العاهل المغربي يؤكد قيم التسامح في رسالة إلى مؤتمر الفدرالية الدولية للممثلين

تشارك فيه 105 نقابات من 75 دولة.. ويناقش قضايا مرتبطة بالمهن الفنية وظروف العمل

جانب من المشاركين في المؤتمر التاسع عشر للفيدرالية الدولية للممثلين («الشرق الاوسط»)
TT

أشاد العاهل المغربي، الملك محمد السادس، باختيار المغرب لعقد المؤتمر التاسع عشر للفيدرالية الدولية للممثلين، الذي تتواصل أشغاله على مدى سبعة أيام ويختتم مساء بعد غد (الاثنين).

وقال العاهل المغربي إن التئام المؤتمر على أرض المغرب يجسد تجاوب الفيدرالية الهادف، مع التوجه العالمي، نحو الإنصات لصوت جنوبه والانفتاح والتفاعل، بروح التقدير والإنصاف، مع ما تبذله شعوبه، وما تراكمه في إثراء المتخيل الإنساني الحديث، من قيم وتعبيرات وإبداعات جديرة بكل اعتبار. وجاء في الرسالة الملكية، التي ألقاها محمد معتصم، المستشار الملكي، مساء أول من أمس، بقصر المؤتمرات بمراكش، خلال حفل الافتتاح الرسمي للمؤتمر، الذي يعرف مشاركة 105 نقابات للمهن التمثيلية والدرامية من 75 دولة، أن انعقاد هذا المؤتمر بالمغرب يلخص في دلالته تقديراً «لتاريخه العريق، ولشخصيته الوطنية الغنية، بتعدد وانصهار روافدها، ولتنوع نسيجه الثقافي: من أمازيغي، وعربي ـ إسلامي، وصحراوي ـ إفريقي، وعبري ـ يهودي، وأندلسي ـ متوسطي، وعالمي معاصر، فضلا عن التعدد اللغوي للأمة المغربية، وغناها التراثي، بتعبيراته الفنية الخلاقة، وفي مقدمتها فن التمثيل بأنواعه، المسرحي، والسينمائي والتلفزيوني، والإذاعي، ومختلف أوجه التشخيص الفرجوي».

ومضى العاهل المغربي قائلا «إنه المغرب، الذي نحرص وكافة القوى الحية للأمة ومن بينها أهل الفن والإبداع والتمثيل، على مواصلة ترسيخ هويته، والحفاظ عليها، ليظل دوما بلد الانفتاح على الثقافات والحضارات الإنسانية والحضور الدولي الفاعل في نشر قيم المحبة والسلم والتسامح».

وأشار العاهل المغربي إلى أن «النهوض بفن التمثيل، يتبوأ مكانة الصدارة في النهضة الثقافية، التي تشهدها بلادنا. وفي عملنا على بناء مجتمع ديمقراطي حداثي، فإن الحريات الواسعة التي يكفلها، والمبادرة الخاصة، التي يشجعها، والإبداع المتميز، الذي يدعمه، لتعد كلها المقومات الأساسية لخلق الجو الملائم للعطاء التمثيلي المبدع، وهو ما يجعل الممثل يجسد المواطنة الكريمة والملتزمة، قبل أن ينشدها لغيره، ويشخص دور ضمير أمته وعصره، بأساليب فنية ويعبر عن قضايا وطنه، بدون شوفينية، وعن التطلعات الشعبية، وهموم جماهيره، بعيداً عن السقوط في الابتذالية».

وشدد العاهل المغربي على أنه بالرغم مما بذله المغرب، من جهود، حتى الآن لتطوير حقوله الفنية، وما راكمته الدولة من رعاية فنية واجتماعية وصحية، «يبقى دون ما نطمح إليه، من مزيد الإنصاف للفنان المغربي، الذي كان دائما ولا يزال في صلب المشروع الثقافي الوطني الحداثي».

ويراهن المنظمون المغاربة على أن يعكس تنظيم هذه التظاهرة في مراكش «مدى اقتناع المغرب بضرورة الانفتاح على العالم والتفاعل مع ثقافات وفنون وحضارات البشرية في زمن بقدر ما تتوسع فيه مساحات العولمة بقدر ما تتقلص مسافاتها».

وقال حسن النفالي، رئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح بالمغرب، وعضو المجلس التنفيذي للفيدرالية الدولية للممثلين، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤتمر ينظم لأول مرة في دولة عربية وأفريقية، وكانت غايتنا من هذا التنظيم أن نبين أن المغرب يتوفر على كفاءات بمقدورها أن تنظم تظاهرات عالمية من حجم كبير. ونحن نتوخى، من خلال هذه التظاهرة وحجم وقيمة المبدعين العالميين الكبار المشاركين، أن نجلب للمغرب استثمارات فنية مستقبلية. وعلى الصعيد الداخلي أردنا أن يعرف الرأي العام الوطني مدى حضور نقابتنا على المستوى العالمي، وأن ندفع المسؤولين المغاربة إلى تبني قضايا الإبداع والفن والفنانين المغاربة، خاصة أن المؤتمر يتميز بحضور فنانين عالميين، الشيء الذي سيعطي دفعة للعمل الذي يتم القيام به في الداخل».

وبخصوص رعاية العاهل المغربي للمؤتمر، قال النفالي «تسعدنا الرعاية الملكية، وهي دليل ثقة ومصداقية لجهازنا النقابي، ونحن نتطلع لأن تكون للرعاية انعكاسات إيجابية على مستوى المسؤولين في الوزارات المعنية، وذلك حتى تترجم إلى واقع وأعمال تساير طموحات الملك للنهوض بالقطاع».

وفي ما يتعلق بنتائج من المؤتمر، قال النفالي «ننتظر أن يعطي دفعة للاتفاقية الدولية للتنوع الثقافي. وهناك نقط أخرى، تتعلق بالضمان الاجتماعي والتغطية الصحية للفنانين، ومحاولة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى، وتوحيد الرؤى في هذا المجال. كما نطمح إلى أن تتبنى الفيدرالية في هذا المؤتمر تسهيل تجول وتنقل الممثلين والإنتاجات الأدبية والفنية بين مختلف دول العالم، حيث نلاحظ أن هناك صعوبات على مستوى الحصول على التأشيرة، خصوصاً مع حديث الإرهاب، حيث صار العربي والأفريقي، ولو كان فنانا، يجد صعوبات في التجول والتنقل بفنه وإبداعه، ونحن نعرف أن الفنانين معروفون بأسلوبهم التحرري وفكرهم الحداثي، كما ننتظر دعماً لدول الجنوب، من أجل تطوير العمل النقابي والإبداعي. وعلى مستوى النقابة الوطنية لمحترفي المسرح، نطمح إلى الحفاظ على مقعدنا في المكتب التنفيذي، للولاية المقبلة، حتى نستمر في النضال، على الواجهة الدولية، ونواكب المستجدات العالمية».

وتتوزع أشغال المؤتمر على شكل اجتماعات للمجموعات الجهوية واللغوية، واجتماعات المجلس التنفيذي للفيدرالية، ومجلس الرئاسة، ومداولات المؤتمر العام، الذي يناقش عدة قضايا مرتبطة بمهن المسرح والسينما والدراما التلفزيونية وفنون الأداء، وكذا ظروف الاشتغال بالمهن الفنية والإكراهات والضغوطات، التي تعرفها الممارسة المهنية بمختلف دول العالم، وتتوج أشغاله بانتخاب رئيس جديد للفيدرالية، وهيئة للرئاسة مكونة من ستة أعضاء، ومجلس تنفيذي مكون من خمسة عشر عضواً.

وتتكون المجموعات المنضوية تحت لواء الفيدرالية الدولية للممثلين من المجموعة الأوروبية والمجموعة الانكلوسكسونية والمجموعة الفرانكوفونية والمجموعة الأميركية اللاتينية والمجموعة الأفريقية.

وتعتبر الفيدرالية الدولية للممثلين منظمة دولية غير حكومية تأسست سنة 1952، وتضم في عضويتها نقابات واتحادات وجمعيات فناني الأداء في مختلف أرجاء العالم، وهي الناطق الرسمي بمشاغل وهموم الممثلين في مجالات السينما والتلفزيون والإذاعة والمسرح والفنون الحية، كما تضم الراقصين والمطربين وفناني السيرك والمنوعات وغيرها، باستثناء الموسيقيين والتشكيليين. ولا تدخل النقاشات السياسية ضمن اهتمامات الفيدرالية، ويعقد المؤتمر مرة كل أربع سنوات.