الخوف والتفاؤل يتملكان الموريتانيين بعد شهرين على الانقلاب

الحكام الجدد يستعطفون الطبقات الفقيرة لمواجهة الضغوط الخارجية

TT

تسود حالة من الترقب في موريتانيا بعد أكثر من شهرين على الانقلاب الذي أطاح الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله في 6 اغسطس (آب) الماضي. وتختلط مشاعرُ الناسِ في هذا البلد بين الخوف والتفاؤل إزاء ما يتردد من مبادرات لحل تصالحي للأزمة السياسية في البلاد.

يخرج المدرس الابتدائي محمد، 42 عاماً، من بيته بأحد أحياء نواكشوط النائية متجهاً صوب مدرسته في الأيام الأولى للعام الدراسي، وهو لا يخفي قلقه من المستقبل في ظل بوادر حصار على البلاد بسبب الانقلاب الأخير. وبات سكان الأحياء الفقيرة التي تحيط بالعاصمة نواكشوط على موعد كل مرة مع زيارات مفاجئة لرئيس المجلس العسكري الحاكم، الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وهو تقليد لم يقم به أيٌّ من رؤساء موريتانيا السابقين، حسبما يشير المدرس الابتدائي، وهو يخطو بسرعة باتجاه مدرسته على بعد مئات الأمتار من بيته في حي الميناء الفقير. وتعهد الجنرال ولد عبد العزيز أمام المئات من سكان الحي المُعدَم بالقضاء على الأحياء العشوائية وتطبيق سياسة صارمة لعقاب المفسدين.

«نحن بحاجة الى من يقول وينفذ» تقول لالة، 55 عاما، وهي بائعة خضار في سوق شعبي وسط نواكشوط. تضع لالة بجنب عريشها الذي تستظل به في زقاق ضيق بسوق الخضار صورة مكبرة للجنرال ولد عبد العزيز وتشير بإصبعها إلى النياشين التي ترصع كتفيه. وتقول: «هذا هو أملنا، لقد قرر أن يقسم علينا القطع الأرضية وأصدر أوامره للإدارة بالشروع في تنفيذ ذلك». ويحاول المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا منذ فترة كسب تأييد شعبي في المناطق الفقيرة الآهلة بالسكان في وجه الضغوط الخارجية التي لم تستسغ بعد الانقلاب، والغليان الداخلي في صفوف الجبهة المعارضة له والداعية إلى عودة الرئيس المعزول. وكان السياسيون في السابق يتجنبون الاحتكاك بسكان المناطق الريفية والأحياء الفقيرة، أما حكام البلاد الجدد فيعملون على جبهتين في الداخل؛ إحداهما تعتمد على انتقاء شيوخ عشائر لضمان الدعم الشعبي لمشروعهم من جهة كما يعتمدون على المناطق المحرومة، والتي تسكنها غالبية الموريتانيين بهدف استعطافها من أجل الحصول على تأييدها، يقول عبد الله مامدو، الناشط الحقوقي. وفيما تتجه الأزمة الموريتانية نحو المزيد من المبادرات للحل الذي لا يعير البسطاء اهتماماً يُذكر لكل تلك التطورات بل إن الأمية تحول دون فهم السكان لما يدور في كواليس السياسيين. ويقول صمبه، وهو جزار يبيع اللحوم على قارعة الطريق: «نحن نريد ان نعيش نريد الخبز بأسعار زهيدة نريد العلاج مجاناً». أما السياسيون في نواكشوط فإنهم ينشطون بشكل مكثف في ظل تزايد المبادرات الساعية للخروج من الأزمة الموريتانية.

ويعتقد محمد سالم، وهو كاتب موريتاني، أن كل السبل المتبعة لحل الأزمة الدستورية الناشئة عن انقلاب أغسطس تضع حلولا وفق رؤية براغماتية حيث يسعى كل فريق سواء من الداعمين للانقلاب أو المعارضين له إلى كسب مزيد من التنازلات، ولذلك يرتفع سقف المطالبات والشروط في أجندة كل طرف بهدف الحصول على اكبر مكاسب. ويخشى الموريتانيون من أن يؤدي تضارب المصالح بين رجال السياسة إلى إطالة أمد الأزمة وهو ما ينذر بتفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي.