محكمة بريطانية تضغط على أميركا للكشف عن وثائق خاصة بمعتقل بريطاني في غوانتانامو

تتعلق بمزاعم انتزاع اعترافات من بنيامين محمد تحت التعذيب

TT

استنكرت المحكمة العليا البريطانية اول من امس عدم قيام الحكومة الأميركية بتسليم وثائق استخباراتية يمكن أن تدعم إدعاءات معتقل بريطاني في غوانتانامو، قال إن الأقوال التي أدلى بها وأقر فيها بممارسة الإرهاب انتزعت منه تحت وطأة التعذيب، ومن ثم فلا قيمة لها. وقد أشار المحلفون البريطانيون إلى أنه بدون تسليم الوثائق التي يبلغ عددها 42 وثيقة بسرعة إلى محامي الدفاع في إطار أمر قضائي لإحضار السجين للنظر في قانونية اعتقاله أمام محكمة أميركية، فإن محكمة لندن يمكن أن تقوم بتلك الخطوة بنفسها مع أن ذلك يمثل تهديدا للعلاقات بين بريطانيا والولايات المتحدة. وأشارت المحكمة إلى أن الولايات المتحدة قالت »إنها ستعيد النظر في العلاقات الاستخباراتية مع حليفتها الأقدم والأقرب إذا طلبنا نحن، كمحكمة في إنجلترا وويلز، تقديم الوثائق.. لتحقيق العدل». وقال القاضيان اللورد توماس ولويد جونز: »يجب التوصل إلى قرار نهائي عادل في هذا الأمر في أسرع وقت ممكن على ضوء عمليات التأخير والتغيرات غير المبررة التي حدثت من جانب حكومة الولايات المتحدة». وأضافا أنهما يأملان البت في الأمر خلال جلسة استماع تعقدها محكمة فيدرالية في واشنطن في 30 أكتوبر (تشرين الأول). وقال مسؤول في إدارة بوش: «نحن سعداء أن قامت المحكمة العليا بتعليق الإجراءات في بريطانيا وأحالت الأمر إلى محكمة فيدرالية أميركية». وأضاف: لدينا بالفعل مخاوف من أن تطلب محكمة بريطانية الكشف عن معلومات استخباراتية قدمتها الولايات المتحدة دون الحصول على تصريح منا، بالضبط مثلما نتوقع أن تكون لدى بريطانيا مخاوف إذا ما أمرت محكمة أميركية الكشف عن معلومات استخباراتية قدمتها بريطانيا دون الحصول على إذن من بريطانيا».

وكان قد ألقي القبض على بنيامين محمد، الذي ولد في إثيوبيا ويبلغ من العمر 30 عاما، في باكستان في أبريل (نيسان) 2002. ويقول محمد إنه تعرض للتعذيب عندما كان في سجن في باكستان قبل أن ترحله الولايات المتحدة سرا إلى المغرب، حيث، حسب ما يقول، تعرض للتعذيب مرة أخرى. وفي يناير (كانون الثاني) 2004، نقل محمد إلى أفغانستان، ثم أرسل إلى غوانتانامو في مايو (أيار). وتقول الولايات المتحدة انه ليس ثمة أساس يرتكز عليه في مزاعمه بالتعرض للتعذيب. وقبل أن ينقل محمد إلى المغرب بمدة قصيرة، تحدث معه ضابط أمن بريطاني. وفي مايو الماضي، بعد أن علموا بهذا الاجتماع، طلب محامو محمد أية معلومات يمكن أن تكون لدى الحكومة البريطانية من شأنها أن تساعد في الدفاع عن موكلهم. وقالت الحكومة البريطانية إنها وجدت أن هناك 42 وثيقة يحتمل أن تكون ذات صلة بقضية محمد. وفي سلسلة من القرارات، أحدها سري، قالت المحكمة العليا البريطانية إن محامي محمد لهم الحق في الإطلاع على المادة، مع أنه لا يمكن الكشف عنها علنا. وأشارت المحكمة إلى أن الوثائق، التي تتضمن اتصالات بين هيئات استخباراتية أميركية وبريطانية «ضرورية للدفاع عنه حيث أنها تقدم الدليل المستقل الوحيد الذي يحتمل أن يساعده على تقويض القضية المرفوعة ضده». وقال القضاة إن الولايات المتحدة وبريطانيا تتفقان على مبدأ يقول بأن «الاعترافات غير الطوعية التي يتحصل عليها عن طريق التعذيب أو المعاملة القاسية غير الآدمية أو المعاملة المهينة لا تقبل في المحاكمات».

وتقول الحكومة البريطانية إنه على الرغم من أن ثمة «واقعة قابلة للأخذ والرد» وهي أن محمد قد تعرض للتعذيب، فإن تسليم الوثائق في لندن سوف يؤثر على العلاقات مع واشنطن. وفي بيان مكتوب أرسل إلى المحكمة، قال وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، إن الوثائق يجب تسليمها في إطار النظام القضائي الأميركي وإن المسؤولين الأميركيين وافقوا كتابة على القيام بذلك إذا ما قام البنتاغون بتحويل التهم المرفوعة ضد محمد إلى محكمة عسكرية. وأضاف الوزير: ستستمر الحكومة البريطانية في اتصالاتها مع السلطات الأميركية ذات الصلة لضمان الكشف عن الوثائق. وكان مدعون عسكريون قد وجهوا التهم ضد محمد في مايو (أيار)، ومن بينها تورطه في مخططات لتفجير «قنبلة قذرة» إشعاعية ضمن هجمات أخرى داخل الولايات المتحدة. ومع ذلك، لم يوافق المسؤول بالبنتاغون المكلف باللجان العسكرية على تلك التهم. ويوم الثلاثاء، رفضت الاتهامات. وكانت وزارة العدل في مطلع الشهر الجاري قد سحبت أخطر الاتهامات ضد محمد خلال إجراءات إحضار المعتقل أمام المحكمة للنظر في قانونية اعتقاله. وبعد ذلك، سمح مسؤولون أميركيون لمحامي محمد بالنظر في سبع وثائق منقحة، ولكن قالت المحكمة البريطانية إن ذلك لا يكفي. وأفادت المحكمة يوم الأربعاء: «يجب قراءة الوثائق بالتتابع للوقوف على السياق الصحيح، وأشارت إلى أن الحكومة البريطانية كانت قد أقرت بأن جميعها ذات صلة ويحتمل أن تسقط التهم.»

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ الشرق الاوسط