«القاعدة» تدعم ماكين في الانتخابات الرئاسية الأميركية

أعربت عن سعادتها بالأزمة المالية في الولايات المتحدة

TT

يشعر تنظيم «القاعدة» بالطرب وهو يتابع التراجع الذي يشهده سوق الأوراق المالية في الولايات المتحدة، وترحب قيادات التنظيم بالأزمة المالية ويرون أنها تبرر إستراتيجيتهم القائمة على تقويض الاقتصاد الأميركي عن طريق استنزافه في سلسلة لا نهاية لها من الحروب ذات التكلفة الكبيرة والتي تشن خارج الأراضي الأميركية ضد متمردين اصوليين. ويرى بعض مناصري التنظيم أن السيناتور جون ماكين يعد المرشح الرئاسي الأمثل الذي سيساعد على استمرار هذا الاتجاه. وقال أحدهم في تعليق نشر يوم الاثنين على موقع «الحسبة»، وهو موقع متطرف ذو علاقة لصيقة بتنظيم «القاعدة»: «يجب على «القاعدة» أن تدعم ماكين خلال الانتخابات المقبلة». وأضاف التعليق أن المرشح الجمهوري سيستكمل «مسيرة سلفه» الرئيس بوش. ويعتبر موقع الحسبة هو الوحيد الذي يعمل على فترات متقطعة على الانترنت، باستثناء مواقع اصولية اخرى ضربت من قبل الاجهزة الاميركية منذ الذكرى السابعة لهجمات سبتمبر (ايلول). وأضافت الرسالة «إن تنظيم «القاعدة» يدعم ماكين في الانتخابات المقبلة حتى يواصل السياسات الفاشلة لسلفه جورج بوش». وكان ماكين قد قال في وقت سابق من الشهر الجاري إنه «يجب على الولايات المتحدة إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان وتجنب وضع جدول زمني للانسحاب من العراق».

وأتى هذا التعليق ضمن العديد من التعليقات التي نشرتها حركة طالبان أو التنظيمات الحليفة للـ«القاعدة» خلال الأيام الأخيرة، رحبت خلالها بالأزمة المالية وتنبأت بتراجع أكبر للولايات المتحدة والدولة الغربية الأخرى. وفي أسلوب جمع بين السخرية والتنبؤ بوقوع أحداث سيئة، زعمت آخر الرسائل الفضل لتنظيم «القاعدة»، حيث أنه تمكن من استدراج واشنطن لمصيدة «استنزفت مواردها وتسببت في إفلاس اقتصادها». وادعت إن وقوع ضربة إرهابية سوف يساعد على تحول ميزان الانتخابات ناحية ماكين ويضمن زيادة الأعباء العسكرية الأميركية في العالم الإسلامي. وأضاف التعليق الذي نسب إلى شخص اصولي تحت اسم مستعار وهو يشارك منذ وقت طويل على ذلك الموقع المحمي إلكترونيا: «سوف تدفع (الضربة الإرهابية) الأميركيين للتصويت لصالح ماكين الذي سيقوم بالانتقام من «القاعدة»، ومن ثم تنجح «القاعدة» في استنزاف أميركا».

ولم يتضح إلى أي مدى يعكس ذلك التعليق وجهة نظر زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي لم ينشر أي تصريح علني له منذ فصل الربيع. ويقول بعض خبراء الإرهاب إن دعم ماكين يمكن أن يكون وعيدا من التنظيم الذي يجب أن يخشى بصورة أكبر من تولي ماكين منصب الرئيس. وعلى أية حال، تلخص التعليقات ما ظهر كما لو كان وجهة نظر مجمع عليها في المواقع المتطرفة، حسب ما يقوله آدم رايزمان، وهو محلل بارز في «مجموعة استخبارات المواقع الإلكترونية»، تلك المجموعة التي تراقب المواقع الإسلامية على شبكة الإنترنت. وقد قدمت المجموعة ترجمة للتعليقات إلى صحيفة «واشنطن بوست». ويضيف رايزمان: «الفكرة الشائعة في المنتديات الجهادية هي أن ماكين سوف يكون ـ ابنا مخلصا لبوش ـ، الذي ينظرون إليه على أنه شوفيني أو من صقور الحرب. ويعتقدون أنه لنجاح حرب استنزاف، فإنهم في حاجة إلى رئيس في واشنطن مثل ماكين».

وبصورة عامة، ليس لدى المسلحين الإسلاميين الكثير كي يقولوه عن باراك أوباما، السيناتور الديمقراطي عن ولاية إلينوي والمرشح الديمقراطي لمنصب الرئيس. وقد أعربت قيادات في حزب الله، الذي يحظى بدعم من إيران، عن ترحيبهم بأوباما خلال حملة الانتخابات التمهيدية، ولكنهم بعد ذلك أعربوا عن رفضهم له بعد أن ألقى كلمة تحدث فيها عن دعمه لإسرائيل. وفي رد عبر البريد الإلكتروني، قال المستشار البارز لماكين لشؤون السياسة الخارجية راندي سكونيمان إن قيادات «القاعدة» قد قالت مرارا وتكرارا أن أميركا «ليس لديها النفس الطويل اللازم لحرب معها على المدى الطويل»، الأمر الذي تعهد ماكين بالقيام به. وأضاف «بغض النظر عن التبجح والتعليقات على المواقع الإلكترونية الراديكالية التي اختارت صحيفة «واشنطن بوست» الاقتباس منها، فما زالت الحقائق تؤكد على أن جون ماكين لديه الخبرة والقدرة والعزيمة على قيادة دولة في حالة حرب». وقد رفضت حملة أوباما التعليق على ما نشر على المواقع. وقد أعربت إدارة بوش ومعها حملتي الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي عن رفضهم القول بأن التراجع الاقتصادي سوف يقوض من حرب الولايات المتحدة ضد «القاعدة». وقد تناول كل من أوباما وماكين بحذر قضية ترتيب الأولويات في حال حدوث ركود وتحدثا عن أهمية الحفاظ على دفاع قوي. وأيد الاثنان توسيع حجم الجيش العسكري بصورة كلية، ولكن لم يوضح أي منهما بالتفصيل كيف سيمكنه توفير متطلبات ذلك. وقد ارتفعت معدلات إنفاق الولايات المتحدة على الدفاع خلال الفترة التي تلت هجمات تنظيم «القاعدة» في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001 حتى العام الماضي بمعدل 3 ـ 4 من إجمالي الناتج المحلي. وتبلغ ميزانية البنتاغون للعام المالي 2009 نحو 527 مليار دولار، ولكن لا يتضمن هذا الرقم تكلفة الحرب في أفغانستان والعراق التي بلغت في مجملها أكثر من 800 مليار دولار منذ 2001. وقال ماكين خلال الشهر الجاري: «لقد أظهر التاريخ لنا أنه يجب أن يكون للدول القوية من الناحية العسكرية اقتصاد قوي». وقال إنه يجب على الولايات المتحدة أن ترسل المزيد من القوات إلى أفغانستان، في الوقت الذي تتجنب فيه جدول زمني للانسحاب من العراق. أما بالنسبة لأوباما، فقد ربط الانسحاب من العراق، بزيادة عدد القوات في أفغانستان والقدرة على توفير التمويل للبرامج المحلية. وقال أوباما في أول مناظرة له مع ماكين إن استمرار الحرب في العراق «يعني عدم القدرة على توفير الرعاية الصحية للمواطنين المحتاجين لذلك». وأضاف في تعليق عن الحرب في العراق: «لا أحد يتحدث عن خسارة هذه الحرب، ما نتحدث عنه هو الاعتراف بأنه يجب أن يتمتع الرئيس المقبل برؤية إستراتيجية أوسع».وقد أظهرت استطلاعات رأي أجريت أخيرا أن العراق والإرهاب قد أصبحا أقل أهمية بالنسبة للأميركيين مقارنة بالوضع الاقتصادي. ومع ذلك، فقد حذر خبراء في الإرهاب من أن تنظيم «القاعدة» قد ينفذ ضربة كبرى قبل الانتخابات الأميركية أو بعدها مباشرة.

*خدمة «واشنطن بوست»