برلمانيون عراقيون يخشون انقلابا عسكريا

قالوا لـالشرق الأوسط» إن إيران تضغط بقوة لعدم توقيع الاتفاقية مع أميركا

عراقية تجلس أمام محل للمدافئ في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

اتفق أعضاء في مجلس النواب (البرلمان) العراقي على أهمية توقيع الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة الاميركية، معربين عن مخاوفهم من حدوث انقلاب ضد نظام الحكم، سواء من جهات خارجية او داخلية مدعومة من احدى دول الجوار، ومشددين على ان «ايران تضغط بقوة باتجاه عدم توقيع الاتفاقية حفاظا على نفوذها داخل العراق».

وتحدثت «الشرق الاوسط» عبر الهاتف أمس مع كل من الدكتور فؤاد معصوم، رئيس الكتلة الكردستانية في البرلمان العراقي، والدكتور عدنان الدليمي، رئيس جبهة التوافق داخل البرلمان، والباحث الاسلامي اياد جمال الدين، عضو البرلمان، وهو زعيم تيار اصلاحي يدعو الى الحكم العلماني في العراق. وأبدى البرلمانيون الثلاثة ملاحظاتهم ازاء الاتفاقية، لكنهم عبروا عن أهمية توقيعها حفاظا على الأوضاع الأمنية في العراق.

وقال معصوم «نحن كتحالف كردستاني مع أهمية توقيع الاتفاقية، نعم هناك مقترحات لتعديل بعض النقاط، والجانب الاميركي أبلغ العراقيين بأنهم فعلوا ما بوسعهم لإجراء عدة تعديلات اقترحت من الجانب العراقي وانه ليس بإمكانهم إجراء تعديلات اضافية، ونحن نشجع على إجراء تعديلات أخيرة، وإذا لم تجر هذه التعديلات فيجب ان يبدي الجانب العراقي تفهمه من اجل ان يتم توقيع الاتفاقية».

وعن مدى أهمية الاتفاقية، أفاد معصوم قائلا «لقد تحدث كل من وزراء الدفاع والداخلية والمالية العراقيين بوضوح وشفافية وبشكل مهني، معترفين بأن القوات المسلحة العراقية لم يتم بناؤها بالشكل المطلوب حتى الآن، وهي غير قادرة على أداء مهامها في الوقت الحالي وبحاجة الى تدريب وإعداد»، منوها بأنه «اذا لم يتم توقيع الاتفاقية قبل نهاية العام الحالي فستبقى القوات الاميركية بلا غطاء شرعي من الامم المتحدة، وهذا يعني انها غير مكلفة بمهام معينة خاصة المهام العسكرية لحفظ الامن، وفي هذه الحالة تبرز مخاوفنا من حدوث انقلاب على الحكومة وسيؤدي ذلك الى تهديم كل ما تم بناؤه للعراق الجديد». وأضاف معصوم قائلا «ان ايران تضغط بقوة باتجاه عدم توقيع الاتفاقية، وان أمنها القومي يقتضي ان لا يوقع العراق مثل هذه الاتفاقية بكل السبل».

من جهته، قال الدليمي «نحن الآن بصدد دراسة هذه الاتفاقية في نسختها المعدلة والأخيرة، فإذا وجدناها تحفظ امن وحقوق العراقيين وتحترم سيادة ووحدة العراق فلن نتأخر عن الموافقة عليها»، مشيرا الى ان «جبهة التوافق العراقية (التي يترأسها) ستدرس الاتفاقية وتعطي رأيها بما يضمن مصالح العراق والولايات المتحدة».

وأوضح الدليمي أن «هناك بعض المطالب من بعض الكتل السياسية لإجراء بعض التعديلات، وقد سمعنا أن الجانب الاميركي شدد على عدم إجراء اية تعديلات من قبلهم لأنهم قدموا تنازلات كثيرة، وفي اعتقادنا أن المفاوضات ستقود حتما الى حل يرضي الطرفين، العراقي والاميركي، وهذه هي مهمة المفاوضات لاختصار الاختلافات والوصول الى منطقة مشتركة يوافق عليها الجانبان».

وحذر رئيس جبهة التوافق العراقية من «حدوث انقلاب ضد الحكومة لاسيما وان القوات المسلحة غير مؤهلة حاليا لحماية البلد وان على الولايات المتحدة أن تبقى لتدريب وبناء القوات المسلحة وبقية القوات الامنية»، مشددا على انه «ليس من مصلحة ايران ان يتم توقيع هذه الاتفاقية مع اميركا حتى يبقى نفوذها فاعلا في العراق». وأوضح الدليمي ان «الحكومة اذا صادقت على بنود هذه الاتفاقية فان البرلمان سيناقشها، وهناك من سيرفضها ومن سيوافق عليها. فالكتل السياسية لا بد ان تختلف في وجهات نظرها ونحن نعتقد بأن البرلمان سوف يمرر الاتفاقية لأسباب وطنية».

من جهته، يجد جمال الدين أن توقيع هذه الاتفاقية «المؤقتة» وأصر على تسميتها بـ«المؤقتة»، «أمر محتم ومهم للغاية كون العراق مهددا بمشاكل امنية داخليا وخارجيا والقوات العراقية غير قادرة على أداء دورها حاليا استنادا الى ما ذكره وزراء الدفاع والداخلية والمالية في الاجتماع الذي عقده المجلس السياسي للامن الوطني، وكنت حاضرا فيه، إذ أكد كل من وزيري الدفاع والداخلية عدم اكتمال بناء القوات المسلحة والقوات الامنية، بينما حذر وزير المالية من الاخطار التي تحيط بصندوق التنمية العراقي الذي أنشئ بعد تحرير الكويت والذي تذهب اليه عائدات النفط بقرار من الامم المتحدة». وحذر جمال الدين من ان «خروج او بقاء القوات الاميركية بلا مهام، في حالة عدم توقيع الاتفاقية، يعني تعرض العراق لأخطار أمنية في مقدمتها حدوث انقلاب ضد النظام الديمقراطي الجديد في البلد وبدعم من جهات خارجية او داخلية»، مشيرا الى ان اية «ميليشيا اليوم في العراق هي اقوى من القوات المسلحة وقادرة على احداث الانقلاب، لاسيما وان هناك اطماعا اقليمية تحدق بالبلد».

وقال جمال الدين ان «ايران ضد توقيع هذه الاتفاقية لانها تريد ان تبعث برسالة الى اميركا مفادها تعالوا تفاوضوا معنا بشأن العراق، وان الايرانيين ينتظرون وصول أوباما الى الرئاسة حتى يتفاوضوا معه بشأن الوضع العراقي»، مشددا على ان «العراق ليست ولاية ايرانية ولن تكون، كما اننا لا نريد ان نقع في حضن أميركا، بل نريد اتفاقية متوازنة تحفظ للعراق وحدته وسيادته وتحميه من المخاطر الداخلية والخارجية».