دعوات سودانية لإنصاف أهم القبائل العربية في الشمال.. تأثرت من إنشاء أكبر خزان على النيل

خزان مروي .. تخطيط ألماني وأكبر مشروع تنموي تنفذه الصين خارج أراضيها

TT

في تقرير طويل، مع اقتراب تشغيل خزان مروي، على نهر النيل في شمال السودان، انتقد خبير سوداني في الولايات المتحدة سياسة حكومة السودان نحو الذين تأثروا بالبحيرة التي يكونها الخزان، وخاصة قبيلة المناصير التي تعد من اكبر القبائل العربية في شمال السودان، التي اسست لأول دولة عربية اسلامية في البلاد. وقال: «لتنصف الحكومة المناصير، ولترفع ظلم الاجيال عليهم»، واقترح ان تصدر الحكومة مرسوما رئاسيا تتعهد فيه برفع الظلم عن المناصير.

ونال الدكتور عبد الرحيم محمد صالح، الدكتواره عن سيرة هذه القبيلة، واصدر كتابا عنهم، وفي السنة القادمة، سيصدر كتابا ثانيا عنهم، وهو الآن استاذ متعاون في الجامعة الاميركية بواشنطن، واستاذ مساعد في كلية هوارد، في ولاية ماريلاند. ويتوقع بدء تشغيل خزان مروي قبل نهاية السنة. وهو اكبر مشروع تنموي في السودان. وسيكون اكبر مشروع للطاقة الكهربائية المائية في افريقيا. وستمتد بحيرته الى مسافة مائتي كيلومتر تقريبا. وستمتد اسلاك الكهرباء جنوبا الى العاصمة الخرطوم، على مسافة 350 كيلومترا، وشرقا الى ميناء بورتسودان، على مسافة 1000 كيلومتر، وشمالا الى منطقة دنقلا، بالقرب من الحدود السودانية مع مصر. وكان مقررا ان يبنى الخزان من قبل استقلال السودان، سنة 1956. لكن بناء السد العالي في مصر، سنة 1970، غير استراتيجية الاستفادة من مياه النيل.

منذ سنة 2003، تبني خزان مروي شركة صينية، وخططت له شركة المانية، وتمد التوربينات والمولدات شركة فرنسية. وعندما وقعت الصين اتفاقية بناء الخزان، كان ذلك اكبر مشروع تنموي صيني خارج الصين، وكان بداية مشاريع تنمية صينية كبيرة وكثيرة في افريقيا. يكلف المشروع ملياري دولار تقريبا، مولتها قروض من الصين، وبنك التنمية السعودي، وصناديق كويتية، وعمانية، وإماراتية. غير ان ترحيل وإعادة توطين الذين سيتضررون من بحيرة الخزان، وخاصة قبيلة المناصير، اثار مشاكل لا تزال مستمرة، وخاصة إصرار الحكومة على عدم السماح لهم بالبقاء على ضفاف البحيرة الجديدة. وقبل ثلاث سنوات، نصح خبير اوفدته الامم المتحدة بوقف بناء الخزان حتى تحل مشاكل الترحيل واعادة التوطين.

رغم ان صالح قال ان وقت ذلك مضى، انتقد فكرة الخزان. وقال: «كانت هناك بدائل مثل الطاقة الشمسية والرياح. ولا تعيش الخزانات طويلا، لأن الطمي يتراكم أمامها مع مرور السنين». وانتقد نقل المناصير الى اماكن بعيدة. وعدم توفير خيار لهم في بناء منازلهم على اطراف البحيرة، حتى يعيشوا بالقرب من ارضهم القديمة. واشار الى المثل المناصيري: «المربة تربة» (تربة الانسان حيث يتربى). بالاضافة الى ذلك، قال ان معاملة الحكومة للمناصير لم تكن طيبة. ولم تكن تعويضاتها كبيرة. ولم تهتم اهتماماً كافياً بالجانب النفسي والتاريخي للذين ستغمر الماء مناطقهم. وسيعيشون في مناطق غريبة عنهم.  وتحولت المشكلة الى سياسية، الى منافسة بين المؤتمر الوطني الحاكم، والمؤتمر الشعبي المعارض.

وقال صالح ان اغلبية المناصير تؤيد بناء الخزان، كوسيلة لرفع مستواهم. لكنهم كانوا يتوقعون تعويضات كبيرة تجعلهم يهاجرون من المنطقة. واشار الى اغنية يغنونها تقول: «يا الله تجيب لنا الخزان، نهاجر نسكن ام درمان، ناكل الكبدة ولحم الضان».

ومن المفارقات ان صالح خلص الى ان «الدولة الحديثة»، ربما متمثلة في هذا الخزان، ستكون من عوامل تشتيت المناصير، رغم انه كتب كثيرا عن تراثهم، وهويتهم، وفخرهم بعروبتهم. وقال انهم اسسوا اول دولة عربية اسلامية في شمال السودان. وينسبون انفسهم الى الزبير بن العوام.