مواجهة تلفزيونية حامية بين أوباما وماكين: «التغيير» مقابل «تغيير الاتجاه»

المرشح الديمقراطي تفوق والجمهوري سجل أفضل أداء له

بعض الأميركيين تابعوا مباراة بيسبول بينما تابع أخرون المناظرة بين ماكين واوباما (أ ب)
TT

لخص باراك اوباما وجون ماكين المرشحان المتنافسان على رئاسة البيت الابيض، في المناظرة التلفزيونية التي جرت بينهما الليلة قبل الماضية خلافهما في تعبيرين. اختار ماكين تعبير «تغيير الاتجاه» في حين تحدث اوباما عن «التغيير». أبدى المرشح الجمهوري ماكين مهارة في محاولته تحويل آخر مناظرة تلفزيونية لصالحه ضد منافسه الديمقراطي باراك اوباما، بيد ان اوباما استطاع ان يحقق تفوقاً في طرح افكاره حول القضايا الداخلية خاصة الضرائب والصحة والتعليم والطاقة والاجهاض وكيفية عمل الحكومة الفيدرالية، وافادت الاستطلاعات التي جرت بعد المناظرة انه حقق تفوقاً. وأظهرت آخر استطلاعات الرأي بعد ساعات من المناظرة الاخيرة بين المرشحين المتنافسين، تقدم أوباما بفارق أربع نقاط على ماكين لما يجعل الفارق بينهما 44 إلى 49 نقطة لصالح المرشح الديموقراطي. وقد سعى ماكين في بداية المناظرة الاخيرة بينهما الى وضع اوباما في موقف الدفاع حول عدد من القضايا. واثار موضوع الضرائب جدالاً كبيراً بين المرشحين، وكان «نجم المناظرة» مواطنا أميركيا عاديا من اوهايو يدعى جو، كان قد قال لاوباما اثناء تجمع انتخابي في الولاية بان سياسته الضرائبية ستضر به، وخاطب ماكين هذا السباك قائلاً، إنه سيخفض ضرائبه ولن يزيدها مثل أوباما. وخاطب اوباما السباك قائلاً، «كلانا يريد اقتطاع ضرائب لكن السؤال لصالح من، انا اريد إعفاء 95 بالمائة من الأميركيين الذين يحصلون على أقل من 25 ألف دولار سنوياً وأؤكد لك انني لن أقتطع منهم دولاراً واحداً من الذين يقدمون خدمات للمجتمع خاصة الممرضات ورجال الاطفاء والمدرسين وكل من يقدمون خدمات للمجتمع. ورد ماكين قائلاً «إذا كان الأمر كذلك لماذا نزيد ضرائب على الآخرين». وكانت أقوى لحظات المناظرة عندما تطرق المرشحان لما أثير خلال الحملة الانتخابية من اتهامات، وفي هذا السياق وضع اوباما مسافة بينه وبين وليام أيرز وهو استاذ جامعي في شيكاغو، سبق له ان قاد منظمة ارهابية في الستينات قامت بعدة تفجيرات احتجاجاً على حرب فيتنام، وقال إنه لن يتشاور معه عندما يكون في البيت الابيض، في حين خاطب ماكين اوباما الذي يحاول دائماً ربطه بالسياسة المتبعة من طرف الجمهوريين خلال السنوات الثماني الماضية قائلاً «سيناتور أوباما، انا لست الرئيس بوش، إذا كنت تريد ان تترشح ضده كان عليك ان تقوم بذلك قبل اربع سنوات» وزاد قائلاً «الاميركيون يريدون توجهاً جديداً». وقاد جون ماكين حملة شرسة ضد اوباما الذي كان عليه ان يدحض الملاحظات السلبية، وأشار الى ان هيلاري كيلنتون هي التي طرحت مسألة علاقات اوباما، في إشارة الى علاقاته مع من يوصفون بالارهابيين. ورد اوباما قائلاً إن الناس رددوا كلمة «أرهابي، اقتلوه» اثناء تجمعات انتخابية للمرشح الجمهوري، وقال اوباما إن حملة ماكين تركز على الأمور الشخصية وليس على البرامج. وقال إن آيرز عندما قام بانشطته الارهابية كان عمره عندئذ ثماني سنوات، مؤكداً ان ليس له علاقة بحملته الانتخابية. ثم سرد أسماء من يخالطهم من سياسيين أميركيين معروفين ورجال أعمال مرموقين. وقال ماكين إنه شعر بالأسى لتصريحات عضو مجلس النواب الديمقراطي جون لويس والتي ربط بين ماكين ونائبته سارة بالين بفصل مؤلم من التاريخ الاميركي وهي حقبة الفصل العنصري وعاب على أوباما أنه لم يدافع عنه. من جانبه قال أوباما إن دعايات ماكين الانتخابية كانت سلبية للغاية تجاهه وتضمنت ادعاءات عارية من الصحة في حقه. وفسر المرشحان أسباب تأييدهما لخطة الإنقاذ التي اقترحتها إدارة الرئيس بوش، وقال ماكين إنه سيعمل على مساعدة أصحاب المنازل الذين يواجهون مصاعب في تسديد اقساطهم الشهرية، في حين قال اوباما إنه ساند الخطة لانها ستخلق وظائف جديدة وتقدم مساعدات للعائلات والطبقة الوسطى ومساعدة اصحاب المنازل. وقال ماكين إن الأزمة المالية سببها انهيار سوق العقارات في الولايات المتحدة وأن الحل هو شراء الحكومة الأميركية للديون العقارية وتخفيف العبء من على كاهل الأسر الأميركية. ثم أجاب أوباما بأن الحل يكمن في إيجاد وظائف ومنع الشركات من نقل الوظائف الى خارج الولايات المتحدة وخفض الضرائب على الطبقة المتوسطة.

وتحدث المرشحان عن نائبيهما جوزيف بايدن وسارة بالين، فنوه ماكين بقدرات بالين وقال إنها تتمتع بكفاءات عالية وحققت نجاحات في ولايتها (آلاسكا)، في حين قال اوباما إن بايدن خبير في الشؤون الدولية ومدافع عن الطبقة العاملة في الداخل. ورد عليه ماكين قائلاً إن بايدن هو الذي اقترح تقسيم العراق الى ثلاث دول.

وتطرق المرشحان لموضوع النفط واقترحا تقليل الاعتماد على نفط الشرق الوسط وفنزويلا، وقال ماكين إنه يجب الاعتماد على الطاقة النووية ووضع خطة للاستغناء عن نفط منطقة الشرق الاوسط خلال فترة تتراوح ما بين سبع الى عشر سنوات، في حين قال اوباما إن الاستغناء عن نفط الشرق الاوسط يتطلب عشر سنوات. وانتقد ماكين توجه اوباما للجلوس مع الرئيس الفنزويلي دون شروط مسبقة. وقال إن اوباما يريد فرض قيود على التجارة واقتطاع ضرائب جديدة، وان اميركا يجب ان تعتمد على مصادرها في الطاقة وزيادة الاعتماد على الطاقة النووية والتوقف عن إرسال الأموال الى الدول التي لا تحب أميركا. وأضاف ماكين ان على اميركا أن تقلل من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط والنفط الفنزويلي والاعتماد على النفط الكندي وبناء 45 منشأة طاقة نووية وفق معايير الأمان. أما أوباما فقال إنه خلال عشر سنوات يمكن للولايات المتحدة أن تتوقف عن استيراد النفط من الشرق الأوسط وأن على اميركا أن تتوقف عن الاقتراض من الصين وإرسال الاموال الى السعودية من أجل النفط. وشدد أوباما على أنه سيعمل على خفض قيمة التأمين الصحي لمن يملكون تأمينا وسيعمل على إيجاد خدمة صحية لمن لا يملك تأمينا صحيا وفي ذات الوقت سيزيد من الانفاق على الصحة الوقائية. أما ماكين فقال إنه سيعمل على إيجاد برامج رشاقة في المدارس الأميركية من أجل القضاء على السمنة وإنه سيعيد خمسة آلاف دولار لكل أسرة من أموال الضرائب التي يدفعونها سنويا من أجل دعم إنفاقهم الصحي. وتباينت افكار المرشحين حول الاجهاض وابدى اوباما تأييداً لمسألة الاجهاض لكن مع تقييد الامر ودعا مجدداً الى تثقيف الشباب جنسياً، واكتفى ماكين الذي تقف نائبته بالين بقوة ضد الاجهاض، بالحديث في العموميات حول هذا الموضوع. وبشأن التعليم دعا اوباما الى دعم الحكومة الاميركية للمدارس وتيسير دخول الطلاب الى الجامعات، وعبر ماكين عن تحفظه حول الدعم الحكومي للمدارس وقال إن هذا الدعم لم يحسن مستوى مدارس واشنطن التي تعتبر من اقل المدارس مستوى في الولايات المتحدة. وفي النهاية ألقى ماكين كلمة ختامية في المناظرة، حيث قال إن هذه أوقات صعبة لاميركا وان البلاد تحتاج الى توجه جديد وانه يملك سجلا طويلا من العمل النيابي. وأضاف أنه سيعمل على إصلاح النظام الصحي والتوقف عن هدر المزيد من الأموال الحكومية والحفاظ على أموال دافعي الضرائب ولذلك فإنه يريد من الشعب الاميركي دعمه. وأنه خدم اميركا ووضعها في المقدمة طيلة مسيرته السياسية والعسكرية. من جانبه قال أوباما إن اميركا تواجه أكبر خطر اقتصادي منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ولذا عليها أن تغير اتجاهها وأنه يؤمن بأن الأيام المقبلة ستكون أكثر إشراقا لو تم تطبيق سياساته وهو يطلب من الشعب الأميركي دعمه من أجل ان يعمل بلا كلل أو ملل لصالح المواطن الأميركي.

يشار الى ان المناظرة استمرت 90 دقيقة كسابقاتها وأدارها بوب شيفر من شبكة «سي بي إس» وأقيمت في جامعة هافسترا في نيويورك.