مسؤول عراقي حضر مناقشة الاتفاقية الأمنية: الائتلاف تفاوض عليها فلماذا يعارضها؟

قال لـ«الشرق الأوسط»: هناك تساؤل جدي حول ما إذا كانت هناك إشكالية في أصل الموضوع أم في تفاصيله؟

TT

قال مسؤول في الحكومة العراقية، حضر اجتماع مجلس الوزراء الوزراء اول من امس، إن المجلس سوف يبدأ مناقشة التعديلات التي اقترحها لمسودة الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية الأحد المقبل. وكانت معارضة الائتلاف العراقي الموحد، وهو الائتلاف الاكثر نفوذاً في العراق، الأبرز في اجتماع مجلس الوزراء العراقي اول من امس. وأثيرت تساؤلات حول سبب التغيير في موقف الائتلاف العراقي الموحد تجاه الاتفاقية، بعدما كان الفريق المفاوض الأخير مشكلا من أعضاء من الائتلاف أو مقربين منه، بعد قرار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تشكيل وفد خاص للتفاوض مع الأميركيين، بعد انتهاء عمل فريق التفاوض المشكل من وزارة الخارجية العراقية.

وعبر المسؤول عن استغراب عدد من المسؤولين العراقيين من موقف الائتلاف، قائلاً: «المفارقة انهم هم الذين فاوضوا الاميركيين، والمفروض هم الذين يدافعون عنها الآن، ولكن يبدو انه حدثت تغييرات طارئة غيرت الموقف». واضاف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تساؤل جدي حول اذا كانت هناك اشكالية في اصل الموضوع ام فقط تفاصيله؟». واوضح انه بينما اعربت جبهة التوافق عن بعض التحفظات، واكد التحالف الكردستاني دعمه، كان الائتلاف العراقي الموحد المعارض الأكبر للاتفاقية. وتابع: «كان لديهم (اعضاء الحكومة من الائتلاف) موقف مسبق حول اعتبار الاتفاقية في شكلها الحالي غير مقبولة». وأكدت مصادر عراقية أن الموضوع الأكبر الذي تثار المعارضة عليه، هو موضوع حصانة الجنود الاميركيين، بالإضافة الى بعض التفاصيل المتعلقة بانسحاب القوات من العراق. ورغم ذلك، قدم وزيرا الدفاع عبد القادر العبيدي والداخلية جواد البولاني، تقريراً الى مجلس الوزراء اول من امس، جاء فيه إن العراق ما زال في حاجة الى دعم اميركي، وان الوضع الأمني ما زال هشاً، مما يثير مخاوف من تداعيات عدم ابرام الاتفاقية. وأفاد مصدر عراقي بأن الوزيرين اشارا الى مخاطر «تدخل ايراني» في ابرام الاتفاقية، لكنه امتنع عن الخوض في تفاصيل هذه المخاطر. يذكر أن المصادر العراقية طلبت من «الشرق الأوسط» عدم ذكر اسمها بسبب حساسية الموضوع وضرورة الانتهاء من المشاورات العراقية الداخلية قبل إعلان مواقف رسمية. ومن المتوقع أن يجتمع مجلس الوزراء العراقي يوم الاحد المقبل لمناقشة الاتفاقية. وعلى المالكي مناقشة المسودة مع الوفد المفاوض الأميركي خلال الايام المقبلة لمعرفة وجهة نظر الجانب الاميركي واحتمال تعديلها. وطالب بعض الوزراء في اجتماع اول من أمس بطرح الاتفاقية للاستفتاء عليها من قبل العراقيين. وحسب صحيفة لوس انجليس تايمز، طالب الوزراء أيضا بتعديل صياغة بعض الفقرات الخاصة بحصانة القوات الأميركية من الإدعاء عليها في المحاكم العراقية، وطالبوا بانسحاب القوات الأميركية بنهاية عام 2011. وطبقا لتفسير عراقي رسمي، فإن الاتفاقية سوف تسمح للحكومة العراقية بتقديم عريضة إلى لجنة أميركية عراقية، إذا ما اتهم أميركي بارتكاب جريمة خطيرة ومتعمدة خلال عمله الرسمي. وإذا ما اتفق الطرفان، فإن المتهم سيقدم للمحاكمة أمام محكمة عراقية، ولكن تلك الصياغة غير دقيقة بالصورة الكافية في رأي أعضاء بمجلس الوزراء. كما أعرب مسؤولون عراقيون، عن قلقهم إزاء تبعات فقرة في الاتفاقية تسمح للقوات الأميركية بالبقاء إلى ما بعد 2011، إذا ما اتفق الطرفان على ذلك. ويقول الشيخ جلال الدين صغير، وهو عضو بارز في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، أكبر الأحزاب في الائتلاف الشيعي الحاكم: «يريد العراقيون صياغة محددة خاصة بالانسحاب تغلق الباب، ولا تترك كل النوافذ مفتوحة». ونوه إلى أن العراق من الممكن أن يسعى لتمديد قابل للتجديد لتفويض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمدة ستة أشهر أو عام لتوفير المظلة القانونية للقوات الأميركية. وبعد ذلك يمكن للمسؤولين الأميركيين والعراقيين تجديد المفاوضات عندما يتولى الرئيس الأميركي المقبل زمام الأمور في يناير (كانون الثاني). وتحدد مسودة الاتفاقية جدولا زمنيا لانسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية، بحلول يونيو (حزيران) المقبل وانسحاب كامل من العراق في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2001، ولكنها تتيح تعديل الجدول الزمني بناء على الظروف الحادثة في العراق. ويرى رئيس الوزراء نوري المالكي ذلك بمثابة باب خلفي يتيح للأميركيين تمديد وجودهم، حسبما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن همام حمودي، وهو قيادي بالمجلس الأعلى الإسلامي للعراق، وهو حزب سياسي شيعي متحالف مع حزب الدعوة، الذي يقوده المالكي. ويقول حمودي في إشارة إلى الأميركيين: «يقول رئيس الوزراء إن ما أعطوه باليد اليمنى أخذوه باليد اليسرى». «قالوا، على سبيل المثال، إن القوات الأميركية سوف تنسحب من المدن بحلول يونيو 2009 إذا ما سمحت الأوضاع الأمنية بذلك، ولكن من سيحدد هذا؟».

الى ذلك، ابدت الحكومة العراقية أمس «قلقها» ازاء تصريحات الادميرال مايكل مولن رئيس هيئة الاركان المشتركة الاميركية، الذي حذر العراقيين من «عواقب جسيمة» في حال عدم توقيع الاتفاقية الأمنية مع واشنطن. وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ في بيان ان «الحكومة تلقت بقلقٍ بالغ تصريحات» مولن. واضاف «هكذا تصريحات ليست موضع ترحيب في العراق، فإن العراقيين بكل قواهم السياسية يدركون حجم مسؤولياتهم ويقدرون اهمية التوقيع على الاتفاقية من عدمها بالشكل الذي يرونه مناسبا». وتابع الدباع « يجب الا تفرض طريقة قسرية على حرية اختيارهم، ومن غير المناسب التخاطب مع العراقيين بهذه الطريقة».

الا ان وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس، كرر تحذير مولن وتحدث عن «تحفظ كبير» في واشنطن على ادخال تعديلات على مسودة الاتفاقية الأمنية، وحذر من «عواقب وخيمة» لغياب اتفاق ينظم وجود القوات الاميركية في العراق. وقال «هناك تحفظ كبير على مزيد من العمل على المشروع» لدى الجانب الاميركي لأن الحكومة اجرت مشاورات بشأن الاتفاق الحالي مع الكونغرس. واضاف «انه اتفاق جيد لنا ولهم»، مؤكدا ان هذا النص «يحمي سيادة العراق».

لكن غيتس اوضح «اذا ارادوا (العراقيون) الاشارة الى شيء لم نكن قد فكرنا به، او اذا كشفوا مشاكل لم نكن رأيناها، علينا ان نتعامل معها جديا». واكد «لم نقفل الباب الا انني اقول اننا على وشك اقفاله».