البرلمان الكويتي يفتتح أعماله اليوم وسط أجواء سياسية مشحونة

لتضخم أكثر من ملف يطال العلاقة بين النواب والحكومة

TT

يفتتح أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح اليوم أعمال الدورة الثانية للبرلمان وسط أجواء سياسية ساخنة وملبدة بالتربص والترقب نظرا لتضخم أكثر من ملف يطال العلاقة بين النواب والحكومة.

وسيلقي الشيخ صباح الأحمد نطقه السامي في بداية الجلسة في إجراء دستوري يهدف إلى نقل توجيهات وملاحظات أمير البلاد للنواب والوزراء، ليعقب ذلك خطابي رئيسي مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد والبرلمان جاسم الخرافي، قبل أن يدعى النواب لاختيار أعضاء اللجان البرلمانية، وتسمية أمين السر ومراقب المجلس.

من جانبه، تمنى رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد عشية افتتاح أعمال البرلمان بأن تشهد المرحلة المقبلة تعاونا مثمرا بين السلطتين التنفيذية والتشريعية من أجل الكويت «حتى نصل بها إلى درة الخليج»، فيما وصف الخرافي الأجواء بين السلطتين بـ«الهادئة، ونحن متفائلون بأن يكون افتتاح دور الانعقاد بداية خير، وأن يحقق المجلس تطلعات الشعب الكويتي».

ونيابيا سخّنت اللجنة التشريعية الأجواء السياسية بإقرارها مساء الأول من أمس مقترحا بإلغاء تجريم الانتخابات الفرعية (الانتخابات التي تجريها القبائل بين أبنائها لاختيار ممثليها بالبرلمان)، إلى جانب اعتبارها أن توزير امرأتين غير محجبتين مخالفة لقانون الانتخاب الذي يلزم النساء بارتداء الزي الشرعي، وهما الملفان اللذان يتوقع أن يلقيا بظلالهما سلبا على علاقة البرلمان بالحكومة.

وأتت دعوة اللجنة التشريعية لإلغاء تجريم الانتخابات الفرعية بعد أن حدثت مواجهات في أبريل (نيسان) الماضي بين عدد من أبناء القبائل وقوى الأمن استخدمت فيها القوة لتفريق الجموع ولمنع إقامة الانتخابات التي تجريها القبائل لتصفية أبنائها واختيار من يمثلها للبرلمان، ما دعا عددا من النواب للمطالبة بإلغاء تجريم إقامة الانتخابات الفرعية.

أما الملف الآخر فيتعلق بتصعيد النواب الإسلاميين على الوزيرتين موضي الحمود التي تشغل حقيبة التنمية الإدارية ونورية الصبيح التي تتولى حقيبة التربية، كونهما لا ترتديان الحجاب، وهو ما اعتبروه مخالفة لقانون الانتخاب الذي يطالب النساء بارتداء الزي الشرعي، ودفعهم لمقاطعة أداء الوزيرتين لليمين الدستورية خلال افتتاح البرلمان أعماله في يونيو (حزيران) الماضي.

ومنذ بداية العطلة الصيفية للبرلمان أخذ نواب بالتحضير لتناول مجموعة ملفات سياسية طالت وزراء، ثم ما لبثت أن وصلت إلى حد التلويح بتقديم استجواب بحق رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد.

وترشحت أكثر من قضية لتكون محاور استجوابات نيابية خلال الموسم السياسي الجديد، وأبرزها ملفا ضوابط منح الجنسية الكويتية، والفساد المالي وشبهات التنفيع الذي يتهم به النواب أكثر من وزير ومنهم رئيس الحكومة، على خلفية ترسية مؤسسة البترول الوطنية عقود لإنشاء مصفاة تكرير نفط رابعة على عدد من الشركات دون اعتماد الآليات الإدارية والمالية والقانونية اللازمة لها بحسب ادعاء النواب.

وعلى صعيد متصل، يطالب النواب الحكومة بتقديم خطة تحتوي رؤيتها للكويت بعد خمس سنوات، وهو ما دفع الحكومة رضوخا للتصعيد النيابي بتقديم الخطة للبرلمان للمرة الأولى منذ 22 عاما، إذ دأبت الحكومات المتعاقبة على تجاوز تقديم خطة شاملة، واستبدالها ببرنامج عمل مؤقت، ودائما ما كان النواب يعيبون عليه بأنه إنشائي ولا يحتوي أي التزام حكومي لتنفيذه.

إلا أن الحكومة أقرت عكس ذلك من خلال تصريح نائب رئيس مجلس الوزراء فيصل الحجي بأن «برنامج عمل الحكومة يحتوي 24 محورا أساسيا تعكس تصنيفا للمشاريع التنفيذية والإنشائية التي تقدمت بها 55 جهة حكومية موزعة على أربع سنوات هي عمر البرنامج».

وأضاف أن «برنامج عمل الحكومة يتضمن سياسات عامة ترجمت إلى واقع تنفيذي من خلال أربعة مجالات وهي السياسات السيادية والاقتصادية وسياسات التنمية البشرية وسياسات تأصيل الإدارة الفعالة».

أما وزير التنمية الإدارية موضي الحمود فكشفت عن أن «تنفيذ الخطة الحكومية ستكلف خزينة الدولة حوالي 35 مليار دينار كويتي (نحو 130 مليار دولار)».

لكن تصريحات الوزيرين لم تقنع النواب الذين أعلنوا في أكثر من مناسبة بأنهم لا يرون جدية في تنفيذ الحكومة لهذه الخطة، مفضلين إرجاء ملاحظاتهم لجلسات المناقشة العلنية التي سيشهدها البرلمان قبل اعتماده الخطة الحكومية، متوعدين الوزراء بالوقوف على التفاصيل ذات العلاقة بملفات الفساد وسوء الإدارة وشبهات التنفيع قبل تمرير الخطة.

وكان فريقا نيابيا قد أنهى مطلع الأسبوع قائمة بأولويات السلطتين خلال المرحلة المقبلة، وبين منسق الفريق النائب عادل الصرعاوي بأن «الأولويات محل الاتفاق هي ترجمة لقضايا تهم المواطن الكويتي، حرص الفريق على إدراجها على جدول أعمال المجلس، مع إعطاء اللجان البرلمانية الوقت الكافي لإعداد تقاريرها المتعلقة بهذه الأولويات بعد مناقشتها مع الحكومة».

وبحسب الصرعاوي فإن النواب اتفقوا على أن تكون تضم أولويات الموسم النيابي المقبل عدة قضايا من بينها ذوي الاحتياجات الخاصة، القضاء، العمالة الهامشية، الفساد، القضايا الاجتماعية، التعليم، البيئة، الاقتصاد، الإسكان، الصحة، التوظيف والإصلاح الإداري.

يذكر أن البرلمان الكويتي أنهى في يوليو (تموز) الماضي أعمال دورته الأولى بعد مضي 26 يوما فقط من بدئها، وبلغ فيها عدد الاقتراحات بقوانين 90 اقتراحا بقانون، و15 مرسوما بقانون، و28 اقتراحا برغبة، ووجه خلاله النواب 217 سؤالا برلمانيا للوزراء فيما يخص أعمال وزاراتهم.