أخبار العصابات الإجرامية تؤرق سكان مراكش

إحداها تزعمها طفل في العاشرة.. وآخرها تخصصت في سرقة السياح

ساحة جامع الفنا.. قلب مراكش النابض («الشرق الأوسط»)
TT

في الوقت الذي لم تلتئم فيه بعدُ، جراح ضحايا «نينجا»، الذي ألقى عليه أمن مراكش القبض الشهر الماضي، استفاقت المدينة الحمراء، قبل أيام، على خبر اعتقال مصالح الدائرة التاسعة، التابعة للمنطقة الثانية بسيدي يوسف بن علي، لطفل في العاشرة من العمر، يتزعم عصابة قاصرين، تعترض المارة وتسرقهم تحت التهديد بالسلاح الأبيض. وتتكون العصابة من 14 طفلاً، لا يتجاوز سن أكبرهم 16 عاماً. ومما زاد الخبر تشويقاً وإثارة أن أفراد العصابة يلقبون أنفسهم بألقاب كبار اللصوص في الأفلام الأجنبية.

ولم يمنع صغر سن أفراد العصابة، أن يكون عدد وسن ضحاياها كبيراً، تعرضوا لإصابات متفاوتة الخطورة، كما سلبت منهم هواتفهم الجوالة، ومبالغ مالية تختلف حسب حظ وطبيعة كل ضحية. وأجمعت ردود فعل بعض سكان مراكش، استقت «الشرق الأوسط» آراءهم، بخصوص خبر اعتقال «عصابة القاصرين»، على طرح علامات الاستفهام والتعجب، وحتى الاستنكار، المشوب بالقلق، بصدد «أبطال» الخبر ومن يتحمل مسؤولية أن يتجمع أطفال صغار السن في عصابة إجرامية، بدل متابعة دراستهم أو الاستمتاع بمباريات رياضة جماعية ومشاهدة أفلام الرسوم المتحركة، فيما لخص آخرون ردة فعلهم في عبارات من قبيل «إنها علامات الساعة».

وفي علاقة بالشأن الأمني بمراكش، أجّلت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالمدينة، إلى غاية 28 أكتوبر (تشرين الاول) الجاري، النظر في قضية سعيد آيت علا، 26 سنة، الملقب «نينجا»، الذي يتابع بتهم «الضرب والجرح المفضي إلى عاهة مستديمة مع سبق الإصرار والترصد، ومحاولة السرقة الموصوفة، والسرقة الموصوفة، ومحاولة هتك عرض بالعنف، والسرقة والضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح الأبيض». ونظراً للهالة التي رافقت أخبار الجرائم التي اقترفها «نينجا»، فإن خبر اعتقاله ما كان ليمر من دون أن يحظى باهتمام الرأي العام المحلي، إلى درجة أن بعض نساء المدينة أطلقن زغاريد الفرح، بعد الإعلان عن إلقاء القبض عليه. وليست الأخبار المرتبطة بـ«زعيم عصابة القاصرين» و«نينجا» إلا نموذجاً للعناوين والأخبار التي اعتاد المراكشيون سماعها، بين الحين والآخر، سواءٌ لجهة اعتقال عصابة أو تعرض منزل للسطو، أو مواطن لاعتداء إجرامي، يكلفه فقدان هاتف أو حقيبة يد، أو تشويها لوجه رجل او امرأة. وقبل أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود بصدد «عصابة القاصرين» ألقت عناصر الشرطة السياحية القبض على عصابة مكونة من أربعة أفراد، اختارت التخصص في سرقة السياح الأجانب بمراكش، ومما زاد الحدث إثارة أن خبر الاعتقال جاء في نفس اليوم الذي وقف فيه «نينجا» أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالمدينة.

وجاء تفكيك هذه العصابة بعد إلقاء القبض على أحد أفرادها، واعترافه باعتراض سبيل سائحة أجنبية بأحد أحياء المدينة القديمة وسرقتها. واحتجزت الشرطة لدى أفراد العصابة عدداً من المسروقات، بينها وثائق تخص سياحاً وأوراقاً مالية وجوازات سفر أجنبية. ووجهت للمعتقلين تهمة تكوين عصابة إجرامية متخصصة في السرقات الموصوفة، تستهدف الأجانب، مع الاحتجاز وهتك عرض قاصر. ولعل ما يميز الأحداث الإجرامية، التي صارت تعيش على إيقاعها مدينة مراكش، هم أبطالها، فضلاً عن تزايدها وتنوعها، وهو التنوع الذي يتراوح بين الضرب والجرح وسرقة الدراجات النارية والسطو على المنازل ونهب الممتلكات الخاصة، دون الحديث عن طابع «التخصص»، الذي صار يميز بعضها.

وفي الوقت الذي يعترف فيه بعض المراكشيين بالجهد الذي تبذله الشرطة، بدليل عدد العصابات الإجرامية، التي يتم إلقاء القبض عليها، يرى آخرون أن من شأن أخبار الجرائم، التي صارت تعكر صفو الهناء والازدهار السياحي الذي تعرفه المدينة الحمراء، في السنوات الأخيرة، أن تفقد مدينة النخيل ميزاتها المتعددة، التي جعلت منها مدينة ساحرة، يتهافت عليها سياح الداخل والخارج، ويهيمون بها إلى درجة أن آلاف الأجانب فضلوا الاستقرار بها، نهائياً.