الأجهزة الأمنية الفلسطينية تحذر حماس من تكرار تجربة انقلاب غزة في الضفة

«الشاباك» والخارجية الإسرائيلية يشكلان فريقاً لمواجهة أوضاع ما بعد 9 يناير بالضفة

TT

مع تراجع فرص التوصل الى اتفاق مصالحة، ترتفع حدة التوترات بين حماس وفتح في الضفة الغربية. ولا تخفي الأجهزة الامنية، انها تسابق الزمن، لمنع اي محاولة لتكرار «انقلاب» غزة، في الضفة، بينما تتوعد حماس هذه الأجهزة، معتبرة انها افشل من ان تثبّت لها كياناً يدوم بالضفة. واللافت، ان حماس التي طالما قالت إنها لا تنوي السيطرة على الضفة الغربية، عادت لتؤكد من الضفة نفسها، مرة اخرى أن «لحظة» الاجهزة الامنية اقتربت. أما الاجهزة، فإنها أكدت أنها لن تسمح للمحاولات التي تستهدف تمزيق الوطن والأمن الاجتماعي، في الضفة الغربية. وحذرت في بيان لها من أن كل من يتساوق مع دعوات الانقلابيين في غزة وكل من يتلقى الأموال والتعليمات منهم لنشر الفتنة والفلتان الأمني سيخضع للمحاسبة القانونية، وفق النظام والقانون الفلسطيني. وكانت مصادر أمنية مسؤولة قد قالت لـ«الشرق الاوسط» ان قادة الاجهزة تتخذ احتياطات امنية خشية إقدام حماس على تنفيذ عمليات اغتيال». وزاد من قناعة هذه الاجهزة، انها ضبطت مجموعات واسلحة ومخازن تتبع الحركة في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية، احد معاقل حماس الكبيرة. وكان قائد شرطة الخليل بالمدينة قد قال لـ«الشرق الاوسط» ان مجموعات حماس هذه كانت تخطط للمس فعلا بقيادات امنية ومجتمعية. ويعزز اللاعب الرئيسي في الضفة الغربية، وهو اسرائيل، ايضا من قناعة قادة الاجهزة الامنية بان حماس ستلجأ الى ضغط عسكري، عن طريق تنفيذ بعض الاغتيالات، لإسقاط حكم الرئيس محمود عباس (ابو مازن)، بعد 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، اذ تعتبر ان هذه الولاية يُفترض ان تنتهي في هذا اليوم، بينما تقول فتح انها تمتد حتى 2010. وفي اسرائيل، تعتقد الاجهزة الامنية بما فيها المؤسسة العسكرية، بان مواجهة صعبة تلوح في الأفق مع نهاية ولاية ابو مازن، وهو ما وضع المؤسسة الامنية الاسرائيلية في حالة تأهب قصوى.

واستعداداً «لوضع متفجر» في الضفة، يعمل فريق يضم جهاز الامن الداخلي (الشاباك) ووزارة الخارجية الاسرائيلية، للتعامل مع ما بعد 9 يناير. وترى الاجهزة الامنية الاسرائيلية ان السلطة الفلسطينية وحركة حماس ستفشلان في التوصل إلى تفاهم بشأن تأجيل الانتخابات الرئاسية، وبالتالي سيوسع عباس من نطاق سيطرته على الارض، بينما ستحاول حماس إشعال المنطقة. وتعتقد اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية أن الجناح العسكري لحماس قد يستهدف كبار مسؤولي فتح ومسؤولين في اجهزة الامن الفلسطينية عن طريق الخطف ومحاولات الاغتيال. وفي أحد الاجتماعات التنسيقية، وعدت قيادات في الجيش الاسرائيلي قادة الاجهزة الامنية الفلسطينية باقامة غرفة عمليات مشتركة لمواجهة حماس. ويبدو ان التعاون اثمر على الارض، اذ تمكنت قوات الأمن الفلسطينية من الكشف عن مستودعات ومعامل متفجرات وأسلحة. كما اعتقلت عشرات الناشطين. وأخيراً اعلنت عن اكتشاف نفق في الخليل أسفل منزل في منطقة فرش الهوى، يتجه الى الطريق الالتفافي الواصل لمعبر ترقوميا.

وأشادت أجهزة الأمن الاسرائيلية بالتعاون الكبير، قائلة انه أفضى إلى الكشف عن نفق في مدينة الخليل، قامت قوات الاحتلال بتفجيره لاحقا. وقالت اجهزة الامن الفلسطينية ان التحقيقات جارية مع صاحب النفق الذي ادعى قبل ذلك بأنه يبحث عن آثار. اما الاسرائيليون فقد احضروا وحدة الأنفاق التي مشطت النفق بوسائل تكنولوجية وبرجال آليين، وقالوا ان هذا النفق بطول نحو 150 مترا، وان الحفر لم ينته. وقال مصدر عسكري اسرائيلي إن النفق حفر باتجاه حاجز ترقوميا، وعليه تقرر هدم النفق وتفجيره. وعبرت المصادر الأمنية الإسرائيلية عن مخاوفها من انتقال حرب الأنفاق من قطاع غزة إلى الضفة الغربية. وشنت حماس هجوماً عنيفاً على اجهزة الامن الفلسطينية، عقب اعلانها عن اكتشاف النفق، واعتبرت ذلك، «بمثابة عار خياني يعيه الشعب تماماً ويعرفه». وقالت الحركة، في بيان لها تلقت «الشرق الاوسط» نسخة عنه، انها «تستخف بسلوك قادة الأجهزة الأمنية ودعايتهم، ولا سيما تصريحاتهم الأخيرة المتعلقة بمدينة خليل الرحمن، وتعتبرهم أقل وأصغر وأفشل من أن يثبتوا لهم أركانا تضمن لهم الاستمرار على هذه الأرض». وناشدت الحركة قادة الأجهزة الأمنية في الضفة الى مراجعة النفس وأخذ العبر قبل فوات الأوان.

من جهتها، قالت «كتائب القسام» ان «هذا التواطؤ هو الأكبر في نوعه بتاريخ القضية الفلسطينية». واكد أبو عبيدة، الناطق باسم الكتائب في تصريح صحافي، «أن الكتائب لن تبقى صامتة للأبد». واتهمت الكتائب الاجهزة الامنية بالسعي لإفشال بذور الحوار الفلسطيني. وخاطب ابو عبيدة قادة الاجهزة قائلا، «عودوا إلى رشدكم ولا تنجرّوا وراء الوهم، وأنقذوا أنفسكم من وصمة الخيانة قبل فوات الأوان».