أزمة تفسيرات تثيرها المطالبة بصلاحيات لمنصب نائب رئيس الحكومة اللبنانية

جدل حول اعتباره عرفاً او منصباً شرفياً

TT

أطلق الخلاف الذي حصل خلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني مساء أول من أمس حول موقع وصلاحيات نائب رئيس الحكومة والذي جعل صاحب هذا الموقع، عصام أبو جمرا، ينسحب من الجلسة، سجالاً عنيفاً في الوسط السياسي. فمن جهة هناك الداعون لجعل هذا الموقع فاعلاً، وبينهم النائب السابق لرئيس الحكومة عصام فارس الذي يعتبر ان هذا المنصب «أصبح عرفاً والعرف اذا استمر 70 عاماً يصبح له مفعول الدستور والقانون». ومن جهة ثانية، يرى آخرون ان موقع نائب رئيس الحكومة هو «منصب شرف» وموضوع ميثاقي ويرتبط باتفاق الطائف ولا يمكن ايجاد حلول له على طاولة مجلس الوزراء وأن أي بحث فيه يستوجب تعديلاً للدستور في مجلس النواب.

وكان الخلاف حول هذا الموضوع بدأ عندما احتج أبو جمرا في مستهل جلسة مجلس الوزراء برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة على عدم اشراكه في وضع جدول الاعمال وعدم الاخذ بطلبه ادراج بند إضافي. وفتح هذا الامر نقاشاً لم يخل من الحدة والحماوة. وقد شارك فيه وزير الاتصالات جبران باسيل مؤيداً أبو جمرا في طرحه. فرد السنيورة بأن ما يطرحه أبو جمرا لجهة الصلاحيات هو موضوع ميثاقي دستوري لم ينص عليه اتفاق الطائف وأن أي بحث في مثل هذه الصلاحيات يستوجب تعديلاً للدستور في مجلس النواب، مذكراً بأن نائب رئيس الحكومة لم تكن له مرة صلاحيات يمارسها منذ قيام هذا المركز. فتدخل الوزير علي قانصو، معتبراً ان ما يقوله السنيورة ليس دقيقاً لانه في حكومات الرئيس الراحل رفيق الحريري كان عصام فارس نائباً لرئيس مجلس الوزراء وكان يكلف دائماً ترؤس اللجان الوزارية لبحث الكثير من الملفات الحكومية.

وأبدى وزير العدل ابراهيم نجار وجهة نظره من الناحية القانونية ومفادها أن منصب نائب رئيس الحكومة «هو منصب شرفي. وأي بحث في صلاحياته يستوجب العودة الى مجلس النواب» مقترحاً على ابو جمرا ان يعمد الى اقتراح تعديل الدستور في مجلس النواب.

وانتهى النقاش بانسحاب أبو جمرا من الجلسة وعقده ندوة صحافية قال فيها انه ينتظر قراراً من مجلس الوزراء بشأن صلاحيات نائب رئيس الحكومة، لافتاً الى أنه حين يصدر القرار «فإما نقبل أو نصدر موقفاً» ومذكراً بأنه طلب عرض الموضوع على مجلس الوزراء منذ الاول من سبتمبر (أيلول) الماضي. وأكد أنه لم ينسق مع وزراء المعارضة أو «التيار الوطني الحر» قبل خروجه من جلسة مجلس الوزراء وأنه «لو كان هناك تنسيق لكان وزراء التيار انسحبوا معي» لافتاً الى ان رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون نفسه لم يكن على علم بالموضوع. وإذ أكد «السعي بكل ايجابية لحل الموضوع» شدد على أنه ليس مستعداً ليكون «مجرد ضيف شرف أو حامل حقيبة في الحكومة» وعلى أن «لا وجوب لتعديل الدستور» في حالته. وقال إن مرسوم تنظيم أعمال مجلس الوزراء «لا يأتي على ذكر اسم نائب رئيس مجلس الوزراء. وهذا خطأ فادح يجب تصحيحه». من جهته، أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس عن أسفه لأن يكون النقاش والجدل حول منصب نائب رئيس مجلس الوزراء «قد أخذا منحى أبعد ما يكون عن الموضوعية والمنطق». وقال: «ان منصب نائب رئيس الوزراء أصبح عرفاً. والمعلوم أن العرف، وبخاصة اذا استمر على مدى سبعين عاماً، يصبح له مفعول الدستور والقانون».

وأضاف: «اذا كان هذا المنصب شرفياً ولا عمل له، فليدلونا على المادة في الدستور أو القانون التي تنص على وجود منصب شرف في تشكيل الحكومة». وتابع: «ان تمتع نائب رئيس الوزراء بصلاحيات واضحة ومحددة لا يهدف بأي شكل الى الافتئات على موقع رئيس الحكومة أو على حقوق الطائفة السنية الكريمة أو المس بالامور الميثاقية التي نحن أكثر الناس حرصاً عليها». الى ذلك، استغربت الرابطة اللبنانية للروم الارثوذكس، في بيان أصدرته أمس «كل هذه الضجة غير المبررة في ما يتعلق بصلاحيات رئيس الحكومة». وسألت الرئيس السنيورة «اذا كان فعلاً لا يرغب في طرح مسألة صلاحيات نائب رئيس الحكومة الواردة صراحة في محاضر مؤتمر الطائف، على جدول اعمال مجلس الوزراء، فلماذا وقع على مرسوم تشكيل الحكومة الحالية بكل عناصرها بما فيها مركز نائب رئيس الحكومة الذي يشغله الآن اللواء عصام أبو جمرا». هذا، وأشار وزير الدولة جان أوغاسبيان الى «أن صلاحيات نائب رئيس الحكومة ليست بالامر السهل. وهي موضوع ميثاقي بالدرجة الاولى يرتبط باتفاق الطائف والدستور اللبناني. ولا يمكن ايجاد حلول أو مخارج لهذا الامر حول طاولة مجلس الوزراء» لافتاً الى «أن موقف الرئيس السنيورة واضح في هذا المجال وهو قانوني ودستوري». وأكد أنه «يحق لأبو جمرا الحصول على مكتب في الوزارة لكن هذا الموضوع ميثاقي ويحتاج الى توافق كل اللبنانيين. ويجب أن يطرح اما على طاولة الحوار أو عبر المؤسسات الدستورية».