الهند تطلق أول مركبة فضائية غير مأهولة إلى القمر

«لحظة تاريخية» تصعد التنافس بين نيودلهي وبكين

TT

اطلقت الهند بنجاح امس اول مركبة فضائية الى القمر، في خطوة تاريخية ستسمح لهذه القوة الآسيوية الكبرى بالارتقاء الى مستوى الصين وتفتح مجال تنافس جديد بين الدولتين. واطلق الصاروخ «بي اس ال في»، في الساعة 6.22 بحسب التوقيت المحلي، وهو يحمل المركبة الفضائية «شاندرايان 1» من مركز ساتيش داوان في شبه جزيرة سريهاريكوتا، الواقعة جنوب شرقي الهند على بعد تسعين كيلومترا شمال مدراس. وأذاعت قنوات التلفزيون الهندي عملية اطلاق المركبة الفضائية في بث مباشر. وطرق بعض العلماء بأيديهم على صدورهم وصفقوا بينما كان الصاروخ ينطلق الى الفضاء. وكتبت احدى قنوات التلفزيون على شاشتها: «الوجهة القمر.. يوم تاريخي للهند». ومع استبعاد اي مشاكل فنية، فان من المتوقع ان تصل المركبة الي مدار حول القمر وتقضي عامين في استكشافه، بحثا عن أي أدلة على الماء او معادن نفيسة». وقال رئيس المنظمة الهندية للابحاث الفضائية جي مادافان ناير وسط تصفيق المهندسين «انها لحظة تاريخية. بدأنا رحلتنا الى القمر». وعبر رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ الذي يقوم بزيارة الى اليابان عن ارتياحه لهذه الخطوة، قائلاً: «علماؤنا يثيرون من جديد اعتزاز بلدنا بنفسه والامة تحييهم». ويُفترض ان تستغرق هذه المهمة التي لا سابق لها الى القمر سنتين. وبعد عشرين دقيقة من اطلاقه، وضع الصاروخ المركبة «شاندرايان 1» في مدار انتقالي حول الارض. ويُفترض ان تبلغ المركبة التي تنقل اجهزة علمية هندية واوروبية واميركية، مدارها القمري على ارتفاع 385 كليومتراً عن الارض، خلال اسبوعين.

وستقوم المركبة بتجارب وعمليات مراقبة حول القمر وفوقه مثل دراسات لطبقات سطحه وعمليات بحث عن المياه ومعادن ومواد كيميائية، خصوصا بفضل إنزال مسبار صنع في الهند على سطح القمر. ويعتقد بعض العلماء ان احد الاهداف الرئيسية هو البحث عن عنصر«الهليوم 3»، وهو من النظائر النادرة جدا على الارض، لكنه مهم للانصهار النووي ويمكن ان يكون مصدرا قيما للطاقة في المستقبل. وتسعى هذه الدولة الآسيوية العملاقة ان تبرهن على أنها اصبحت قوة ريادية بصناعة الفضاء على غرار الصين واليابان، لكن منافستها الصين تتقدم عليها بفارق كبير بعد نجاحها في اطلاق مركبة مأهولة الى الفضاء في سبتمبر (ايلول) الماضي وتأكيدها من جديد مشروعها لرحلة مأهولة الى القمر. من جهته، حاول رئيس الوزراء الهندي التقليل من شأن المنافسة بين البلدين مع تقارب بلاده مع اليابان، اذ قال اثناء زيارة تستمر ثلاثة أيام لطوكيو ان «الشراكة الاقتصادية والتعاون الامني بين الهند واليابان ليسا على حساب أي دولة ثالثة وبالتأكيد ليس على حساب الصين».

وبعد هبوط مركبات فضاء مأهولة على سطح القمر في اطار البرنامج الاميركي «ابولو» بين عامي 1969 و1972، تتنافس القوى الكبرى في آسيا (الهند والصين واليابان) على غزو القمر الذي تريده ان يكون محطة لاستكشاف الفضاء والمريخ. والى جانب اطلاق مركبة مأهولة الى القمر، تريد الصين بناء مختبر في الفضاء ينافس محطة الفضاء الدولية.وتريد هذه القوة الاقتصادية الكبرى الانضمام الى نادي الدول التي تطلق اقمارا صناعية تجارية. وبحسب المكتب الاوروبي «يوروكونسولت»، تتقاسم الولايات المتحدة وروسيا والصين واوكرانيا ووكالة الفضاء الاوروبية هذه السوق التي تبلغ قيمتها 145 مليار دولار في السنوات العشر المقبلة. وكانت الهند قد حققت في ابريل (نيسان) الماضي انجازا عالميا باطلاق عشرة اقمار صناعية، بينها ثمانية اجنبية، بصاروخ واحد، ووضعها في المدار. وحددت الهند سعرا اقل بنسبة 35 في المائة من وكالات الفضاء الدولية الاخرى مقابل عمليات الاطلاق هذه. وكان البرنامج الفضائي لهذه القوة النووية العسكرية قد بدأ في 1963 لكنه خصص لأقمارها الصناعية التي اطلق اولها عام 1980.