الجزائر: برلماني شكك في صحة عدد شهداء حرب التحرير مهدد بالملاحقة القضائية

جمعيات «المجاهدين» تقود حملة ضده وتتهمه بالإساءة لتاريخ البلاد

TT

يقع برلماني جزائري، شكك في عدد شهداء ثورة التحرير (1954 ـ 1962)، تحت طائلة المتابعة القضائية بتهمة «الاساءة والتجريح في تاريخ الجزائر». وقال زعيم أكبر منظمة فيما يعرف بـ«الأسرة الثورية» أن حرب التحرير وقادتها «فوق كل الشبهات».

وأطلقت جمعيات المجاهدين وأبناء المجاهدين وشهداء حرب التحرير، حملة قوية ضد البرلماني العلماني نور الدين آيت حمودة الذي طعن في صحة عدد شهداء حرب التحرير (مليون ونصف مليون شهيد حسب السلطات)، وهددت برفع دعوى قضائية ضده ما لم يتراجع عن تصريحاته ويعتذر لكل الجزائريين. فيما قال آيت حمودة الذي ينتمي لحزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» ذي النزعة البربرية، للصحافة إنه متمسك بتصريحاته، وذهب أبعد من ذلك عندما اتهم قائد المخابرات أيام الثورة، عبد الحفيظ بوصوف، بتصفية والده الشهير بـ«العقيد عميروش» وهو أحد أكبر قادة الثورة.

وذكر البرلماني لصحيفة «المحقق» أمس، على سبيل التحدي: «نعم.. أنا متمسك بتصريحاتي أكثر مما تتصورون. وليعلم الجزائريون أن رقم المليون ونصف المليون شهيد كشف عنه الرئيس الأسبق أحمد بن بلة في 3 يوليو (تموز) 1962 في تونس، بدون تقديم أي دليل يثبت ذلك. وإلى يومنا لم يقدم أي مسؤول أو وزير مر على وزارة المجاهدين قائمة تضم هؤلاء الشهداء، وإذا كانت الوزارة تملك أسماءهم وتواريخ ميلادهم فأتحداها أن تقوم بنشر مجلد تسميه مثلا معجم مليون ونصف مليون شهيد، إذ من العيب أن لا يملك بلد قامت به ثورة عريقة مثل الجزائر، كتابا يحتوي على أسماء شهدائه».

وهدد آيت حمودة بـ«الكشف عن وثيقتين واحدة صادرة عن وزارة المجاهدين، والأخرى عن الجيش الفرنسي، تؤكدان أن مسؤولا كبيرا في الدولة حاليا، كان عميلا للمستعمر الفرنسي»، تحفظ عن ذكر إسمه بدعوى أنه لا يريد أن يصدم الجزائريين. يشار إلى أن البرلماني فجر «قنبلة الشهداء» في البرلمان الأسبوع الماضي، خلال مناقشة قانون الموازنة. واتهم آيت حمودة قائد المخابرات وقت الحرب ضد فرنسا، عبد الحفيظ بوصوف، باغتيال والده «العقيد عميروش» وقائد الثورة «سي الحواس» مشيرا إلى أن الرئيس الأسبق هواري بومدين «احتجز جثتيهما في مقر للدرك الوطني بالعاصمة» منتصف ستينيات القرن الماضي. وأوضح أن الرئيس الشاذلي بن جديد هو من نقل الجثتين لدفنهما في «مربع الشهداء» بـ«مقبرة العالية» بالعاصمة، بعد توليه الرئاسة مطلع الثمانينيات.

ورد سعيد عبادو، أمين عام «منظمة المجاهدين» التي تقود «الأسرة الثورية» المتنفذة في دواليب الدولة، على التشكيك في عدد الشهداء، قائلا إن حرب التحرير «كانت ثورة وانتصرت، والانتقاد يتوجه في الأصل إلى الثورات الفاشلة».

وقال عبادو لـ«الشرق الأوسط»: «يمكن التعرض لتاريخ الثورة بالانتقاد ولكن ليس من طرف أي كان.. أعتقد أن المؤرخين هم أكثر المؤهلين لذلك وليس غيرهم لأنهم أكثر إلماما بتفاصيل الثورة» مشيرا إلى أن «التشكيك في الثورة يصب مباشرة في محاولات المستعمر الفرنسي التقليل من شأنها ومن شأن قادتها».