أميركا تحذر من تداعيات عدم إبرام الاتفاق الأمني على عمليات قواتها في العراق

البنتاغون والخارجية : القوات ستصبح حبيسة قواعدها بعد انتهاء تفويض الأمم المتحدة

TT

أعلن الناطق باسم الحكومة العراقية اول من امس بأن المفاوضين العراقيين يراجعون حاليًا مسودة جديدة للاتفاقية الأمنية مع اميركا التي طال انتظارها والتي تنظم مهام القوات الأميركية في العراق. ويشير الإعلان عن مسودة جديدة ـ رغم أنها ما زالت بعيدة عن كونها مسودة نهائية ـ إلى أن العراقيين يقتربون أكثر من الموافقة النهائية على الاتفاقية. وأوضح الناطق باسم الحكومة، علي الدباغ، أن المسودة تتضمن الجدول الزمني الذي نوقش سابقًا بشأن انسحاب القوات الأميركية المقاتلة، حيث ستنسحب القوات من المدن والبلدات العراقية في منتصف الصيف المقبل، وترحل عن البلاد في عام 2011.

ولم يقدم العراقيون أي تفاصيل تتعلق بلغة المسودة، كما أنه من غير الواضح ما إذا كانت المسودة تنص على أن عملية الانسحاب سترتكز على تحقق أشياء محددة على أرض الواقع. وتتضمن المسودة أيضًا فقرات تتعلق بموضوع معقد؛ وهو ما إذا كان الجنود الأميركيون ستكون لديهم حصانة من الخضوع للقانون العراقي. وفي هذا الشأن أفاد المسؤولون العراقيون أن المسودة تمنح الجنود الأميركيين حصانة من القانون العراقي فقط إذا كانوا في عمليات عسكرية، ولكن هذه الميزة لا يتم الاعتداد بها إذا كانوا خارج مهمة عسكرية رسمية. وعلى الجانب الآخر، فإن الحكومة الأميركية لا تنظر إلى المسودة على أنها في صيغتها النهائية، وذلك لأنها ما زالت رهن الموافقة من قبل ثلاثة كيانات سياسية عراقية ألا وهي: المجلس السياسي للأمن الوطني ، ومجلس الوزراء، والبرلمان. وقال غوردن جوندرو، الناطق باسم البيت الأبيض، «إننا ما زلنا في مرحلة النقاش مع العراقيين، كما أن العراقيين يجرون نقاشات مع أنفسهم وأنها مازالت مستمرة»، وفي نفس السياق أقر شون ماكورماك، الناطق باسم الخارجية الأميركية، بأنه ما زال هناك «نص» موضع نقاش. وقد أعلن العديد من الأعضاء المستقلين داخل البرلمان أن تلميح الحكومة العراقية بأن ثمة تقدما كبيرا وملحوظا في الاتفاقية الأمنية فيه شيء من المبالغة. فقد أوضح محمود عثمان، العضو البرلماني الكردي المستقل، ان «هذه الاتفاقية تواجه معارضة شديدة داخل البرلمان، فبعض القوميين لا تروقهم تلك الاتفاقية، وهناك جماعات أخرى لها نفس الرأي. وهم لن يعارضونها ككل، ولكنهم يشيرون إلى أنهم لا يحبذون هذه المادة أو تلك. وقد يتم تمريرها، إلا أنها ستستغرق بعد الوقت» وتابع عثمان: «الموقف مازال مشوشًا حتى الآن، كما أن لا أحد من دول الجوار متحمس حيالها. فإيران تحاول جاهدة إما تأجيلها وإما عدم توقيعها ككل. كما أن سورية تفعل نفس الشيء. وحتى تركيا ليست مع العجلة في توقيعها». وتجدر الإشارة إلى أن دول الجوار ـ خاصة تلك التي لديها تمثيل دبلوماسي محدود أو ليس لها تمثيل على الإطلاق مع الولايات المتحدة مثل سورية وإيران ـ ترى أن وجود القوات الأميركية يعتبر تدخلاً في المنطقة. ويقول العديد من أعضاء البرلمان إن فقرات الحصانة المقترحة ـ التي تؤيدها الولايات المتحدة ـ تعتبر فضفاضة للغاية، وهم يريدون أن يكون الجنود الأميركيون خاضعين للقانون العراقي في كافة أعمالهم وعملياتهم. إلا أن الأميركيين يرون أن قواتهم يجب أن تكون لديها حصانة أثناء العمليات العسكرية. وهناك بعض أعضاء البرلمان الذين يريدون أن تتضمن الاتفاقية فقرة قانونية تستلزم تفتيش جميع الشحنات الأميركية القادمة إلى البلاد، حيث يخشى بعض العراقيين أن يجلب الأميركيون معهم أسلحة من الممكن أن يتم استغلالها في مهاجمة دول الجوار. ويشعر الإيرانيون على وجه الخصوص بالقلق الشديد من أن تشن الولايات المتحدة هجوما عسكريا عليهم انطلاقًا من الأراضي العراقية. يذكر أن الولايات المتحدة وإيران في حالة تناوش منذ عدة سنوات، حيث تصر إيران على المضي في إنتاج الوقود النووي، الأمر الذي يخشى العديد من القادة السياسيين في الولايات المتحدة وأوروبا أن يتم استغلاله في إنتاج قنبلة نووية. ويقول علي الأديب، القيادي المقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إن «حق تفتيش جميع الشحنات من وإلى العراق هو في صميم القضية». واضاف «هناك احتمال أن تحتوي تلك الشحنات على أسلحة قد تضر بالعراق، بالرغم من أن الأميركيين تعهدوا من جانبهم بأنه لن يتم إدخال أسلحة دمار شامل إلى العراق». ومن جانبهم، يشعر الأميركيون بالقلق من انقضاء الوقت المتاح للمصادقة على الاتفاقية الذي يفترض أن يكون قبل نهاية العام، حيث سينتهي قرار التفويض الصادر من الأمم المتحدة بشأن الوجود العسكري الأميركي في العراق. وفي هذا الشأن، يحذر مسؤولون بالجيش الأميركي ووزارة الخارجية الأميركية من أنه ما لم تتم المصادقة على الاتفاقية أو تصدر الأمم المتحدة قرارًا بمد فترة التفويض ـ وهو أمر بعيد الاحتمال، نظرًا للحاجة إلى إقناع مجلس الأمن بضرورة ذلك ـ فإن القوات الأميركية ستضطر إلى إيقاف عملياتها. وستكون حبيسة قواعدها، ولن تكون قادرة على التحليق بالطائرات لدعم العمليات، أو المشاركة بأي شكل من الأشكال في العمليات القتالية.

* خدمة «نيويورك تايمز»