بازار طهران يعود إلى العمل تدريجيا بعد احتجاجات على زيادة الضرائب

أكبر إضراب لتجار إيران منذ الثورة يضع حكومة أحمدي نجاد أمام تحديات كبيرة

TT

أعاد معظم أصحاب المحال التجارية في بازار طهران الرئيس فتح متاجرهم امس بعد احتجاج على ضريبة مبيعات جديدة. لكن البعض تحدى نداءات من نقابة العمال بالعودة الى العمل. وتشكل احتجاجات التجار ذوي النفوذ التي اندلعت الاسبوع الماضي في عدة مدن، تحديا اقتصاديا وسياسيا للرئيس محمود احمدي نجاد قبل انتخابات رئاسية في 2009 في رابع اكبر منتج للنفط في العالم. وهذه هي المرة الاولى التي يغلق فيها تجار البازار محالهم على هذا النطاق منذ الثورة الايرانية عام 1979 حين لعبوا دورا رئيسا في الاطاحة بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة.

وفي مواجهة الاحتجاجات علق الرئيس الإيراني يوم الجمعة الماضي لمدة شهرين ضريبة القيمة المضافة التي تبلغ ثلاثة في المائة والتي بدأ تطبيقها الشهر الماضي. فيما قال رئيس مديرية الضرائب علي اكبر عربمزار بحسب موقع التلفزيون الايراني على الانترنت «على اثر محادثاتنا مع الرئيس (محمود احمدي نجاد)، تقرر تعليق (الضريبة) حتى إشعار آخر».

لكن وسائل الاعلام الايرانية قالت ان اصحاب المحال يريدون إلغاءها كلية. وأغلق سوق طهران الواسع فعليا اول من امس. وقال شاهد من رويترز في السوق الواسع المغطى إن المحال ظلت مغلقة صباح امس، لكن كثيرا منها فتح أبوابه للزبائن في وقت لاحق. وسيرت الشرطة دوريات في شوارع وحارات السوق الملتوية، لكن لم تكن هناك علامة على وجود مشاكل.

وقال بائع ملابس عندما سئل عن سبب فتحه محله «نحاول كسب رزقنا. لدينا عائلة نخاف عليها». وقال صاحب محل لبيع الساعات إن مسؤولي النقابة طلبوا فيما يبدو من كبار التجار استئناف نشاطهم. وأوضح رافضا ذكر اسمه مثل آخرين «آمل ان يسحبوا، الحكومة، خطة ضريبة القيمة المضافة بشكل دائم». بيد ان كثيرا من محال المنسوجات ظلت مغلقة متحدية نداء من نقابتهم أذيع عبر مكبرات للصوت في السوق.

وحثت النقابة اصحاب المحال بالقول «افتحوا.. عودوا الى وظائفكم.. خطة ضريبة القيمة المضافة علقت».

فيما قال بائع مجوهرات في البازار لوكالة الصحافة الفرنسية إن «المشكلة ليست سياسية بل اقتصادية»، مضيفا انه «تمت تسويتها الآن».

وتلعب أسواق البازار في ايران دورا مهما في الاقتصاد كما في السياسة، وساهم تجار البازار في سقوط النظام السابق عند قيام الثورة الايرانية عام 1979 بلزومهم إضرابا طويلا بناء على فتوى من قائد الثورة الايرانية آية الله الخميني. وتولى احمدي نجاد السلطة في 2005 على وعد بتقاسم ثروة ايران النفطية بشكل أكثر انصافا. لكن المعارضين السياسيين ومنتقدين آخرين يقولون ان إنفاقه المبذر لأموال النفط غذى التضخم الذي يصل حاليا الى 29 في المائة على أساس سنوي. وتواجه إيران ايضا احتمال تراجع دخلها النفطي مع انخفاض سعر الخام نحو 45 في المائة عن ذروة 147 دولارا التي بلغها في يوليو(تموز). وقالت صحيفة «طهران تايمز» في افتتاحيتها «ما يجب على الحكومة فعله بدلا من التبذير في الانفاق هو استثمار الارباح القياسية للنفط الايراني». وأصبح السياسي الاصلاحي البارز مهدي كروبي أول من امس الاحد اول شخصية كبيرة تعلن ترشحها في انتخابات يونيو(حزيران) المقبل والتي يتوقع ان يترشح فيها احمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية.

ويعتقد بعض المحللين ان احمدي نجاد لا يزال الاوفر حظا في الفوز بالانتخابات؛ إذ يتمتع بدعم واضح من الزعيم الايراني الاعلى آية الله علي خامنئي خاصة في تعامله مع النزاع النووي مع الغرب. ويأتي ذلك فيما قررت ايران إعطاء الأولوية لتصدير الغاز عبر خطوط الانابيب عوضا عن نقله سائلا، نظرا الى ان عدة من مشاريعها لهذا الغرض لا تزال غير موقعة، على ما أعلن مسؤول في وزارة النفط امس. وأعلن نائب وزير النفط الموكل التخطيط أكبر تركان أن «مشاريع تصدير الغاز المسال التي وقعت عقودها ستنفذ، لكننا نفضل توسيع إمكانياتنا على تصدير الغاز عبر خطوط الأنابيب»، على ما أعلنت الوكالة الاعلامية التابعة للوزارة (شانا).

وأضاف «نفضل تحويل مشاريع الغاز المسال غير الموقعة حتى الآن الى مشاريع تصدير عبر خطوط الانابيب». ويعكس هذا القرار الصعوبات التي تواجهها ايران في تطوير قطاع الطاقة لديها جراء العقوبات المفروضة عليها بسبب برنامجها النووي.

وكانت ايران تتوقع تصدير حوالي 83 مليون طن من الغاز المسال سنويا، حيث تملك ثاني أكبر مخزون من الغاز في العالم. غير ان تقنية الغاز المسال تتطلب استثمارات ضخمة ومعرفة تملكها بعض الشركات الغربية حصرا. وتلك الشركات تمتنع عن الاستثمار في إيران بسبب المخاطر السياسية والضغوط الأميركية.