أبوظبي تطلق مدينتها الإعلامية «تو فور 54» لتكون «مركزا إقليميا للثقافة»

اعتبرها مؤسسوها الأكبر في العالم.. وتوقعات بنمو سوق الإعلام العربي 10% سنويا للسنوات الخمس المقبلة

ولي عهد أبوظبي دشن أمس «تو فور 54» التي تأمل العاصمة الإماراتية أن تكون مركزا ثقافيا («الشرق الأوسط»)
TT

وضعت إمارة أبوظبي ثقلها في تأسيس أكبر تجمع إعلامي عربي، بتدشين مدينتها الإعلامية المبتكرة، والتي أطلق عليها أسم «تو فور 54»، وتسعى من خلالها إلى جعل العاصمة الإماراتية «مركزا للامتياز في مجال ابتكار المحتوى العربي على نطاق دولي». واعتبرها مسؤولوها بانها الاكبر في العالم. ودشن ولي عهد أبوظبي الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أمس، المدينة الإعلامية الجديدة والتي ستتخصص في إنشاء المحتوى الإعلامي. و«تو فور 54» يرمز إلى الإحداثيات الجغرافية لمدينة أبوظبي، الواقعة على خط العرض 24 شمالا وخط الطول 54 شرقا. وستتولى شركة مبادلة، الذراع الاستثماري لحكومة أبوظبي، الأشراف على المنطقة الإعلامية الجديدة، فيما سيتولى رئيس مبادلة خلدون المبارك، أيضا رئاسة مجلس إدارة «تو فور 54».

وتأمل أبوظبي من خلال تدشين منطقتها الإعلامية هذه، إلى الاستمرار في ترسيخ استراتيجيتها طويلة المدى، والمعتمدة على تنويع الموارد الاقتصادية للإمارة. وبالرغم من تحفظ المسؤولين عن هذه المنطقة من تحديد حجم الاستثمارات فيها، غير أن مصادر توقعت أن تربو الاستثمارات المحلية والأجنبية بعشرات المليارات من الدولارات الأميركية».

وتقول المصادر إن هناك عددا من المبادرات العالمية والضخمة، سيتم الإعلان عنها تواليا، تخص الاستثمار في هذه المدينة الإعلامية. غير أن المصادر ذاتها قالت إن الاستثمارات لن تكون تقليدية، وستكون إضافة للمحتوى الإعلامي في المنطقة. ومن أبرز المؤسسات الإعلامية العالمية التي أجتذبتها «تو فور54» مع إطلاقها، شبكة سي إن إن التي أعلنت أنها ستقوم ببث اخباري حي يوميا من مركز جديد للبث والانتاج في المنطقة الإعلامية الجديدة من المقرر افتتاحه في مطلع العام المقبل، ليكون رابع مركز لها في العالم، وراندم هاوس للنشر التي ستنشئ دارا للنشر العربي تبتكر مواد حديثة وتكيف بعض محتواها الموجود بالفعل وهاربر كولينز، وستطرح دار هاربر كولينز للنشر سلسلة «خطة القراءة ـ القطة الكبيرة» التي حققت أعلى المبيعات وهي مبادرة قراءة ارشادية للاطفال تم تعريبها واعدادها للسوق العربية كما تعد مجموعة جديدة من القواميس العربية الى اللغات الانجليزية والفرنسية والهندية، وتومسون رويترز للأنباء التي أعلنت أنها تعمل حاليا على اقامة وكالة صور وتأسيس بوابة معلومات مالية متوافقة مع الشريعة الاسلامية لتقديم معلومات مالية ملتزمة بمبادئ الشريعة.

كما تضم المنطقة الإعلامية كل من: بي بي سي ومؤسسة تومسون واستوديوهات روتانا وفايننشال تايمز وشركة أبوظبي للإعلام وسي سكاي بيكتشرز. وحرص مسؤولو «تو فور54» إلى التأكيد إلى أنها لن تكون «مجمّع مكاتب إنما هي بيئة للابتكار ومركز للامتياز يمكن فيه لصناعة إنشاء المحتوى الموجه لقطاعات الإعلام والترفيه أن تنمو وتزدهر».

وفقا لدراسة عالمية أجرتها مؤسسة برايس ووترهاوس كوبرز تحت عنوان «نظرة مستقبلية الى صناعة الترفيه والاعلام العالمية 2008 ـ 2012» فمن المتوقع أن ينمو سوق الاعلام العربي بمعدلات سنوية تزيد عن عشرة بالمائة على مدى السنوات الخمس المقبلة مقارنة مع متوسط النمو العالمي البالغ 6.6 بالمائة وستتيح «تو فور 54» إنشاء صناعة جديدة في المنطقة، من خلال توفير بيئة دعم كاملة التجهيزات، يمكنها أن تجمع الشركات المحلية والإقليمية والدولية العاملة في مختلف قطاعات الإعلام من صناعة الأفلام والبث والنشر إلى التقنيات الرقمية والموسيقى.  ويقول مسؤولوا المنطقة الإعلامية الظبيانية، إنه مع وجود عدد من شركات المحتوى الرائدة عالميا والاعلان عن خططها للمنطقة فإن بيئة «تو فور54» المتكاملة سوف توفر المنشآت والتجهيزات الإنتاجية والبنية التحتية وفرص التدريب والحاضنة للأعمال الجديدة ـ وكل ذلك في موقع واحد ـ بما يتيح تطوير محتوى عربي راقي المستوى وبأيد عربية ليتوجه إلى أكثر من 300 مليون ناطق بهذه اللغة. ووفقا لخلدون خليفة المبارك رئيس هيئة المنطقة الإعلامية «تو فور54» فإن المبادرة «ستشكل نقطة هامة في تطور أبوظبي المستمر كمدينة عالمية للابتكار وعاصمة حقيقية للأفكار، كما أنها خطوة هامة في إطار التنوع الاقتصادي لابوظبي والاهم من ذلك انه بمرور الزمن سيكون لهذه المبادرة تأثير يفوق حدود أبوظبي والإمارات ليمتد للمنطقة المحيطة وبقية أنحاء العالم».

ووصف المبارك إطلاق هذه المبادرة بأنها تتعدى تطوير المحتوى الإعلامي فقط «بل مبادرة ثقافية أيضا حيث ستسمح بنشر القصص الإخبارية من كتاب وصانعي الأفلام في المنطقة حيث يتوقع في نهاية الأمر أن تؤدي تلك المبادرة لخلق محتوى محلي يتم بثه ونشره إلى مختلف أقطار العالم».

أما محمد خلف المزروعي رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي للإعلام، فقد لفت إلى أن شركته ستكون أول وأكبر شركة موجودة فى تلك المنطقة، «والتي تعد المكان المثالي الذي يوفر للشركات والمؤسسات الإعلامية بيئة عمل متميزة تساعد على النمو والإبداع في عصرنا الرقمي الذي نعيش فيه».

وأعلن المزروعي أنه اعتبارا من بعد منتصف أمس، سيبدأ قطاع البث التلفزيوني في بث مجموعة قنوات تلفزيون أبوظبي وشقيقتيه قناة الإمارات وأبوظبي الرياضية، التابعة لشركة أبوظبي للإعلام، بحلة جديدة وشعارات جديدة وإطلالة مختلفة للنشرات الإخبارية والبرامج الترفيهية «كما سنكشف لكم قريبا عن إستراتيجية الشكل الجديد لمحطاتنا الإذاعية».

ويقول مسؤولوا المنطقة الإعلامية الجديدة أنهم يسعون عبرها لتحويل أبوظبي إلى مركز إقليمي للثقافة، تضع العاصمة ابوظبي في موقع القلب منه حيث ترتكز الجهود لتحقيق هذه الرؤية بشكل أساسي على إنشاء صناعة إعلام دولية على أن تكون محلية في الوقت ذاته حتى تتكلل بالنجاح.

وبحسب خطط «تو فور54» فإن إطلاقها سوف تحفز وتدعم إنشاء المحتوى العربي بأيد عربية وتشمل صناعات الأفلام والبث التلفزيوني والموسيقى ثم تمتد لتشمل الرسوم المتحركة والمحتوى الرقمي وسائر الفنون.

وتقوم مبادرة أبوظبي الجديدة على أربع دعائم هي «تدريب» و«ابتكار» و«انتاج» و«تواصل»، بحيث تكون كلها داخل بيئة متكاملة على طراز الحرم الجامعي تشجع التعاون والشراكات الخلاقة بين الشركات العاملة فيها.

وقالت نورة الكعبي مديرة المشروع إن «تو فور54» تدريب ستصبح أكاديمية التدريب المهني الأولى في المنطقة والتي تستهدف الشباب العرب والخريجين الساعين للعمل في قطاع الإعلام بالإضافة إلى تزويد العاملين الحاليين في مجالي الإعلام والترفيه بفرص لتطوير مهاراتهم وصقلها وإعادة تشكيلها من خلال مجموعة ممتدة وشاملة من مناهج الإعلام والمحتوى.

وهذا التمويل لن يوفر دعماً مالياً فقط لكنه سيقدم أيضاً نصائح عملية ومعلومات من خبراء الصناعة والمتخصصين لتوجيه المبادرات ومساعدتها على إحراز النجاح في أعمالها.

وذكرت الكعبي أن «تو فور54» انتاج ستركز على توفير أحدث تجهيزات مرحلتي الإنتاج وما بعد الإنتاج وإدارة أصول الإعلام وخدمات البث والدعم التقني التي ستستخدم ضمن نطاق «تو فور54»، وهي ستمدّ الشركات بكل تقنيات الاتصالات الحديثة اللازمة بما فيها خدمات نقل البث الإذاعي والتلفزيوني من محطة البث إلى الشبكات التي ستدفعها للمتلقّين وخدمات البث إلى الأقمار الصناعية والتنزيل منها.