مطالبات ببت القضايا العالقة ترافق الترحيب بالتبادل الدبلوماسي بين لبنان وسورية

فتفت: إذا صفت النيات نستطيع ترسيم الحدود خلال أسبوعين

TT

تواصلت امس ردود الفعل اللبنانية المرحبة بقيام علاقات دبلوماسية بين لبنان وسورية «تأمينا لمصالحهما» كما رأى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. فيما اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت ان البلدين بدآ «صفحة جديدة تطلق نوعا من العلاقات الندية» وان المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري «لم يعد له دور فاعل في هذه المرحلة».

ووصف المفتي قباني العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية بـ «الخطوة المهمة التي تصب في تعزيز اواصر الاخوة والمحبة بين الشعبين على اسس وثوابت تحفظ الود والاحترام المتبادل والثقة والتعاون بين البلدين، بما يعود عليهما بالنفع ويحقق مصالح الشعبين الشقيقين، ويؤمن المصالح الحيوية والمشتركة بينهما». ورأى «ان اقامة العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية مؤشر هام لتمتين العلاقات في سبيل تحقيق ما يطمح له الشعبان».

واعتبر النائب فتفت ان العلاقات الدبلوماسية بين سورية ولبنان «كان يجب ان تتحقق منذ زمن طويل لانها اعتراف بسيادة لبنان واستقلاله وتغيير في الثقافة السياسية التي كانت سائدة لجهة عدم الاعتراف بلبنان». وهذا يتطلب حل عدد كبير من الملفات، فهناك ملف ترسيم الحدود، واذا صفت النيات اعتقد اننا نستطيع ترسيم الحدود خلال اسابيع، ومراقبة الحدود بشكل فاعل وفعلي ومن الطرفين، والتعاون مطلوب من الطرفين لضبط الحدود اللبنانية ـ السورية ضد كل اشكال المرور غير الشرعي على هذه الحدود، وصولا الى مزارع شبعا التي هي ضمن موضوع الترسيم، مرورا بموضوع المفقودين والمعتقلين في سورية وصولا الى موضوعين شائكين هما المحكمة ذات الطابع الدولي التي اصبحت في عهدة الامم المتحدة ونزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات، اي ما يسمى القواعد الفلسطينية، وهي ليست فلسطينية ومنتشرة على طول الحدود اللبنانية ـ السورية وقرب مطار بيروت، وبالتالي هناك ملفات عدة يجب ان يتم النقاش فيها».

وشدد عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب انطوان سعد، على «ضرورة استكمال تصحيح العلاقة بين لبنان وسورية على قاعدة احترام سيادة لبنان واستقلاله ومعالجة القضايا الخلافية»، وعلى ان «العلاقة بين البلدين يجب ان تكون ندية وغير منقوصة وليست مشروطة».

وقال امس إن «فتح سفارتين بين لبنان وسورية خطوة إيجابية ومطلوبة في طريق تصحيح العلاقة التي انتهكها النظام السوري منذ أكثر من ثلاثين عاما من خلال ممارساته وهيمنته وإمساكه بكل مفاصل الدولة ومؤسساتها والتدخل في شؤونها الداخلية والخارجية» لافتا إلى أن «هناك خطوات عملية على دمشق أن تبادر إلى تنفيذها وفي طليعتها ترسيم الحدود ووضع حد للانتهاكات السورية في بعض الأماكن الحدودية خصوصا في السلسلة الشرقية والانتقال من الكلام النظري إلى الخطوات الفعلية والملموسة». واعتبر أن «قرار إنشاء السفارتين انتصار لخيارات 14 آذار الاستقلالية وللمؤسسات الدستورية في لبنان»، واضاف: «المطلوب اليوم هو اتخاذ خطوات عملية لجهة تحديد صلاحيات المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري الذي لم يكن يوما لمصلحة لبنان، وبالتالي يجب إلغاؤه ووقف صلاحياته مع بدء عمل التبادل الدبلوماسي وفتح السفارات، والنظر إلى كل الاتفاقات التي أبرمت بين البلدين في أيام الوصاية وإعادة تصحيح ما لا يناسب الدولة اللبنانية، لأن الكثير من هذه الاتفاقات هي لمصلحة سورية وليس لبنان».

من جهته، قال المرجع الشيعي اللبناني السيد محمد حسين فضل الله في خطبة الجمعة أمس: «اننا في الوقت الذي نرحب بالخطوة الاخيرة التي اتخذها الرئيس السوري (بشار الاسد) نأمل بأن تكون فاتحة خير لعلاقات لبنانية ـ سورية متينة ولعلاقات عربية ـ عربية سلمية».

واعتبر مسؤول منطقة الجنوب في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق «ان بدء العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وسورية هو تأكيد على صوابية نهج التصالح والوفاق والايجابية والأخوة وعمق العلاقة الاستراتيجية والمصيرية بين البلدين وتأكيد أن مسار التصادم والتحريض كان خاطئاً».

وقال رئيس «هيئة علماء جبل عامل» الشيخ عفيف النابلسي: «نحن نعتقد أن البدء بعلاقات دبلوماسية في ظل أوضاع عربية ودولية مأزومة من شأنه أن يحقق ضمانات سياسية واقتصادية وأمنية تحصّن الساحتين اللبنانية والسورية وتجنبهما الكثير من الخضات والتناقضات التي يشهدها العالم والمنطقة».

ورحب المجلس الاعلى لحزب «الوطنيين الاحرار» في بيان أصدره أثر اجتماعه الاسبوعي أمس برئاسة رئيسه دوري شمعون، بإعلان إقامة علاقات دبلوماسية بين لبنان وسورية، معتبراً «أنه يلبي مطلباً سيادياً لبنانياً عمره من عمر استقلال الوطن والذي زكته ودفعت باتجاه تحقيقه دماء الشهداء، وآخرهم شهداء انتفاضة الاستقلال».

ورأى أنه «يفترض بالجانب السوري، إذا قرر فعلاً طي صفحة ماضية تجاه وطن الارز، المبادرة الى اطلاق المعتقلين اللبنانيين في سجونه والمساهمة في كشف مصير المفقودين وترسيم الحدود، بما فيها مزارع شبعا، ووقف كل أنواع التدخل المباشر وغير المباشر في الشؤون الداخلية اللبنانية، والتجاوب مع طلب اعادة النظر في الاتفاقات الموقعة وتعديل المجحف منها، ما يستدعي الغاء المجلس الاعلى لما يشكله من خرق للدستور ولما يمكن أن يتسبب به من ازدواجية ولفقدان سبب وجود بعد تثبيت التبادل الدبلوماسي».

ونوَّه رئيس «التيار الشيعي الحر» الشيخ محمد الحاج حسن بـ «قرار السلطات السورية اقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان»، معتبراً ذلك «انجازاً كبيراً وتحقيقاً لما طالبنا به منذ البداية» ومشدداً على ضرورة «بذل الجهود لضمان استقرار العلاقات الندية والجدية بين البلدين الشقيقين».

من جانب آخر، لا تزال التفاصيل المتعلقة بالإجراءات العملية لتبادل السفراء بين البلدين غير معلنة، إلا ان مصدرا مقربا من رئاسة الحكومة اللبنانية قال إنه تم الاتفاق على ان يكون مقر السفارة السورية في لبنان في منطقة بئر حسن على المدخل الجنوبي الغربي لمدينة بيروت في منطقة الجناح، حيث كان المقر السابق للمخابرات السورية. وأشار المصدر نفسه الى انه لم يتم بعد تحديد موقع السفارة اللبنانية في دمشق.