علماء دين مغاربة يرفضون بشدة المطالبة بمساواة المرأة بالرجل في الإرث

رداً على بيان أصدرته «الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب»

TT

وصف الداعية المغربي، الشيخ عبد الباري الزمزمي، مسألة المطالبة بالمساواة بين المرأة والرجل في اقتسام الإرث، «بأنها وقاحة واعتداء على المجتمع المغربي المسلم في أقدس شيء عنده، وهو دينه». وأضاف الزمزمي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ردا على دعوة امينة المريني، عضو الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إلى المساواة بين المرأة والرجل في كل شيء بما في ذلك الإرث، أن «هذه الدعوة نابعة عن جهل بالشريعة الإسلامية، لأن قسمة الميراث قسمة ربانية، تولاها الله بنفسه، فالذي يطالب بتغيير هذه القسمة، لا بد أن يكون جاحدا للقرآن الكريم، ولا يعترف بأنه كلام الله عز وجل، ولا يمكن لمسلم أن ينتقد أحكام الشريعة الإسلامية التي ثبتت بنصوص قطعية مثل نصوص الميراث».

وذكر الزمزمي، عضو مجلس النواب، المنتمي لحزب النهضة والفضيلة ذي المرجعية الإسلامية (معارض)، أن الإسلام شرع الاجتهاد في الأحكام الظنية، التي ليست لها دلالة قطعية، أما الأحكام الفاصلة والحاسمة فلا سبيل إلى الاجتهاد فيها، مشيرا إلى أن «مطلب المساواة في اقتسام الإرث بين المرأة والرجل متسرع وغير متبين، لأننا بالرجوع إلى قسمة التركة في الإسلام نجده سوّى في بعض المواطن بين الذكر والأنثى، وجعل للأنثى نصف ما أعطاه للذكر، وأعفى الأنثى من التكاليف التي أوجبها على الذكر وحده».

وفسر الزمزمي ذلك بأن الذكر مسؤول عن الإنفاق على والديه وزوجته وأبنائه، بينما المرأة معفاة من كل تلك التكاليف، ولذلك فإن العدل يقضي بأن تكون القسمة كما وضعها القرآن الكريم، «فإذا أعطينا الأنثى عطاء متساويا مع الذكر، ثم ألزمنا الرجل بالنفقات المذكورة، وأعفينا المرأة فهذا هو الظلم بعينيه».

وأضاف بنحمزة أن الله سمى الاعتراض على الإرث معصية واعتداء على حدود الله، وأوعد على ذلك بعذاب مهين، موضحا أن «المطالبة بالتساوي في قسمة الإرث قائمة على جهل فظيع بعلم الميراث، لأن مجموع الحالات التي يفضل فيها الرجل النساء هي بالتحديد 16، 33 في المائة من مجموع حالات الإرث، وقد جهل هؤلاء الذين يطالبون بالتسوية أن المرأة تساوي الرجل في حالات عديدة، منها الأب والأم مع وجود الإبن والإخوة من الأم يتساوى إناثهم مع ذكورهم، والأوضح من هذا أن المرأة قد ترث ويحرم أخوها في درجتها، مثلما لو ماتت امرأة وتركت زوجا وأختا شقيقة وأختا لأب، فللزوج نصف، وللأخت نصف، وللأخت من الأب واحد، فتقسم الفريضة على سبعة، ولو كان مكان الأخت للأب أخ لما ورث أصلا، لأنه يرث بالتعصيب، ولم يبق له بعد الزوج والأخت الشقيقة شيء».

واستبعد بنحمزة أن تكون هذه المطالبة بالتسوية في قسمة الإرث «معبرة عن موقف المرأة المغربية التي نراها تندفع يوميا للالتحام بهدي الإسلام وتمثله».

وقالت بسيمة حقاوي، رئيسة منظمة «تجديد الوعي النسائي»، ونائبة في البرلمان تنتمي لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامي المعارض في مجلس النواب «إن اللواتي طرحن موضوع المساواة في اقتسام الإرث بالمساواة بين المرأة والرجل لا يملكن الحق في إثارته، ولا علاقة لهن به، وهو تطفل منهن على ميدان ليست لهن فيه أي خبرة، وفي ذلك تجاوز أيضا للمؤسسات، باعتبار أن المجلس العلمي الأعلى هو المؤهل للبت في القضايا ذات الطبيعة الشرعية».

ودعت الحقاوي المجلس العلمي الأعلى «إلى التدخل، كما تدخل في العديد من المناسبات والمواقف من قبل ليقول كلمته. أما أفراد المجتمع المدني فيتعين عليهم التحرك وفق المنطق الذي يحكم العمل الجمعوي، ولكل تخصصه».

وكانت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب قد أصدرت أخيرا بيانا صحافيا بمناسبة اليوم الوطني للمرأة المغربية، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، طرحت في إحدى فقراته مسألة الإرث. ومما جاء في البيان: «لم نقترب بما يكفي من المساواة ما دامت مدونة الأسرة تتضمن رغم التعديل الذي عرفته، مقتضيات تمييزية كثيرة، كتلك التي تتعلق بالإبقاء على مبدأ تعدد الزوجات والتمييز بين الرجل والمرأة في مجال حل العلاقات الزوجية، والولاية القانونية على الأبناء والإرث وغير ذلك».

وحاولت «الشرق الأوسط» في اليومين الأخيرين الاتصال مرارا بربيعة الناصري، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، وسعيدة الإدريسي رئيسة فرع الجمعية بالرباط، وأمينة المريني، عضو الجمعية، التي أثارت الجدل بدعوتها، بيد أنها لم يتسن لها الحصول على وجهات نظرهن، ويبدو أنهن تفادين الحديث عن الموضوع تحاشيا لإثارة مزيد من الجدل.