الصابئة المندائيون في البصرة: ما زلنا نتعرض للتهميش والإهمال

أقدم أقلية توطنت في العراق ويعمل معظمهم في صياغة الذهب والفضة

مندائيات يؤدين أحد الطقوس الدينية (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

أكد الصابئة المندائيون في محافظة البصرة أنهم من أقدم القوميات التي توطنت في العراق، لكنهم ما زالوا يتعرضون الى التهميش والإهمال ويتطلعون الى مساواتهم بالأقليات الاخرى باعتبارهم قومية لها ثقافة خاصة ومن حقهم ان يكون لهم تمثيل برلماني ومدارس ومعابد. ورغم أنهم لم يستهدفوا على نحو خاص بأعمال الارهاب، وعرفوا بالوداعة، إذ لم يتمردوا ولم يواجهوا الأنظمة السياسية، وشاركوا في الواجبات الوطنية العامة وبناء الدولة الحديثة، وكان منهم علماء ومبدعون وأكاديميون، ويعمل معظمهم في صياغة الذهب والفضة، إلا ان البعض منهم فضل الهجرة الى خارج الوطن خشية أعمال العنف وابتزاز أموالهم. وقال سلام ناصر الخدادي رئيس التجمع المندائي الديمقراطي لـ«الشرق الاوسط» إن المشكلة التي تعيشها الطائفة حاليا «هي عدم قدرتها على ممارسة طقوسها الدينية التي تحتم عليها إقامتها بالماء الجاري». وأضاف «لا يوجد في البصرة غير مندى واحد على ضفاف نهر العشار وسط المدينه وقد تعرض هذا النهر والأنهر الستة الاخرى المتفرعة من شط العرب الى ملوثات كبيرة خلال العقد الماضي حتى باتت مصبات لشبكات المجاري الثقيلة وقد عالج النظام السابق هذه المشكله وخصص لنا قطعة أرض لبناء مندى جديد على ضفاف شط العرب باعتباره النهر الجاري الوحيد بالمحافظة، إلا ان السلطات المحلية بعد تغيير النظام صادرت قطعة الارض الممنوحة للطائفة..». وأشار الخدادي الى «ان ابناء الطائفة أصيبوا بخيبة أمل في ظل النظام الجديد الذي يدعي تطبيق الديمقراطية ويؤمن بالتعددية كونهم الحلقة الاضعف في المجتمع». وتشير المصادر التاريخية إلى أن الصابئة جاءوا الى العراق من القدس عام 70 ميلادية، واعتادوا العيش بجوار المياه أسوة بنبيهم يحيى الذي جعل من الماء طقسا للتعميد، فأسسوا حياتهم على ضفاف الأنهار والأهوار في جنوب العراق، حيث يدخل الاغتسال في مياه النهر في تفاصيل عقيدتهم. والصابئة  المندائيون تشتق تسميتهم من الفعل الآرامي القديم «صبا» أي ارتمي في الماء أو غطس. أما كلمة المندائيين فمشتقة من الفعل الآرامي «دا» الذي يعني العارف. واندمجوا مع غيرهم من القبائل في جنوب العراق فاكتسبوا ألقابها طلبا للحماية والعيش بسلام.

ويدير شؤون الصابئة مجلسان أحدهما مدني والآخر ديني روحاني، ويلبس كهنتهم وشيوخهم لباسا بسيطا يعود إلى الشعوب السالفة قائم على ثياب بيضاء وعمامة وحزام من الصوف يسمى «هميانا» وتستخدم الكلمة نفسها أيضا في اللغة العربية التراثية بمعنى الحزام أيضا، ويطلقون لحاهم ويحمل الكاهن عصا من الزيتون. وللزواج عند أفراد الطائفة طقوس خاصة بهم تقام أيام الآحاد، وهي قائمة على الاستحمام والطهارة المبالغ فيها من وجهة نظر الأديان الأخرى، ويجب أن يتم الاستحمام في ماء جار، ويبنون في منداهم معبدا بسيطا من الطين لعله يشبه البيوت التي كانت قائمة في القرن الأول الميلادي. وقال ابو الوليد (صائغ من الطائفة) «تعد صياغة الذهب والفضة من المهن المتوارثة لدى أبناء الطائفة ولهم أسواقهم في اشهر الاماكن بالمحافظة»، مشيرا الى ان «هروب كبار الصاغة وأمهر الفنانين في صناعة هذا الفن الصابئي الرفيع في السنوات الاخيرة إلى خارج البلد لم يؤثر على تفردهم في الحفاظ على موروثهم في صياغة الذهب والفضة..». يذكر أن اتحاد الجمعيات المندائية في المهجر وجه رسالة الى الحكومة العراقية طالب بالنظر إلى الصابئة المندائيين باعتبارهم عراقيين أصيلين يعبرون عن الموروث العراقي الممتد إلى السومريين والأكديين والبابليين، وباعتبار أنهم كانوا من بناة الحضارة العربية الإسلامية.