قبيلة الهوسا السودانية تفجر مظاهرات دامية بسبب تصريح نسب للرئيس اعتبرها «وافدة»

البشير أقسم لقادة القبيلة بنفي ما جاء فيه.. وومسؤولون يتهمون الترابي بتحريك الاحتجاجات

TT

قتل 7 اشخاص واصيب نحو 107 في صدامات وقعت بين الشرطة ومحتجين من قبيلة «الهوسا» في السودان، خلال مظاهرات احتجاج سيرها العشرات من عناصر القبيلة في عدد من ولايات السودان، بسبب تصريح نسب الى الرئيس السوداني عمر البشير في احدى صحف الخرطوم قال فيه إن «الهوسا» بالسودان أجانب ولا وجود لها بالبلاد، ما أثار حفيظة القبيلة المنتشرة على نطاق واسع في عدد من الدول العربية والأفريقية في المنطقة. لكن الرئيس السوداني نفى ان يكون ادلى بهذا التصريح للصحيفة السودانية.

وانفجرت مظاهرات انطلقت شرارتها من مدينة القضارف، عاصمة ولاية القضارف، كبرى ولايات شرق السودان، ودخلت في صدام مع الشرطة اسفرت عن مقتل ثلاثة مواطنين، وجرح اكثر من 80 بينهم 57 من أفراد الشرطة، حسب التقارير الرسمية، لتتجدد اول من امس في مدينة كسلا عاصمة ولاية كسلا في شكل مظاهرات كبيرة اجتاحت الجانب الغربي من المدينة حيث يغلب على سكانها ابناء قبيلة الهوسا. واسفرت المواجهات فيها عن مقتل 4 اشخاص وجرح 27 اخرين، كما قام المتظاهرون حسب شهود عيان بإحراق بعض محال السيارات في المدينة. وقال وزير الثقافة والإعلام بولاية كسلا، مصطفى حسن، في تصريحات صحافية، إن المتظاهرين أحرقوا مركزا للشرطة وأحدثوا خسائر كبيرة في ممتلكات المواطنين، واشار الى ان الأوضاع عادت إلى طبيعتها. وكان القصر الرئاسي قد اصدر اول من امس بيانا نفى فيه ان يكون الرئيس قد قال إن قبيلة الهوسا ليست سودانية، واعتبر ما حدث القصد منه إثارة الفتنة، كما عقد الرئيس البشير بعد ساعات اجتماع في مقر اقامته في بيت الضيافة، مع عدد كبير مع قيادات قبيلة الهوسا في السودان، وجدد فيه نفيه «بالقسم» ما ورد في الصحيفة. وقال مسؤولون في صحيفة «الايام» التي نشرت الموضوع لـ«الشرق الاوسط» ان الحديث نشر قبل شهرين ونصف الشهر من الان، وتحديدا بتاريخ الثاني من اغسطس (اب) الماضي، في حوار أجراه رئيس مجلس ادارة الصحيفة ورئيس تحريرها مع الرئيس نشر على حلقتين. واستغرب المصدر خروج مظاهرات بعد شهرين من نشر الخبر. ونشرت الصحيفة ردا من القصر الرئاسي في عددها اول من امس، وسبق الرد ان كتب رئيس تحرير الصحيفة، ادريس حسن، توضيحا حول الموضوع.

وكان ابناء الهوسا قد وجهوا مذكرة شديدة اللهجة للقصر الرئاسي حول ما نسب الى الرئيس البشير، وطالبوا بضرورة توضيح الامر. ويتهم المسؤولون في حزب المؤتمر الوطني الحاكم خصمهم حزب المؤتمر الشعبي، بزعامة الدكتور حسن الترابي، بتحريك احتجاجات الهوسا ضد الحكومة عبر مظاهرات شرق البلاد. ونسب مسؤولون في الحزب تحدثوا لـ«الشرق الاوسط» منشورات وزعها الهوسا في شرق السودان تدين الحكومة وتستهجن الحديث المنشور وتستشهد بقصاصات من الصحيفة تنسبها الى المؤتمر الشعبي.

وكشف بيان موقّع من ابناء قبيلة الهوسا في السودان تفاصيل اللقاء مع البشير، وقال إن الرئيس البشير نفى نفياً قاطعاً بأن أقسم لهم بأنه لم يقل ما جاء في الصحيفة. واضاف البيان ان البشير ثمَّن «مجاهدات وتضحيات ومساهمات الهوسا في المجالات كافة»، وقال ان الهوسا من أكثر القبائل السودانية تسامحاً وخلقاً وانسجاماً مع تكوينات مجتمع الوطن، وأضاف حسب البيان فان البشير وجه صوت لوم لمن أسماهم بالمرجفين «الذين أرادوا إشعال الفتنة وزج الهوسا في الصراع القبلي البغيض».

وقال البيان ان قيادات الهوسا اطمأنت على نوايا الرئيس البشير «وأنه لا يفرق بين الهوسا وغيرهم من القبائل»، واشار البيان الى ان القبيلة قررت مقاضاة الصحيفة قبل ان ترسل مناشدة الى الهوسا في مختلف الولايات بأن يلتزموا بضبط النفس وأن يحافظوا على الأمن واستقرار النسيج الاجتماعي.

وتنتشر قبائل الهوسا في شتى بقاع السودان ويتركزن في ولايات دارفور وسنار والنيل الازرق والقضارف وكسلا، ولهم ادارة اهلية في جنوب دارفور بدرجة نظارة. ويقدر الدكتور حسن مكي استاذ العلوم السياسية في جامعة افريقيا العالمية عددهم في السودان بنحو 3 ملايين نسمة من جملة نحو 10 ملايين من سكان غرب اقريقيا يعيشون في السودان، منذ مئات السنين. وقال مكي وهو متخصص في الدراسات الافريقية ان الهوسا هم اكبر قبيلة في افريقيا ويقدر عددهم في القارة 200 مليون نسمة ينتشرون بين شمال نيجيريا والكامرون وتشاد، واضاف «انهم موجودون في كل افريقيا ولهم وجود كبير في كينيا، وقال «يسمون بقبيلة الدعاة لانهم هم الذين تصدوا لقضية نشر الاسلام في افريقيا السوداء عبر شيخهم عثمان دانفوديو» ووصف مكي قبيلة الهوسا بأنهم اقوياء ولهم القدرة على الحركة والتحمل والقيام بالأعمال الصعبة.