اجتماعات ببغداد لتوحيد الموقف العراقي حول الاتفاق الأمني.. وغيتس يتباحث مع الكونغرس

الاتئلاف الموحد يؤكد أن النقاش حول الحصانة ما زال قائما.. ووزير الدفاع الأميركي يشعر بـ «الارتياح»

شباب عراقيون يلعبون البليارد في احد مقاهي مدينة بعقوبة امس، بينما دورية اميركية تحمي المكان في الخارج (رويترز)
TT

فيما تشهد بغداد اجتماعات مكثفة بين قادة الكتل السياسية لمناقشة مسودة الاتفاقية الامنية المزمع ابرامها مع الولايات المتحدة، جرت اتصالات مماثلة في واشنطن بين وزير الدفاع الاميركي مع عدد من اعضاء الكونغرس حول الاتفاقية في مؤشر على قرب إبرامها. من جهتهم دعا عدد من رجال الدين في خطب الجمعة امس الى عدم ابرام الاتفاق الامني فيما عبر آخرون عن قلق المرجعية الشيعية حيالها. وعقد المجلس السياسي للامن الوطني، الذي يتألف من الاحزاب الرئيسة في البلاد، في وقت لاحق أمس اجتماعا لبحث الاتفاق الامني، وكان طالباني قد ناقش في ساعة متأخرة من مساء أول من امس ونائباه ورئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني  بنود الاتفاقية في اجتماع خماسي يسبق طرح الاتفاقية على المجلس السياسي للأمن الوطني.

وحول ما إذا كانت اجتماعات المجلس السياسي للأمن الوطني بداية لعملية توقيع الاتفاقية، قال جلال الدين الصغير، عضو الائتلاف الموحد والقيادي في المجلس الأعلى الاسلامي لـ«الشرق الاوسط» «لا يمكن اعتبار هذه الوثيقة موقعة بين الطرفين، وانما هي الصيغة النهائية لما توصل اليه الطرفان من مفاوضات طويلة»، مؤكداً «لا زالت بعض المشاكل عالقة ولا زالت موضع نقاش رغم الصورة النهائية التي انتهت اليها المفاوضات»، مشيراً الى ان المسودة المقدمة ستعرض خلال اجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني، وإذا قبل بها بصيغتها هذه سوف تذهب الى مجلس الوزراء لطرحها على شكل قانون يطرح على البرلمان. وحول ما تم التوصل اليه من حلول لبعض بنود هذه المسودة، قال «كانت هناك مشكلة الحصانة، واعتقد ان الوثيقة فيها تقدم جيد ومهم يصب في مصلحة الشعب العراقي، لكن في نفس الوقت لم ترفع الوثيقة الحصانة بالكامل عن الاميركان لازال هناك حيز مهم بيد القوات الاميركية».

من جهته، أكد عباس البياتي عضو لجنة الدفاع والامن في البرلمان، ان اجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني سيكون «بداية الاجتماعات لبلورة فكرة واحدة وتوحيد المواقف العراقية لتكون بموقف واحد والتوقف عند الفقرات المختلف عليها لتناقش فيما بعد على اعلى المستويات بين البلدين».

وعبرت قوى سياسية عراقية عن رفضها لإبرام الاتفاقية كالتيار الصدري، فيما اعربت اخرى عن قلقلها. وحول الخلافات العراقية ـ العراقية وكيف سيتم حسم هذا الامر، قال البياتي ان «اجتماعات المجلس السياسي جاءت أولا من أجل توحيد الموقف العراقي بعد انتهاء المرحلة الفنية التي قام بها المفاوضون من الجانبين، والاتفاقية الآن في المرحلة السياسية وهي مرحلة مهمة بين السياسيين العراقيين، بعد ذلك ستعبر الاتفاقية اذا توحدت المواقف من اجل العراق نحو المرحلة الدستورية في عرضها على مجلس النواب العراقي. وبدون توحيد المواقف في المرحلة السياسية فستواجه الاتفاقية سلسلة من الاخفاقات والنقاشات بين الرفض والقبول في مجلس النواب العراقي». وكانت مصادر قد تحدثت امس عن ضغوط اميركية على الجانب العراقي لإبرام الاتفاق قبيل نهاية العام الحالي، وإلا ستكون واشنطن مضطرة الى ايقاف عملياتها بالعراق وسحب القوات الاميركية الى قواعدها، غير ان مصادر مقربة من المالكي نفت وجود ضغوط اميركية قائلة لـ«الشرق الاوسط» ان «لا وجود لمثل هذه الضغوطات ولا يمكن للعراق ان يدرس الاتفاقية ضمن المصالح الاميركية. بل انها تدرسها وتناقشها ضمن المصالح العراقية». وحول بنود المسودة وما تم التوصل اليه، أكد سامي العسكري عضو الائتلاف الموحد في البرلمان، انه «حصل اتفاق حول الحصانة الاميركية، حيث توصل الطرفان الى ان تكون الحصانة للقوات العراقية على كل الاجانب باستثناء القوات الاميركية لاسيما داخل معسكراتهم وللعنصر المدني التابع لوزارة الدفاع الاميركية، فضلا عن العمليات التي تشارك فيها القوات الاميركية الموافق عليها من قبل الحكومة العراقية والتي لا تشهد ارتكاب حالة قتل او إهمال. ولا تشمل القوات خارج المعسكرات او التي تقوم بعمليات قتل عمد او اهمال يؤدي الى كارثة وفق القضاء العراقي وهو أمر ينسحب ايضاً على الشركات الامنية الاجنبية التي تخضع للقانون العراقي». وأضاف العسكري بالنسبة لعملية انسحاب القوات، انه تم الاتفاق على انسحاب القوات من مراكز المدن نهاية يونيو (حزيران) المقبل، على ان تنسحب من العراق بشكل كلي عام 2011، كما تم الاتفاق على عدم القيام بعمليات اعتقال ضد العراقيين وتسليمهم في حال تم ذلك خلال 24 ساعة، وأيضاً عدم قيام القوات الاميركية بأية عملية عسكرية من دون تنسيق مع الحكومة العراقية، وتم ايضاً بحث مسألة خروج ودخول القوات الاميركية من والى العراق، حيث تم الاتفاق على تقديم جميع كشوفات أسماء الجنود الاميركان الى الحكومة العراقية.

وفي واشنطن، بدأ وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس مشاورة الكونغرس بشأن مشروع الاتفاق الأمني مع بغداد. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية جيف موريل مساء اول من أمس إن غيتس «ما كان سيجري هذه الاتصالات لو لم ير ان هذه الوثيقة تحمي قواتنا في العراق بطريقة ملائمة».

وقال المتحدث نفسه إن غيتس الذي قال الاسبوع الماضي إن الولايات المتحدة قريبة جدا من ابرام اتفاق مع العراق، «مرتاح» لهذا المشروع وبدأ الاتصال برؤساء اللجان البرلمانية المعنية لمناقشة النص.

الى ذلك، أكد إمام جمعة الكوفة امس رفض التيار الصدري للاتفاقية العراقية الاميركية جملة وتفصيلا، داعيا الحكومة العراقية والبرلمان الى رفض الاتفاقية والحفاظ على مصلحة الشعب. منتقدا مواقف بعض المرجعيات الدينية التي أحالت البت بالاتفاقية الى البرلمان العراقي.  وأضاف الشيخ اسعد الناصري  في خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الكوفة الى «اننا نجدد رفضنا للاتفاقية المزمع عقدها مع المحتل جملة وتفصيلا ومهما كانت التنازلات كما تدعي الحكومة العراقية التي قدمها  المحتل».

كما دعا خطيب شيعي مقرب من المجلس الإسلامي الأعلى بزعامة عبد العزيز الحكيم العراقيين، أمس، إلى رفض الاتفاقية. وقال محمد الحيدري أمام المئات من المصلين في جامع الخلاني وسط العاصمة بغداد «إن أي اتفاقية فيها انتقاص للسيادة وتقسيم العراق هي مرفوضة وهذه قضية وطنية لا يمكن التفريط فيها». من جانبه، قال صدر الدين القبانجي المقرب من المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، إن المرجعية «قلقة» من الاتفاقية الأمنية.