السلطة الفلسطينية تعزز وجودها الأمني في الخليل.. وتحذر من «أي سلاح غير شرعي»

حماس تعتبر الخطوة «مكافأة إسرائيلية للأجهزة المتعاونة».. والليكود يعتبرها «مشؤومة»

أحد عناصر الأمن التابعين للسلطة الفلسطينية الذين تم نشرهم في الخليل يؤدي الصلاة في إحدى الثكنات العسكرية أمس (رويترز)
TT

نشرت السلطة الفلسطينية المئات من أفراد الأمن الفلسطيني في مدينة الخليل، ضمن خطة امنية مدعومة من الغرب، يشرف عليها المنسق الأمني الاميركي، الجنرال كيت دايتون، وتهدف الى تقوية السلطة التي يقودها الرئيس محمود عباس وإحكام قبضتها على الأرض في الضفة الغربية في مواجهة حركة حماس. وهو ما اعتبره الإسرائيليون شرطا للتقدم في أي عملية سلام. وأقرت اسرائيل التي تحاول دعم عباس في مواجهة خصومه في حماس نشر نحو 550 من الضباط المسلحين في الخليل، كبرى مدن الضفة الغربية والتي تمثل نقطة اشتباك متكررة بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود. وترى اسرائيل ان هذا الانتشار سيساعد في مواجهة حماس التي تتمتع بنفوذ كبير في المدينة التي شهدت مؤخرا أيضا توترا كبيرا بين السلطة وحماس، بعد تهديدات اطلقتها الحركة الاسلامية بحسم قريب في الخليل اثر اعتقال السلطة خلايا مسلحة تابعة للحركة، واكتشافها مخازن للأسلحة.

وقال سميح الصيفي، قائد الأمن الفلسطيني بمنطقة الخليل، ان قواته جادة ومستعدة لاعتقال أي شخص يحاول عرقلة القانون والنظام بدءا بالجماعات المسلحة غير القانونية وأي شخص يتاجر بالأسلحة غير القانونية.

وتتهم السلطة حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، بجمع السلاح وشرائه في الخليل لتنفيذ «مخططات خارجية»، تهدف الى زعزعة الاستقرار. وكان مدير شرطة المدنية رمضان عوض قال لـ«الشرق الأوسط» انه تم اعتقال مجموعات من حماس كانت تخطط لاستهداف قيادات في السلطة وأخرى مجتمعية وان هذه الجماعات كانت تخطط لضرب مصالح اقتصادية وتعمل ضد الانفتاح».

وقالت حماس ان سماح الاحتلال بنشر المئات من قوات أمن السلطة في محافظة الخليل، هي «مكافأة لتلك القوات على دورها في تصفية المقاومة وحماية الاحتلال». وتتهم حماس السلطة بأنها تستهدف بشكل خاص سلاح المقاومة. الا ان السلطة تقول انه لا سلاح شرعيا مسموح به سوى سلاح السلطة. وقال ذياب العلي، قائد الأمن الوطني في الضفة الغربية في بيان صحافي له «ان السلاح الشرعي الوحيد هو سلاح قوى الأمن، وهدفه بسط سيادة القانون وفرض الأمن والنظام». وطلب النائب الليكودي المعارض، غلعاد إردان، عقد اجتماع عاجل للجنة الخارجية والأمن البرلمانية في اسرائيل لمناقشة قرار السماح بنشر القوات الفلسطينية في الخليل. ووصف إردان قرار وزير الدفاع إيهود باراك في هذا الصدد بقرار مشؤوم يأتي من منطلق منافسته رئيسة حزب كديما، تسيبي ليفني، على قيادة معسكر اليسار ومنح الفلسطينيين المزيد من التنازلات. وأضاف إردان أن نشر القوات الفلسطينية في الخليل سيزيد من رقعة الاحتكاك بين سكانها اليهود والعرب وقد يعرض أمن السكان وآلاف الزوار القادمين إلى المدينة للخطر.

وقال قائد منطقة الخليل، العميد سميح الصيفي، في مؤتمر صحافي عقده امس «تنفيذاً لأوامر القيادة، قررت قوات الأمن الفلسطيني في الخليل القيام بحملة أمنية أسميناها (إشراقة الوطن)، في كافة أرجاء محافظة الخليل، لفرض سيادة القانون». وأشار الصيفي إلى أن القوة المكونة من 600 عنصر ستنفذ حملة ستعالج كافة مظاهر الخروج عن القانون. وقال «سيتم تطبيق القانون، ولا سلاح غير سلاح السلطة الفلسطينية، وكل من نعثر على سلاح لديه سيتم مصادرته وتقديمه للقضاء، وعلى كافة الفارين من وجه العدالة والمطلوبين لدى الأجهزة تسليم أنفسهم قبل أن نصل اليهم». وبحسب الصيفي فان قواته جادة ومستعدة لاعتقال أي شخص يحاول عرقلة القانون والنظام بدءا بالجماعات المسلحة غير القانونية وأي شخص يتاجر بالأسلحة غير القانونية».

وتعتبر مدنية الخليل، التي يسكنها 600 ألف فلسطيني، احد اكبر المحافظات الفلسطينية التي شهدت انفلاتا امنيا وكان يحكمها المسلحون بالقوة. وتقول السلطة انها حاربت ظواهر الانفلات واعتقلت هاربين من وجه العدالة وتجار سلاح، وحدت من قدرة حماس. الا ان السلطة تواجه وضعا اصعب في الخليل بسبب وجود مئات المستوطنين الذي يعيشون في البلدة القديمة تحت حراسة الجيش الإسرائيلي. وقال مصدر أمني إسرائيلي بأن القوة الفلسطينية الجديدة لن تدخل مناطق «H2» في الخليل، الخاضعة للسيطرة الأمنية الاسرائيلية، بحسب بروتوكول الخليل الموقع بين السلطة الفلسطينية واسرائيل.

وأكد سلام فياض رئيس الوزراء في حكومة تسيير الاعمال، أن نشر المئات من عناصر الأمن في الخليل، يأتي في إطار الخطة الأمنية التي بدأت بتنفيذها السلطة الفلسطينية العام الماضي ويهدف الى فرض القانون وهيبة السلطة، وتمكين المواطن أن يحيا بعيداً عن مظاهر الفوضى التي أثَّرت سلباً في إمكانية صموده على أرضه.

ومن جهتها، قالت حماس في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه «إن سماح حكومة الاحتلال الصهيوني لقوات الأمن الفلسطينية بالانتشار في الخليل يأتي في سياق التنسيق الأمني الخطير وتطبيقاً لخطة «دايتون» الأمنية لحماية الاحتلال، وفي إطار دورها الذي تقوم به في تصفية حركة حماس وملاحقة المقاومين والمجاهدين، والتي كان آخرها اعتقال أكثر من 60 من المجاهدين من أبناء وعناصر حركة حماس، وكشف أسرار عملية «ديمونا» البطولية». وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حماس «إن ذلك يُوضح أجندة تلك الأجهزة الصهيوأمريكية غير الوطنية، ومهمتها الخطيرة، والذي يوضح أن دور الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقيادتها المتعاونة مع الاحتلال هو تصفية المقاومة، وحماية الاحتلال والمغتصبين الصهاينة، مما يجعلنا نُصر على ضرورة عزل هذه القيادات الخطيرة المتعاونة مع الاحتلال الصهيوني». وطالبت حماس بإعادة هيكلة هذه الأجهزة، من جديد، «بأجندة وطنية على أسس مهنية وقانونية، بحيث تكون مهمتها تطبيق القانون وحماية أمن المواطن الفلسطيني، وضمن منظومة الدفاع عن الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الصهيوني وحماية حقوقه وثوابته».