مدعي غوانتانامو المستقيل يتحدث عن «شكوك خطيرة» تشوب العدالة

بحث عن طريقة عملية يخلص بها نفسه من فوضى المحاكم العسكرية

الكولونيل داريل فانديفيلد «لوس أنجليس تايمز»
TT

كان داريل فانديفيلد يائسا. لقد فقد المقدم متصلب الرأي في جيش الاحتياط، والذي يلقى ثناء رؤسائه لشجاعته في العراق، ثقته في محاكم الحرب التي تعقد في خليج غوانتانامو والتي كان مدعيا فيها.

كان عمله محاطا بسرية بالغة، مما يجعل من المستحيل أن يتحدث إلى الأسرة أو الأصدقاء، لذا اتصل الكاثوليكي الملتزم، بعيدا عن المنزل، بقس عبر الانترنت. وكتب في رسالة إليكترونية في أغسطس (آب): «لقد بدأت أشعر بشكوك تتعلق بما أفعله، وما نفعله كدولة. لم أعد أريد المشاركة في النظام، ولكن أفتقد إلى الشجاعة لكي أستقيل. أنا متزوج ولدي أطفال، ولن يعانوا من هذا الأمر فقط، بل سأفقد أيضا الكثير من الأصدقاء».

بعد يومين، اتخذ الخطوة غير المعتادة بطلبه النصيحة من شخص يقف خصما له، محامي الدفاع العسكري. سأل فانديفيلد المحامي، الرائد ديفيد فراكت في احتياطي القوات الجوية: «كيف أخلص نفسي من هذا المكان؟»، وكان المحامي وكيلا عن شاب أفغاني، كان فانديفيلد المدعي الذي يوجه له اتهام بمهاجمة جنود أميركيين، على الرغم من شكوك فانديفيلد من أن محمد جواد سيجد محاكمة عادلة. قال فانديفيلد إنه كان يبحث عن «طريقة عملية أخلص بها نفسي من هذه الفوضى».

في الشهر الماضي، تنحى فانديفيلد عن النظر في قضية جواد، والمحاكم العسكرية كلها، وأخيرا العمل العسكري. وبهذا، أصبح شخصا محوريا في «الفوضى» التي وصف بها الوضع في غوانتانامو.

فانديفيلد هو المدعي الرابع على الأقل الذي يقدم استقالته احتجاجا على ما يحدث. فقد أثيرت الشكوك حول عدالة المحاكم من قبل الأشخاص المكلفين بها، وفقا لخبراء قانونيين ومراقبين لحقوق الإنسان ومسؤولين حاليين وسابقين في الجيش.

ولكن ادعاءات فانديفيلد على وجه التحديد شديدة الخطورة.

في بيان مكتوب وشهادة أدلى بها، قال إن الحكومة الأميركية لا تقدم لجهات الدفاع الأدلة التي تحتفظ بها ضد موكليهم، ومن بينها معلومات يمكنها أن تفيد الدفاع.

صرح فانديفيلد أن مقاتلي العدو المتهمين أصبحوا أكثر احتمالا للتعرض للإدانة على سبيل الخطأ بدون هذا الدليل. وكتب في بيانه إن النظام القائم في المنشأة الأميركية العسكرية في كوبا به خلل كبير يحرم المتهم من حق أساسي «ويعرض المدعي حسن النية لدعاوى أخطاء أخلاقية».

وصرح الكولونيل في الجيش لورنس موريس، رئيس الادعاء ورئيس فانديفيلد، إن مكتب المحاكم العسكرية يقدم كل قطعة من الورق والمعلومات للدفاع. وأضاف إن فانديفيلد كان ساخطا بسبب رفض رؤسائه لبعض الأساليب القانونية التي كان يتبعها.

وصرح موريس الأسبوع الماضي أنه لا يعرف سبب معاداة فانديفيلد للمحاكم، مضيفا بأن حديثه علانية أغضبه، لأنه ليس عادلا ولأن فيه هجوما حادا على بعض الأشخاص المجتهدين والملتزمين بالأخلاقيات بلا أساس من الصحة.

رفض فانديفيلد، الذي كان يمثل كمدع في سبعة قضايا أمام المحاكم العسكرية، وهو عدد يساوي ثلث القضايا المنتظر النظر فيها، الحديث عن تفاصيل قضية جواد، ولكنه بعث في عدة رسائل إلى «التايمز» عن مخاوفه العامة، قبل أن «يذكره» أحدهم الأسبوع الماضي بعدم استطاعته الحديث مع الصحافة حتى تنتهي إجراءات خروجه من الخدمة. ولكنه يقول إنه يخطط الحديث علنا في المستقبل.

تستعد بعض هيئات الدفاع استدعاء فانديفيلد كشاهد، قائلين إنه إذا ثبتت صحة ادعاءاته حول مشاكل النظام في غوانتانامو ستغير من نتائج جميع القضايا المنتظرة، وستجبر على تغيير أساليب الحصول على معلومات بالإكراه في التحقيقات وإجراءات أخرى تمارس ضد موكليهم في الحرب على الإرهاب. وكانت هيئات الدفاع ومنظمات حقوق الإنسان على مدى الأعوام تثير مخاوف مماثلة في القضايا الفردية.

قبل أحداث 11 سبتمبر (أيلول) كان فانديفيلد يعيش حياة هادئة في عمله كمساعد النائب العام في ولاية بنسلفانيا المسؤول عن حماية المستهلك. ثم استدعي للخدمة بعد أحداث سبتمبر، ليحظى بتقييم رائع في عمله كمستشار قانوني في البنتاغون وممثل قانوني في البوسنة والقرن الأفريقي والعراق. وعاد من مهمته في العراق ليذهب إلى غوانتانامو حيث بدأ في قضية جواد التي يمثل الدفاع فيها فراكت. كان فراكت مصرا على أن الادعاء يخفي معلومات مهمة أو لم يحصل عليها من البنتاغون أو الاستخبارات التي حققت مع جواد. وكان فانديفيلد يعتقد أن جواد مجرم حرب دربته مجموعة تنتمي إلى «القاعدة» على قتل الجنود وعلى ادعاء التعرض للتعذيب إذا اعتقل. وأصر على أنه قدم كل الأدلة للدفاع.

ولكن في شهر يوليو (تموز) وجد مصادر معلومات ووثائق تدعم ادعاءات فراكت بأن هناك أدلة مخفية، من بينها ما قد يساعد الدفاع. ووجد فانديفيلد صعوبة في الحصول على تصريح بالإفراج عن هذه الوثائق للدفاع.

فاقترح فانديفيلد التماس يسمح بعودة جواد إلى أفغانستان لإعادة التأهيل، ولكن رفضه رؤساؤه، كما ذكر.

ويقول فراكت إن فانديفيلد في نهاية أغسطس (آب) أخبره أن هناك أمور مقلقة في غوانتانامو. فنصحه فراكت بالابتعاد عما يثير الشكوك ويحاول أن يفعل الصواب كمدع أخلاقي يحاول الإصلاح.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الاوسط»