إفادات الخلية الإرهابية تكشف مخططا لضرب الجيش اللبناني.. ومصادر التحقيق تنفي أي علاقة للسلفيين

الموقوفون اعترفوا صراحة بانتمائهم لتنظيم «فتح الإسلام»

TT

الإنجاز الأمني الذي حققه الجيش اللبناني بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، والمتمثل بالقبض على افراد خلية إرهابية استهدفت الجيش بثلاثة تفجيرات في شمال لبنان وأوقعت في صفوفه عشرات القتلى والجرحى، كانت أمس محور اهتمام القضاء اللبناني ممثلا بالنيابة العامة التمييزية التي تابعت تطورات التحقيق مع موقوفي هذه الخلية، وهم فلسطينيان ولبناني، حيث طالبت بالتوسع بالتحقيق مع الموقوفين الذين أدلوا باعترافات وصفت بـ«المهمة للغاية». وقد استمرت القضية موضع متابعة أمنية لجهة مواصلة عمليات الدهم بحثاً عن العنصر «الأخطر» في هذه الخلية، المدعو عبد الغني علي جوهر، الذي تمكن من الفرار قبل القبض عليه. ووفق المعلومات الأولية المستقاة من مصادر التحقيق، فإن أفراد هذه الخلية اعترفوا صراحة بانتمائهم الى تنظيم «فتح الاسلام» وأنهم نفذوا العمليات ضد الجيش انتقاما من «الحرب» التي شنها على تنظيم «فتح الاسلام» داخل مخيم نهر البارد في الشمال وقتل وأسر المئات منهم، وأن التفجيرات التي استهدفت الجيش في محلة التل بطرابلس حيث قتل تسعة عسكريين وستة مدنيين، وفي البحصاص حيث قتل أربعة عسكريين وثلاثة مدنيين، وقبلها تفجير مركز لمخابرات الجيش في منطقة العبدة على الحدود اللبنانية ـ السورية، أدى الى مقتل مجند في الجيش أيضا، ما هي إلا حلقات في مسلسل طويل الهدف منه توجيه ضربات مؤلمة الى الجيش، وأن المنفذين اختاروا الحافلات التي تقل الجنود لتفجيرها في مراكز تجمع العسكريين أو على الطرق العامة. وتشير المعلومات الى ان الموقوفين كشفوا عن عمليات أخرى كانت قيد الإعداد لاستهداف مواقع عسكرية وأمنية يسهل الوصول اليها وتفجير حافلات على شاكلة التفجير الذي وقع في البحصاص عشية عيد الفطر. ويركز التحقيق على ما إذا كانت هذه الخلية التي لها مرجعيتها في أحد المخيمات (مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان) مرتبطة بخلايا أو شبكات مماثلة ناشطة على الاراضي اللبنانية ومكلفة القيام بعمليات إرهابية مماثلة.

من جهتها، أكدت مصادر متابعة لسير التحقيق الأولي ان هذا التحقيق لم يثبت وجود أي رابط أو علاقة أو تعاون بين الموقوفين وأي تنظيم اسلامي في طرابلس والشمال، خصوصاً التيار السلفي. وهذا ما يدحض الاتهامات التي ساقتها قوى لبنانية وجهات اقليمية ضد تيارات إسلامية، وخصوصا التيار السلفي، بالوقوف وراء استهداف الجيش في طرابلس من خلال هذه التفجيرات وتصدير الأعمال الارهابية الى خارج لبنان (في إشارة الى اتهام السلفيين بالتفجير الذي وقع في دمشق أواخر الشهر الماضي).

هذا، وتمثلت المتابعة الامنية بمواصلة الجيش وقوى الامن الداخلي عملية مطاردة العنصر الاخطر في هذه الخلية، اللبناني عبد الغني جوهر، ومداهمة الأماكن التي يشتبه بلجوئه اليها. وهو كان قد تمكن من الفرار قبل لحظات من مداهمة منزله فجر اول من امس، حيث عثر على حزام ناسف ومضبوطات تثبت استمرار المخطط الارهابي لهذه المجموعة.

وفي هذا السياق، افادت مصادر مطلعة ان الاجهزة الامنية «تحاول استثمار معلومات متوافرة لديها لعلها تقود الى اماطة اللثام عن عمليات ارهابية سبقت مرحلة استهداف الجيش التي بدأت في مايو (ايار) الماضي» من دون ان تكشف عن طبيعة هذه العمليات ومكان وزمان وقوعها على الاراضي اللبنانية.

وعلى صعيد المواقف من هذا التطور، نوه امس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة بـ«الجهود التي قامت بها الاجهزة الامنية اللبنانية, مشددا على «ضرورة استكمال التحقيقات الجنائية والقضائية وصولا الى كشف كامل ملابسات هذه الجريمة امام الرأي العام». ورحب وزير الدولة جان أوغاسابيان بـ«الانجاز النوعي الذي حققه الجيش اللبناني والذي يتمثل ليس بإلقاء القبض على الخلية الارهابية في شمال لبنان فحسب، بل أيضا باستباق تنفيذ هذه الخلية عملية إرهابية جديدة تودي بالمزيد من الشهداء الأبرياء». واعتبر أن «هذا العمل الاستباقي يشكل دلالة على جدية الأجهزة الأمنية في تطوير عملها والسعي بالإمكانات المتاحة إلى تطويق العمليات الارهابية ومنعها قبل حدوثها». ونوه بـ«التنسيق الحاصل بين الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي الذي أتاح تنفيذ العملية بنجاح واحتراف».

وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب مصطفى علوش: «من الناحية الامنية انه خبر جيد بالنسبة الى اللبنانيين، عسى ان يكون بداية خير. يعني انه بطريقة غير معتادة بدأنا نقبض على من يتسبب بهذه العمليات. اما بالنسبة للارتباط بفتح الاسلام، فان هذه المسألة منطقية وهي تدخل في السياق الطبيعي للامور، لأن هذه العملية هي جزء متكامل من استهداف لبنان واستهداف الجيش منذ بداية مسألة فتح الاسلام وحتى الآن. وفي اي حال يجب ألا نستبق الأمور، بل علينا انتظار التحقيق او على الاقل اعلان التحقيق الاولي». ووصف عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب فريد الخازن توقيف الخلية الارهابية في الشمال بأنه «انجاز كبير، فيد الارهاب لا تزال فاعلة جدا في لبنان وتوقيف هذه المجموعة الارهابية أمر جيد. ونأمل استكمال هذا العمل وأن يؤدي الى معلومات والى مزيد من العمل لضبط وتوقيف المجموعات الارهابية الاخرى».