الحكومة العراقية تريد تعديل مسودة الاتفاقية الأمنية.. وأميركا تحذر من تأخير إقرارها

رئيس هيئة الأركان الأميركي يحذر من «عواقب جسيمة» ويكرر الاتهامات لإيران بالتدخل

TT

فيما طالب أعضاء في الحكومة العراقية التي ناقشت أمس آخر مسودة للاتفاقية الأمنية مع أميركا بإدخال تعديلات عليها، حذرت الولايات المتحدة العراق أمس من «عواقب جسيمة» في حال لم تقر الاتفاقية. وطالب مجلس الوزراء العراقي بإجراء تعديلات ضرورية على مسودة الاتفاقية يمكن أن تجعلها بمستوى القبول الوطني. وقال علي الدباغ المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية في بيان بعد اجتماع الحكومة امس «أن مجلس الوزراء أجمع على أن تعديلات ضرورية على مسودة الاتفاقية يمكن أن تجعلها بمستوى القبول الوطني، ودعا الوزراء لتقديم تلك التعديلات ليتم تضمينها في المفاوضات مع الجانب الأميركي». وأكد الدباغ أن مجلس الوزراء دعا الجميع للنظر الى الاتفاق بموضوعية ومسؤولية ومراعاة المصالح العامة.

وكان مجلس الوزراء قد اجتمع في جلسته الاعتيادية امس لمناقشة مسودة الاتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية، حيث ثمن المجلس جهود الفريق العراقي المفاوض وما حققه من تقدم في المفاوضات والاقتراب من الثوابت التي حددتها الحكومة في بداية المفاوضات. الى ذلك، اعتبر عضو مجلس النواب العراقي عن الائتلاف الحاكم عباس البياتي أن «الأسبوع المقبل سيكون حاسما في مسألة قبول أو رفض الاتفاقية الأمنية»، مشيرا إلى أن «ذلك يتوقف على مدى قبول الجانب الأميركي بالتعديلات التي سيجريها الائتلاف العراقي الموحد على مسودتها». وقال إن «الائتلاف العراقي الموحد لم يحدد بعد موقفا نهائيا من مسودة الاتفاقية»، لكنه أشار إلى أن «الائتلاف لا ينفرد بالموافقة أو الرفض، ما لم يطمئن على أن الشارع العراقي والمرجعية الدينية وكافة القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية قد تفهموا أهمية هذه الاتفاقية». وكان المجلس السياسي للأمن الوطني قرر إحالة المسودة الى مجلس الوزراء إثر اجتماعات عقدها في الأيام القليلة الماضية برزت خلالها مواقف متفاوتة للكتل السياسية بين مؤيد ومعارض ومطالب بإعادة صياغة بعض البنود. وفي هذا السياق، أكد الائتلاف الشيعي الحاكم بزعامة عبد العزيز الحكيم وجود «نقاط إيجابية» وأخرى بحاجة الى مزيد من البحث، وطالب بـ«تعديل بعض البنود».

من جهته، قال وزير الخارجية هوشيار زيباري إن «من غير المرجح ان يقر البرلمان الاتفاقية» قبل انتخابات الرئاسة الاميركية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وفي غضون ذلك، حذر الأدميرال مايكل مولن رئيس هيئة الاركان الاميركية، من ان «الوقت ينفد أمامنا بشكل واضح»؛ في إشارة الى ضرورة الموافقة على الاتفاقية. وأضاف انه عندما ينتهي تفويض الامم المتحدة «فان القوات الأمنية العراقية لن تكون جاهزة لتتولى الأمن، وفي هذا الصدد هناك احتمال كبير لحدوث خسائر ذات عواقب جسيمة». وأدلى الأدميرال بتصريحاته قبل وصوله الى هلسنكي، حيث التقى نظيره الروسي. وقال ايضا ان «النقاش حول الاتفاقية من معالم الديمقراطية، لكنني قلق بشكل متزايد نظرا لما أراه من تعاطي الرأي العام (حول الاتفاقية) في حين يستمر النقاش في العراق (...) ولا يبدو ان العراقيين يدركون خطورة الأوضاع». وتابع «من الواضح ان الايرانيين يبذلون أقصى جهودهم للتأكد من عدم تمرير الاتفاقية، على الشعب العراقي ان يعي ذلك». وأضاف مولن ان «الدبلوماسيين الاميركيين وكبار القادة العسكريين في العراق، بذلوا جهودا استثنائية للتوصل الى هذه النتيجة النهائية من جانب الولايات المتحدة»؛ في إشارة الى ان الولايات المتحدة لن تعيد فتح باب المفاوضات مجددا حول بعض البنود، كما تطالب بعض الأطراف العراقية وخصوصا الائتلاف الشيعي. وختم أرفع مسؤول عسكري أميركي مؤكدا ان «الوقت حان لكي يتخذ العراقيون قرارا». وكان السفير الأميركي رايان كروكر قد قال أول من أمس «انها اتفاقية مهمة جدا تعيد للعراق سيادته وتسمح بوجود القوات الأميركية بشكل مؤقت لمساعدة القوات العراقية».

وتظهر المسودة النهائية للاتفاقية الامنية أن العراق سيتمكن من مقاضاة الجنود والمدنيين الاميركيين في حال ارتكابهم جنايات خارج معسكراتهم بشكل متعمد، وعندما يكونوا خارج الواجب. وتؤكد ان للعراق «الحق الاولي بممارسة الولاية القضائية على أفراد القوات والعنصر المدني بشأن الجنايات الجسيمة والمتعمدة والتي ترتكب خارج القواعد وخارج حالة الواجب». وتوضح أن القوات الأميركية المقاتلة ستنسحب من المدن والقرى بتاريخ لا يتعدى يونيو (حزيران) 2009، بينما تنسحب جميع القوات بتاريخ لا يتعدى 30 ديسمبر (كانون الاول) 2011. وستتولى قوات الأمن العراقية المسؤولية كاملة.

من جهته، قال عزة الشابندر، عضو القائمة العراقية في البرلمان، ان الاجتماعات التي حصلت خلال اليومين الماضيين لم تكن لإعطاء موقف بالرفض او القبول لمسودة الاتفاقية الامنية النهائية. وأكد لـ«الشرق الاوسط» «انصبت الاجتماعات من أجل الاستماع الى شهادات وزراء المالية والدفاع والداخلية ودراسة التقارير المقدمة من قبلهم لأجل تسليط الضوء على واقع المؤسسة الأمنية والمالية لكي تعين الطرف السياسي من اجل اتخاذ الموقف السليم بشأن الاتفاقية». مضيفاً «ان جميع الاطراف السياسية قبلت من حيث المبدأ بالاتفاقية، ولكنها تضع شروطاً على التفاصيل يتحمل القبول او الرفض». وحول ظهور نقاط مختلف عليها جديدة في الوثيقة الأمر الذي يطرح تساؤلاً لماذا لم يلاحظ الفريق المفاوض هذه النقاط منذ البداية، أكد قائلا «ان المفاوضات قام بها فريق فني مدعوم بفريق سياسي، وهو الآخر مدعوم من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي ولكن حين شارفت الوثيقة على نهايتها كمسودة نهائية عرضت على الأطراف السياسية والتي اعترضت على بعض بنودها، وعليه فان من حق الأطراف التي لم تطلع على الوثيقة أن تبدي ملاحظاتها ورأيها حيالها». وأضاف و«هناك ايضاً فروقات بين النسختين العربية والإنجليزية».

وحول رغبة أميركا بتوقيع الاتفاقية قال الشابندر «إن لأميركا رغبة قوية من انها تنجز هذه الاتفاقية تقابلها إرادة ايرانية تعمل بالاتجاه المعاكس، وما عدا ذلك فان نقاش الاتفاقية الامنية لم يكن على بساط عراقي بل كان على نطاق دولي (اميركي ـ إيراني) او من ينوب عنهما في العراق»، معتبراً ان «توقيع الاتفاقية سيكون نصرا لأميركا على ايران وعدم التوقيع سيكون نصراً ايرانياً على أميركا».