منتدى المستقبل: تأكيد على الإصلاحات من الداخل وتكرار للتوصيات السابقة

وزير الخارجية اليمني: عليكم الالتزام بالدساتير.. ومنظمات المجتمع ترد: التزموا أنتم أولا

عمرو موسى يتوسط وزراء الخارجية العرب في صورة تذكارية للمشاركين في «منتدى المستقبل» في ابوظبي أمس (أ.ف.ب)
TT

لم يخرج منتدى المستقبل في دورته الخامسة التي اختتمت أمس في العاصمة الإماراتية ابوظبي، بأي جديد عن دوراته الأربع الماضية، وكررت التوصيات نفسها كما في المنتديات السابقة. وكان أبرز هذه التوصيات تأكيد المشاركين على أهمية «تعزيز زخم الإصلاحات السياسية النابعة من البيئة المحلية»، متفقين على أن التقدم المستمر في المسيرة الديمقراطية في المنطقة «هو مسؤولية مشتركة بين الحكومات والمجتمع المدني»، بحسب البيان الختامي للمنتدى.

وفي كلمته الافتتاحية للمنتدى، أشار وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، الذي تترأس بلاده واليابان الدورة الحالية للمنتدى، إلى المبادرات الإنسانية التي تقدمت بها الإمارات في السنوات الأخيرة. واوضح انها تأتي ضمن جهود «تنفيذ الأهداف الألفية للأمم المتحدة والتزاما من الإمارات بموقف مبدئي مسؤول تجاه تطوير نظام دولي أكثر استقرارا وأكثر عدلا وسلاما».

وشارك في الاجتماع الوزاري لمنتدى المستقبل في دورته الخامسة، وزراء خارجية ووزراء دولة وعدد من كبار المسؤولين يمثلون 38 دولة من دول العالم، بالإضافة إلى نحو 200 شخصية تمثل مؤسسات المجتمع المدني في اربعين دولة حول العالم.

وقال الوزير الاماراتي إن جهود الحكومة الاماراتية ما زالت تتواصل في إدارة وتطوير برامج إصلاحية سياسية وتعليمية واقتصادية واجتماعية، كما تتواصل هذه الجهود «بفعالية ومسؤولية سياساتنا وبرامجنا في تحمل التزاماتنا الإقليمية والدولية، في تحقيق الاستقرار والسلام ونبذ العنف والتطرف والإرهاب والمساهمة النشطة في تقديم مبادرات المساعدات لمعالجة أزمات الغذاء العالمي واستقرار أسواق النفط والمال والانفتاح على الثقافات والخبرات الإنسانية ومكافحة الفقر والأمية والمرض».

وأعتبر الشيخ عبد الله أن الإصلاح في الشرق الأوسط «هو مطلب وطني قبل أي شيء آخر، وهو ضرورة للحاضر والمستقبل ويتنوع في مساراته ونطاقه من بلد إلى آخر وفقا لبيئته وإمكانياته وإرثه التاريخي والثقافي».

ومن جانبه، انتقد الدكتور أبوبكر عبد الله القربي وزير الخارجية اليمني عدم تلقي بلاده للدعم الكافي في مواجهة الإرهاب، مؤكدا أن دولا في المنطقة منها بلاده لم تحظ بالدعم الكافي «سواء لبرامجها التنموية الطموحة أو لجهودها في مكافحة الإرهاب أو للأعباء الكبيرة التي تتحملها نتيجة الأوضاع في القرن الأفريقي». وطالب القربي مجموعة الدول الثماني الكبار بضرورة الدعم المادي و«الانتقال من مرحلة الكلام إلى مرحلة العمل»، مؤكدا على أهمية بلورة الشراكة بين مجموعة الثماني والدول الشركاء مع المنطقة لضمان سير المنتدى في اتجاهه الصحيح، وتقديم الدعم الحقيقي للإصلاحات والتحديث، «خاصة للدول التي بدأت خطوات جادة لتحقيق ذلك ولكنها لا تمتلك الإمكانات المادية للاستمرار فيه، لأنه بدون هذا الدعم المادي سنظل في دائرة الكلام دون الانتقال إلى مرحلة العمل».

ولمح الوزير اليمني إلى عدم دعوة إيران لحضور أعمال هذا المنتدى، حيث انتقد «عدم دعوة دول أخرى من المنطقة»، معتبرا أن عدم دعوة هذه الدول له «آثاره السلبية على المنتدى لدى الأوساط السياسية ومنظمات المجتمع المدني في دولنا». وقال القربي إن المنطقة خطت خطوات كبيرة في مجال الإصلاحات والحريات والمشاركة الشعبية في الحكم منذ قيام منتدى المستقبل، مشيرا إلى أنها جهود لا تخدم التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فقط ولكنها أيضا جزء مهم في أية خطة لمحاربة الإرهاب وحماية الأمن القومي.

ونوه بأهمية المنتدى كمنبر للحوار، موضحا: «التطوير والتحديث في دولنا يمكن من صياغة رؤية لمستقبل تزدهر فيه العدالة والحريات والديمقراطية والتنمية الإنسانية الشاملة وتقف فيه معا أمام قوى التخلف التي تعيق عجلة الإصلاح والتحديث وتسعى لإجهاض الآمال والطموحات».

وخلال الجلسات المغلقة، رفض ممثلو مؤسسات المجتمع المدني الانتقاد اللاذع الذي وجهه إليهم وزير الخارجية اليمني، عندما طالبهم بالألتزام بالدساتير والأنظمة في دولهم، وهو ما استغربه ممثلوا مؤسسات المجتمعات المدنية، معتبرين أنهم ملتزمين بهذه الدساتير، متهمين في الوقت ذاته بأن بعض الحكومات هي نفسها لا تلتزم بالأنظمة والدساتير ولديها خروقات قانونية واضحة.

وألقت الأزمة المالية العالمية بظلالها على أجواء الاجتماع، اذ أبدى المشاركون قلقهم إزاء تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتعهدوا بمواصلة العمل سويا من أجل استقرار السوق المالية ودعم النمو الاقتصادي العالمي. وقد أكد العديد من المشاركين على التأثيرات السلبية لهذه الأزمة على الدول النامية، وأكدوا على أهمية مؤتمر الألفية للأمم المتحدة المنعقد في الدوحة، ومؤتمر القمة الاقتصادية والاجتماعية العربي المنعقد في الكويت، كما دعا المشاركون إلى التعاون الجماعي بين كافة الأطراف.

أما الدكتور جاسم المناعي، رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي، فعبر عن قلقه المتزايد من تداعيات الأزمة المالية الحالية على أوضاع الدول النامية بشكل عام والدول الفقيرة بشكل خاص، «حيث أن العولمة قد سهلت من انتشار عدوى الأزمات المالية والاقتصادية».

من جهته، قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم للصحافيين على هامش المنتدى: «نحن نعيش في منطقة في الواقع هي ضحية لسياسات تقرر في الخارج دون التشاور مع بلدان المنطقة ونحن نحصد اخطاء هذا الواقع». واضاف: «بالحديث عن منتدى المستقبل، يجب ان يكون مستقبل هذه المنطقة من صنع ابناء هذه المنطقة وبقرار منهم دون اي فرض او وصاية من الخارج». وكانت تساؤلات طرحت حول مصير المنتدى الذي اطلق العام 2004 تزامنا مع سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين وفي خضم الضغوط الغربية لارساء الديمقراطية في الشرق الاوسط، خصوصا ان ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش صاحب المبادرة بالاساس، على وشك الانتهاء. وساهم غياب وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس عن الاجتماع في التكهنات حول فشل هذا المنتدى مستقبلا، الا ان المسؤولين الاميركيين اكدوا على استمرار المبادرة.