المغرب يشيد بمنحه «وضعا متقدما» من قبل الاتحاد الأوروبي

إسبانيا زفت النبأ السار إلى الرباط واعتبرته يوما سعيدا

TT

أشاد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أمس بـ«الوضع المتقدم» الذي تعهد الاتحاد الأوروبي بمنحه لبلاده أمس، مشيرا الى ان المغرب اصبح بذلك يتمتع بامتيازات الاتحاد الاوروبي «كافة ما عدا (العضوية في) المؤسسات». وجاء هذا خلال توقيع الجانبين الأوروبي والمغربي أمس خريطة طريق للسنوات المقبلة على هامش اجتماع المجلس الاوروبي للشؤون العامة والعلاقات الخارجية في لوكسمبورغ.

وقال الفاسي الفهري للصحافيين أمس «إن هذا التعهد الاوروبي بشأن الوضع المتقدم هو بالأساس ترجمة للثقة» في «جهود المغرب على مستوى الاصلاح السياسي وتعزيز دولة القانون وتحسن القضاء والإصلاح الاقتصادي والتناغم الاجتماعي ومكافحة الفقر». وأضاف «نحن نستجيب بذلك عمليا لتعريف (رومانو) برودي كل شيء ما عدا المؤسسات»؛ في إشارة إلى خطاب ألقاه برودي في 2003 حين كان يشغل منصب رئيس للمفوضية الاوروبية اعلن فيه ان دول جنوب المتوسط يمكنها ان تشارك الاتحاد الاوروبي «في كل شيء ما عدا المؤسسات». وأكد الوزير: «نحن بصدد الاقتراب من الكل».

وهذا الوضع الجديد سيترجم في المجال السياسي عبر عقد قمم أوروبية مغربية ووضع اتفاق اطار لمشاركة المغرب في العمليات الاوروبية لادارة الأزمات. اما في المستوى الاقتصادي فيشمل هذا الوضع الجديد «اقامة فضاء اقتصادي مشترك» مستوحى من القواعد التي تسير الفضاء الاقتصادي الاوروبي (الاتحاد الاوروبي وسويسرا والنرويج وآيسلندا وليشتنشتاين).

وسيكون بإمكان المغرب المشاركة في عدد من الهيئات الاوروبية مثل يوروجوست (قضاء) ويوروبول (شرطة) والوكالة الاوروبية لأمن الطيران والمرصد الاوروبي للمخدرات والإدمان. وعلى الصعيد المالي، سيتم إنجاز دراسة مشتركة في أفق عام 2013 لبحث احتمال ولوج المغرب لوسائل الاتحاد الأوروبي، ضمن منطق سياسات إقليمية في أفق مزيد من الاندماج في الاتحاد الأوروبي.

وعبر الوزير المغربي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، عن أمله في ان ينتقل هذا النموذج في العلاقات المتميزة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، ليشمل اتحاد المغرب العربي، مشيراً إلى وضع الحدود البرية المغلقة حالياً بين المغرب والجزائر. ولدى سؤاله عن الفترة التي سيظل خلالها المغرب يطالب بفتح الحدود في حين ترفض الجزائر ذلك في الوقت الراهن، قال الفاسي الفهري: «هذا شيء مؤسف ولا يمكن للمواطن أن يدفع ثمن خلاف سياسي. الجميع يعلم ان العلاقات الطبيعية هي فتح الحدود، وحوار، وبرامج عمل في مجالات مختلفة، ولا يمكن ان تكون قضية الصحراء في منظور سياسي، عقبة بين الاشقاء والعمل المشترك بينهما».

وكانت المفوضة الأوروبية المكلفة العلاقات الخارجية وسياسة الجوار، بينيتا فيريرو، قد قالت للصحافة «إن الوضع المتقدم للمغرب هو إشارة لتقديرنا للإصلاحات التي أنجزتها المملكة (المغربية) وكذلك لمستوى التعاون الثنائي الجيد»، مضيفة أن الاتحاد الأوروبي مرتاح لهذا التطور في العلاقات بين الجانبين، على اعتبار أن المغرب أصبح رائدا في منطقة جنوب المتوسط، مما يجعله محفزا لبلدان أخرى لتسير على نفس الدرب نحو المستقبل.

وبعد أن عددت، فيريرو، انعكاسات الوضع الجديد على العلاقات بين الطرفين، خلصت إلى القول «إنه أصبحت لدينا الآن قاعدة جيدة للتعاون سويا في المستقبل».

وتبنت فرنسا التي ترأس حاليا دورة رئاسة الاتحاد الأوروبي، على لسان وزارة خارجيتها، نفس النهج المشجع والمساند للمغرب حين قالت في تصريح للصحافة إن الدورة السابعة لمجلس الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي التي انعقدت أمس، بلوكسمبورغ، تشكل مناسبة للاتحاد الأوروبي ليؤكد تفهمه لانتظارات المغرب واستعداده للاستجابة لأفق الوضع المتقدم الذي طالبت به المملكة المغربية.

وكانت إسبانيا، جارة المغرب الشمالية، السباقة إلى زف البشرى إلى المغاربة، خلال الزيارة الأخيرة التي قامت بها إلى الرباط والدار البيضاء، ماريا تيريسا دي لا فيغا، نائبة ريس الحكومة الإسبانية ووزير الخارجية ميغيل أنخيل موراتينوس، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، فقد اعتبرت، دي لا فيغا، يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي يوما سعيدا، إذ سيعلن فيه عن خبر سار. وأكد رئيس الدبلوماسية الإسبانية، ما أعربت عنه حكومة بلاده، حين صرح في وقت لاحق، مع اقتراب موعد إعلان الصفة الجديدة التي منحها الاتحاد الأوروبي للمغرب، حيث قال إن يوم الإعلان سيكون كبيرا بالنسبة لإسبانيا والمغرب، كونه سيفتح المجال أمام قيام علاقات مميزة بين الطرفين، يصبح معها بإمكان البلد المغاربي أن يلج إلى كل شيء في الاتحاد باستثناء المؤسسات.

وأشار موراتينوس إلى أنها المرة الأولى التي يتمكن فيها بلد جار وشريك لأوروبا، من إقامة ما وصفه بـ«بنية مختلفة» في علاقاته الثنائية، وهي الصيغة التي يمكن أن تنضم إليها مستقبلا بلدان أخرى لها نفس الطموح مثل تونس والجزائر، مضيفا أنه طالما دافع عن فكرة أن العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي يجب أن تشمل كافة المجالات باستثناء المؤسسات، مبرزا كذلك أنه من الآن فصاعدا سيلتقي الطرفان على مستوى اجتماع قمة سنوي، كما سيجتمع دوريا وزراء خارجية الاتحاد والمغرب، وكل ذلك سيجعل جار إسبانيا الجنوبي أكثر قربا واندماجا مع أوروبا. من جهته، أبرز خافيير سولانا، مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، أن علاقات عميقة تجمع الطرفين، معربا عن الرغبة في جعل تلك العلاقات، تتطور بكل السرعة الممكنة.