التجمع الوطني الديمقراطي يشكك في إجراء الانتخابات.. ويحدد سيناريوهين سيواجهان السودان

حزب الترابي لا يستبعد انقلابا ينفذه جهاز الأمن والمخابرات الوطني... والحكومة تعترف بوجود تعقيدات وتحملها لجهات أجنبية

TT

رفض التجمع الوطني الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني الطريقة التي شكلت بها الحكومة السودانية مجلساً للاحزاب الذي تقدمت به مؤسسة الرئاسة وتم وضعه امام اعضاء المجلس الوطني لاعتماده، واعتبره اقصاء للاحزاب والقوى السياسية، وابدى تخوفه من عدم اجراء الانتخابات في موعدها في يوليو (تموز) من العام المقبل. وحدد التجمع سيناريوهين يمكن ان يواجها السودان في حال فشل اجراء الانتخابات.

ووجه الناطق باسم التجمع الوطني الديموقراطى حاتم السر علي في حديث «الشرق الاوسط» انتقادات شديدة اللهجة للطريقة التي يتم فيها تشكيل مجلس الاحزاب والمعروض حاليا امام البرلمان من قبل رئاسة الدولة لاعتماده عن طريق الاغلبية الميكانيكية داخل البرلمان للشريكين.

وقال علي ان التجمع يرفض ويتحفظ على تلك الطريقة، واصفاً اياها بالمؤسفة لتغييبها للقوى السياسية والشعب السوداني فى قضية مهمة ومرتبطة بالتحول الديمقراطى بالبلاد. واضاف «كان من المفترض حسب اتفاقية القاهرة (بين التجمع والحكومة) ان تتم مشاورتنا، ولكن المؤتمر الوطني اكتفى بمشاورة الحركة الشعبية وجعل الأمر محاصصة بينهما ودفع به إلى البرلمان دون إخضاعه للتشاور مع بقية أهل السودان». واستنكر السر الطريقة التى وصلت بها اسماء المرشحين لعضوية المجلس للبرلمان، مؤكدا انها لم تراع ابسط القواعد المتبعة فى مثل هذه الأحوال كأن يتم نشر السيرة الذاتية لمرشحي المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية قبل وقت كاف وقبل ان تعرض على البرلمان حتى يقف الشعب وممثلوه على خلفياتهم وقدراتهم. واعرب حاتم السر علي عن أسفه لمحاولة اقصاء القوى السياسية، وقال «هذا الاسلوب يكشف النية المبيتة لممارسة الوصاية على الاحزاب»، متهماً المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بالسعي لتحقيق المكاسب الحزبية الضيقة، بعيداً عن المصلحة الوطنية العليا. وطالب باعادة النظر فى هذا الامر والتشاور مع بقية الاحزاب السياسية، مبدياً تخوف القوى السياسية من ان يأتى تشكيل مفوضية الانتخابات المرتقب بذات الطريقة وجعلها محاصصة بين شريكى نيفاشا مع تجاهل بقية اهل السودان، مؤكدا ان هذا يقودنا للتشكيك فى نزاهة المجلس وعدم اعترافنا به. من ناحية اخرى أكد التجمع الوطنى الديمقراطى حرصه على اجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بالسودان فى الموعد الذى حدده الدستور العام القادم، معلناً عن جاهزيته لخوضها شريطة الاطمئنان على حريتها ونزاهتها وبرقابة اقليمية ودولية، مطالباً بتهيئة الأجواء لنجاح العملية الانتخابية على ان إجراءها يتطلب حل أزمة دارفور وخلق مناخ سياسي وأمني مناسب يوفر حرية التعبير والتنظيم والحركة بدون قيود، وشدد على أن هذا المناخ غير متوفر حاليا بالسودان. وقال حاتم السر ان أحزاب التجمع لديها احساس بان الانتخابات لن تجري في موعدها المحدد دستوريا، واضاف «لكننا سنصر على اجرائها بعد استكمال الشروط الموضوعية اللازمة لضمان نجاحها» وشدد على ان التجمع لن يصبح طرفا فى انتخابات شكلية مستعجلة هدفها اضفاء شرعية على النظام الحالي. واشار الى ان احزاب التجمع تسعى الى انتخابات للتغيير وليس للترقيع»، لافتاً الانتباه الى ان تجاهل الحكومة في التشاور مع احزاب التجمع فى شأن العملية الانتخابية ومستحقاتها واصرارها على حصره بين شريكى نيفاشا سيؤدي الى عرقلتها، وتابع القول انه فى حال لم تجر انتخابات فى موعدها المحدد بنهاية الفترة الانتقالية فى يوليو (تموز) المقبل فان الحكومة الحالية تصبح غير شرعية «وحينها سنكون امام خيارين اولهما العودة الى الشعب السوداني عبر اجراء استفتاء عام للحصول على موافقة الشعب على تمديد بقاء الحكومة الحالية، والخيار الثاني هو الاتفاق بين القوى السياسية كافة على تشكيل حكومة قومية انتقالية جديدة تتكون من ممثلين لكل القوى السياسية السودانية بلا استثناء». وقال حاتم السر ان مهمة الحكومة الانتقالية ستكون انهاء ازمة البلاد فى دارفور والاشراف على الانتخابات العامة بالبلاد، مشيراً الى امكانية مراعاة اتفاقيات السلام بين الشمال والجنوب، واضاف «ليس شرطا التقييد بحرفية نصوصها فيما يتعلق بنسب وطريقة تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة»، مشدداً على ان حق الجنوبيين لن يضار او يمس بأي حال من الأحوال، وقال يمكن ان يخصص للجنوب 33% بدلا عن 28% التي حددتها اتفاقية نيفاشا. وكشف السر عن لقاءات جرت فى كل من لندن وباريس وواشنطن وأخرى مع جهات أوروبية عديدة وبعض السفارات العربية والافريقية المهمة. وقال ان تلك الجهات اعلنت صراحة انها تدعم وتؤيد كل ما يتفق عليه السودانيون. واضاف ان الحركة الشعبية الشريك الثاني في الحكومة تم اخطارها ووعدت بدراسة الامر لكنها اشترطت موافقة شريكها المؤتمر الوطنى لان دخول الاتفاق حيز التنفيذ يتطلب موافقة المؤتمر الوطنى. لكن هذا لا يعنى، كما قال ان الاتفاقيات فشلت «ولكننا نريد توسيع منظورنا وتوحيد الجبهة الداخلية والصف الوطنى لمواجهة استحقاقات المرحلة»، ونوه الى ان الهدف هو التوصل الى اتفاق سودانى شامل يعزز السلام ويحفظ امن السودان واستقراره ووحدته وسيادة اراضيه وسيادته الوطنية في مواجهة التحديات الراهنة.

واقرت الحكومة السودانية بوجود تعقيدات في الاوضاع السياسية بالبلاد، لكنها حملت جهات خارجية بانها تقف وراءها، رداً على تصريحات وزارة الخارجية المصرية امس التي وصفت الاوضاع في السودان بالخطرة، واعتبرت ان السودان يواجه تحديات حقيقية في تنفيذ اتفاقيات السلام وان بعض الدول المانحة لم تف بالتزاماتها، في وقت دعا فيه مساعد الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي الدكتور علي الحاج القوى السياسية ترك مقاعد المتفرجين وخلق آلية لانقاذ البلاد، مع انه لم يستبعد حدوث انقلاب يقوم به جهاز الامن والمخابرات لضعف امكانيات الجيش السوداني. وقال وزير الدولة للخارجية السوداني المساني الوسيلة لـ«الشرق الاوسط» ان بلاده تناضل في ثلاث اتفاقيات سلام وتواجه تحديات كبيرة، واضاف «الاوضاع بالغة التعقيد وليس هناك دولة في العالم تمر بمثل ما نمر به نحن في الظروف الاقتصادية الصعبة» موضحا ان الحكومة تعمل في جبهات السلام مع أطراف أخرى لتنفيذ الاتفاقيات، وأضاف «هناك جهات ساهمت بالجهد المقدر للتوصل إلى اتفاق سلام لكن كان المؤمل منها أن تساهم لكي يثمر السلام لكنها انجرت وراء حملات الاعلام المضللة ضد السودان حول دارفور»، مشيراً الى ان تلك الجهات لم تف بالتزاماتها التي كانت قد قطعته ليستفيد منه المواطن السوداني. وقال السماني ان جهات عديدة بدلاً من ان تساعد السودان وشعبه بدأت تفرض عليه العقوبات وتتحايل بالقانون ـ في اشارة الى مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لتوقيف البشير. وتوقع المساني ان تسفر مبادرة اهل السودان التي ينتظر ان تصدر توصياتها خلال اسبوعين الى التوصل الى رؤية مشتركة تساعد المبادرة القطرية للتوصل الى سلام مستدام في اقليم دارفور. غير ان مساعد الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض حمل الحكومة المصرية مسؤولية الازمة التي يشهدها السودان، لكنه قال «ان صح ما اوردته الانباء من تصريحات للمسؤولين المصريين فان ذلك يعتبر عودة للوعي والروح». واضاف ان النداء الذي وجهته الخارجية المصرية للاطراف السودانية للخروج من الازمة يعتبر استدراكا جيدا مهما كانت النوايا. واضاف ان الحكومة تحصر الازمة السودانية في دارفور، واصفاً رؤية النظام بالخاطئة محذرا من ان السودان مواجه «بان يكون او لا يكون». ورداً على سؤال ان كانت هناك جهة ستقوم بانقلاب على الاوضاع الحالية قال «ليس هناك جهة سياسية يمكنها القيام بذلك لانه ليس هناك جيش... الجهة الوحيدة التي يمكنها القيام بانقلاب هو جهاز الامن والمخابرات لما يملك من اسلحة ودبابات وطائرات وآليات عسكرية متقدمة». واضاف ان احداث العاشر من مايو (أيار) الماضي الذي هاجمت فيه حركة العدل والمساواة الخرطوم كشفت عن ان جهاز الامن السوداني يملك كامل السلطة وان السودان اصبح تحت سيطرة الأمن». ودعا الحاج القوى السياسية الى ترك مقاعد المتفرجين وخلق آليات لانقاذ البلاد، وقال ان القوى السياسية اذا رهنت البلاد الى شريكي اتفاق السلام، المؤتمر الوطني بزعامة البشير والحركة الشعبية بزعامة سلفاكير، فانها سترتكب جريمة في حق الوطن، وتابع «لا نرى املاً في حل الازمة في ظل وجود الحكومة الحالية والتشكيلة الموجودة وستقود الى تشرذم السودان»، وقال ان مبادرة اهل السودان حكومية وولدت ميتة، معتبراً تأخير صدور مقررات الملتقى الى اسبوعين يؤكد وجود خلافات بين اهل الحكومة، وتابع «اذا حدثت المآلات السيئة في السودان فان الحكومة تتحمل المسؤولية»، وقال ان على السودانيين التنادي لاستشعار المسؤولية تجاه القضية الوطنية لان الاولوية في حل القضية بيد السودانيين. واضاف ان الشعب السوداني اصبح مسلوب الارادة ومقهورا ومطاردا معظمهم من قبل الحكومة، معتبراً ان من يدخل الحكومة الحالية من القوى السياسية الاخرى بما فيها حزبه محاولة فاشلة، وقال «اذا دخل الصادق المهدي او الترابي نفسه سيتم اضعافهما ولن تكون لهما قوة ومحاولات الترقيع لن تجدي للخروج من الازمة».