لاهاي تفتح طاقة أمل للرئيس السوداني.. وتطلب أدلة إضافية عن مذكرة التوقيف

منحت الادعاء العام مهلة حتى منتصف الشهر القادم.. الخرطوم تعتبره دليلا على عدم مهنية أوكامبو

TT

طلب قضاة الغرفة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية، التي تنظر في مذكرة توقيف ضد الرئيس السوداني عمر البشير، من هيئة الادعاء في المحكمة تقديم مزيد من الأدلة بشأن مذكرة التوقيف التي تقدم بها المدعي العام، لوريس مورينو اوكامبو. واتهم هذا الأخير الرئيس السوداني بتدبير حملة ابادة جماعية في دارفور، وارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في الإقليم السوداني المضطرب. وأمهلت المحكمة المدعي العام حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، كآخر موعد لتقديم الأدلة الإضافية. وفي وقت رأى فيه خبراء قانونيون ان هذا الإجراء لا يعني ضعف قضية الادعاء رآى اخرون انه قد يكون طاقة أمل جديدة للرئيس السوداني لتبرئة ساحته إذا عجز الادعاء خلال الفترة المحددة في جلب ادلة جديدة تقنع القضاة. واعتبرت الخرطوم من جانبها هذا الإجراء دليلا على ما وصفته بعدم مهنية اوكامبو، وجددت رفضها التعامل مع لاهاي حتى لو اصدرت قراراً بتبرئة البشير. ودعت المحكمة في بيان لها أمس ممثلي هيئة الادعاء الى أن يقدموا مواد إضافية داعمة في ما يتعلق ببعض الجوانب السرية، في طلب الادعاء، بحلول 17 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. واعتبر مصدر في لاهاي قريب من المحكمة تحدث لـ«الشرق الأوسط»، ان الاجراء الذي اتخذته الغرفة الابتدائية للمحكمة الجنائية بطلب مواد إضافية، أمر طبيعي في مثل هذه القضايا، وقال «من الطبيعي ان تطلب المحكمة المزيد من المعلومات». ورأى ان «قضية السودان لا تزال تحتمل كل الاتجاهات، وان البشير إن لم يحاكم بالابادة الجماعية قد يدان بجرائم الحرب وضد الإنسانية.. أو قد يبرأ». وأشار الى ان طلب ايقاف البشير لن يصبح قانونياً الا بموافقة الغرفة الابتدائية. مستبعداً امكانية ايقاف اجراءات المحكمة بضغط من أطراف سياسية. وفي أول رد فعل للخرطوم حول تطورات المحكمة الجنائية قال مسؤول رفيع في الحكومة لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده لا تزال عند موقفها الرافض للتعامل مع لاهاي. نافياً وجود صفقة بين الحكومة وعدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، في اتجاه عرقلة اجراءات المحكمة. وقال «إن الحكومة لا تتعامل بمثل هذا المنهج والسلوك». وجدد اتهام حكومته بأن المدعي العام اوكامبو تحركه اجندة سياسية ودول غربية معادية لبلاده، وقال «ان طلب اضافة معلومات جديدة يؤكد ما ذهبنا اليه من ان ادلة اوكامبو ضعيفة ومفبركة والرئيس البشير بريء منها». من جهته قال نقيب المحامين السودانيين فتحي خليل لـ«الشرق الأوسط» إن طلب الغرفة الابتدائية للمحكمة الجنائية للمدعي العام تقديم المزيد من المعلومات حول ادعائه يعني ان ما قدمه اوكامبو لا يرقى لإقناع المحكمة. وتوقع ان تشطب المحكمة الادعاء ضد البشير، اذا لم يستطع اوكامبو تقديم المعلومات في التاريخ الذي حددته المحكمة في السابع عشر من الشهر القادم. وقال إن «البينات التي قرأها من قبل الادعاء ضعيفة وان اوكامبو يحاول الايحاء بأشياء معينة، منها وجود معلومات سرية وجميعها مفبركة»، وتابع «المدعي العام تجاوز إحالة مجلس الأمن الدولي في التحقيق حول مزاعم الابادة في دارفور، وتقرير القاضي انطونيو اساسيوس لم تشر الى وجود ابادة». وقال ان اوكامبو كان اسيراً لمنظمات يهودية وقيادات التمرد في دارفور. وجدد نقيب المحامين السودانيين، رفض الحكومة تسليم اي مواطن سوداني الى لاهاي، وتابع «حتى اذا ارادت الحكومة تسليم مواطن فإننا سنتحرك ضدها لان ذلك يمس السيادة الوطنية». وقال المحامي والناشط في حقوق الإنسان المتخصص في القانون الدولي، كمال الجزولي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» انه تنبأ بأن تطلب المحكمة الابتدائية المزيد من المعلومات. وأضاف «من السهل للمحكمة ان توافق على الادلة اذا كانت كافية في جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.. لكن من الصعب ان تثبتها في جرائم الابادة الجماعية»، وتوقع ان يكون الجدل الدائر الآن داخل الغرفة الابتدائية للمحكمة حول جريمة الابادة الجماعية والأدلة حولها.

وقال الجزولي ان اتهام المدعي العام اوكامبو للرئيس البشير بجرائم ابادة جماعية كان مفاجئاً للجميع. وقال ان الاتهامات التي وجهها المدعي العام لكل من احمد هارون ومحمد علي كوشيب لم تشمل الابادة الجماعية، وتابع «اتهام الابادة ينسف التسلسل الذي وجه به المدعي العام لمتهمين في ذات القضية والمسؤولية»، مشيراً الى ان لجنة التحقيق التي رأسها انطونيو كاسيسوس لم تشير الى وقوع ابادة جماعية. وقال ان جرائم الحرب وضد الانسانية لا تقل خطورة عن الابادة الجماعية، لكن اضافة اتهام جريمة الابادة الجماعية للبشير محيرة. وقال الجزولي انه تنبأ بأن تطلب المحكمة الابتدائية التي تنظر في القضية المزيد من المعلومات، وأضاف «من السهل للمحكمة ان توافق على الأدلة اذا كانت كافية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لكن من الصعب ان تثبتها في جرائم الابادة الجماعية»، وتوقع ان يكون الجدل الدائر الآن داخل الغرفة الابتدائية للمحكمة حول جريمة الابادة الجماعية والادلة حولها. وكان الرئيس السوداني البشير قد نفى في الأسبوع الماضي خلال مقابلة تلفزيونية إعطاءه الاوامر بقتل المواطنين في دارفور وان اتهامات المدعي العام مفبركة ومختلقة من أساسها. ويتوقع ان تصدر المحكمة قرارها بشأن مذكرة التوقيف بداية العام القادم.