع العدو الصهيوني، وفضح مخططاته الإجرامية والعمل على تعزيز صمود شعبنا وتوفير كافة أشكال الدعم له حتى يحمي حقوقه وثوابته». من ناحيتها، اعتبرت الجهاد الإسلامي أن الحملة التي تعرض لها الفلسطينيون في عكا تأتي في الوقت الذي تتواصل فيه الاعتداءات على الفلسطينيين في الضفة الغربية على ايدي المستوطنين. ودعت الجهاد الفلسطينيين في الداخل والخارج الى تنظيم حملات لمساندة ونصرة الفلسطينيين في عكا، داعية الفلسطينيين الى «استخدام كل الوسائل الممكنة للدفاع عن أنفسهم في وجه الصهاينة المحتلين».