فيضانات طنجة غير المسبوقة خلفت 5 قتلى وأضرارا مادية كبيرة

مخاوف السكان مستمرة من تجددها خلال الأيام المقبلة

TT

تسببت أمطار طوفانية في مدينة طنجة (شمال) في مصرع خمسة أشخاص، حسب حصيلة أولية، ووقوع خسائر فادحة في الممتلكات وحصار مناطق بكاملها بالمياه والأوحال والأتربة.

وأدت الأمطار الطوفانية التي تهاطلت طوال أول من أمس الخميس على طنجة، وهي ثالث أكبر مدينة في البلاد، إلى وقف شبه كامل للأنشطة الاقتصادية والصناعية والتجارية، وشل حركة السير وإلغاء كل الرحلات البرية نحو المدينة. ولأول مرة في تاريخ الفيضانات بطنجة حلت فرق من الجيش المغربي من أجل المساهمة في عمليات الإغاثة، وهي عمليات بدت صعبة بالنظر إلى أن التحرك برا نحو عدد من المناطق المنكوبة كانت بالغة الصعوبة أو مستحيلة.

وكان والي (محافظ) طنجة، محمد حصاد، قد دعا صباح أمس الخميس وسائل الإعلام إلى حضور مؤتمر صحافي بمقر المحافظة، وتطرق خلاله إلى الوضعية التي تعرفها المدينة عقب هذه الفيضانات. وأدت الأمطار الطوفانية، وهي الأسوأ في تاريخ المدينة، إلى الكشف عن عيوب كبيرة جدا في البنية التحتية لمدينة تحتضن واحدا من أكبر الموانئ في حوض البحر الأبيض المتوسط، وكانت مرشحة أيضا لاحتضان المعرض الدولي لسنة 2012، والذي فازت بتنظيمه في النهاية مدينة سويتو الكورية الجنوبية.

وحسب البيانات المؤقتة التي حصلت عليها مصالح الأمن من طرف مصالح الوقاية المدنية ومصالح الإغاثة، فإن أربع ضحايا قضوا غرقا في المياه والأوحال. وطبقا لما ذكره شهود عيان عاشوا مراحل هذا الفيضان غير المسبوق، فإن مخاوف حقيقية استبدت بالسكان الذين كانوا يتوقعون كارثة أكبر في حال استمرت الأمطار الطوفانية ساعات إضافية أخرى. وتوقفت حركة السفر البري بالكامل نحو المدينة بسبب تعرض السكة الحديدية لأضرار بالغة، فيما أصبح مستحيلا عبور السيارات نحو المدينة عبر عدد من النقاط، وهو ما تم التغلب عليه صباح أمس الجمعة، حسب بيان لمصلحة الوقاية المدنية.

وعاشت طنجة مئات من مشاهد الخوف والهلع، وهي التي لم تعرف من قبل مثل هذا الفيضان الكبير. ووصف سكان ما عاشوه بأنه جزء من الموت، فيما قال آخرون إن السحب كانت تلقي بكميات هائلة من الماء كأنها ستدفن المدينة نهائيا. وفي المناطق الهامشية من المدينة، غرقت حارات بكاملها واضطر السكان إلى الصعود إلى أسطح المنازل، وتعذر الوصول إلى هذه المناطق من أجل إغاثتهم، وهو ما دفع الكثيرين إلى القفز من سطح إلى آخر بحثا عن منفذ إلى منطقة لم يصلها الفيضان.

وحوصر الآلاف من العمال في عدد من المناطق الصناعية، حيث بلغ مستوى الماء قرابة متر ونصف المتر، وهو ما كان سيؤدي إلى كارثة غير مسبوقة، ليس في طنجة فقط، بل في المغرب كله، حيث أغمي على العشرات من العاملات وأصيب المئات بما يمكن تسميته «لحظات اقتراب الموت». وحسب الإحصائيات الأولية المتوفرة لدى المصالح الاقتصادية بولاية طنجة، فإن قرابة مائتي مصنع تضررت من الفيضانات، وأن أرقام الخسائر سيتم الكشف عنها خلال الأيام القليلة المقبلة.

وازداد الوضع سوءا بسبب تحالف مياه الأمطار، مع قنوات تصريف المياه المفتوحة، والتي كانت السبب في عدد من الوفيات، حيث تعاني المدينة من وجود عدد هائل من الحفر التي تركت على حالها. وأدى شل حركة السير في المدينة إلى تخلي الكثير من السائقين عن سياراتهم في أي مكان ومحاولة البحث عن مخرج سيرا على الأقدام، بينما جرفت المياه عددا من السيارات، خصوصا في المناطق المؤدية إلى مدن تطوان والرباط، أو طريق ميناء طنجة المتوسطي.

وعرفت المدينة انفراجا منذ ليلة أمس، فيما يتوقع أن يتجدد تساقط الأمطار مرة أخرى.