ليفني تكشف التوصل إلى اتفاق مع «شاس» حول القدس.. و«يشاي» أخفاه عن قيادته

اشتداد الانتقادات لها داخل حزبها: بدأت مسلسل الأخطاء منذ أن طلبت من أولمرت الاستقالة

TT

كشفت رئيسة حزب «كاديما» وزيرة الخارجية الاسرائيلية، تسيبي ليفني، ان طاقمي المفاوضات الائتلافية من حزبها وحزب «شاس»، كانا قد توصلا الى اتفاق حول القضيتين المركزيتين اللتين وضعتا على الطاولة، ولكن رئيس حزب «شاس»، الوزير ايلي يشاي، أخفى ذلك عن قيادته الروحية بشكل مخادع. ومع ذلك فقد تصاعدت الانتقادات ضدها داخل حزبها واتهموها بارتكاب مسلسل أخطاء سياسية، بدأت بقرارها مطالبة رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، بالاستقالة أواسط سبتمبر (أيلول) الماضي. واتضح ان الاتفاق حول القدس بنيَّ بطريقة تفسح المجال أمام ليفني أن تتفاوض مع السلطة الفلسطينية حول القدس، ولكنها لا تسمح بتوقيع اتفاق حول نتيجة المفاوضات إلا بموافقة جميع كتل الائتلاف. وتمت صياغة هذا الاتفاق على هذا النحو: «لا يتم اجراء أي تعديل في قانون اسرائيلي أساسي من دون موافقة جميع كتل الائتلاف بالحكومة». وبما ان هناك قانونا أساسيا في اسرائيل حول القدس يقضي بضم جزئها الشرقي (الذي احتل عام 1967) الى تخوم اسرائيل ويطبق عليها القانون الاسرائيلي، فلا يجوز توقيع اتفاق يتناقض مع هذا القانون إلا بموافقة كتل الائتلاف. وبهذه الطريقة تلتف ليفني على طلب «شاس» عدم التفاوض حول القدس، وفي الوقت نفسه تؤجل تفجير الاتفاق الائتلافي الى نهاية المفاوضات. ووافق المفاوض الرئيس باسم «شاس»، المحامي دافيد جلاس، على هذا النص مساء الخميس. وذهبت ليفني، وهي مقتنعة بأن الاتفاق سيوقع يوم الجمعة أو على أكثر تعديل مساء السبت. بيد ان «مجلس حكماء التوراة»، برئاسة الحاخام عوفاديا يوسيف، الذي يقود حزب «شاس» فاجأ في صبيحة الجمعة بالإعلان عن وقف المفاوضات وعدم الانضمام الى الائتلاف. وحسب رجال ليفني، أمس، تبين ان يشاي أخفى عن مجلس الحكماء ان المفاوضين توصلوا الى اتفاق ومنع المحامي جلاس من المشاركة في الاجتماع معهم حتى لا يخبرهم بأمر هذا الاتفاق. وان يشاي منع لقاء بين شاؤول موفاز من حزب «كاديما» وبين الحاخام يوسيف خوفاً من أن يقنعه بالبقاء في الائتلاف. وبعثت ليفني برسول الى الحاخام يوسيف يخبره بهذه التفاصيل، وذلك بواسطة مقربين آخرين منه يعتبرونَ خصوماً للوزير يشاي، وهاجمته بواسطة متحدثين باسمها واتهمته بخداع سيده عوفاديا يوسيف. وتقترح عليه الاطلاع بنفسه على تلخيصات المفاوضين من الحزبين وتقترح العودة الى المفاوضات من جديد. إلا ان خصوم ليفني في «كاديما» أعربوا عن الشك في أن تفلح ليفني في اعادة العجلة الى الوراء.

وقالوا ان محاولاتها هذه تدل على سذاجتها وجهلها بأسرار السياسة الحزبية الاسرائيلية. وقال أحد المقربين من رئيس الوزراء ايهود أولمرت ان ليفني ارتكبت مسلسل أخطاء، ووقعت في العديد من المطبات التي تدل على انها ليست أهلا لمنصب رئيس الحكومة. وقال ان الخطأ الأول والأكبر الذي ارتكبته هو انها انجرفت وراء الحملة الهوجاء ضد أولمرت تحت يافطة «محاربة الفساد» وطالبته بالاستقالة.

فلو لم يستقل أولمرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكانت ليفني تمكنت بعد انتخابها لرئاسة الحزب أن تدير مفاوضات هادئة لتشكيل الحكومة من دون ضغط ومن دون التعرض لابتزاز «شاس». ورد رجال ليفني على الاتهام بالقول ان المنتقدين هم السذج الذين لا يفهمون حقيقة ما جرى. فالقضية ان رئيس «شاس» يعمل من خلال أجندة شخصية، حيث انه لا يريد الانضمام الى الحكومة لأنه يخشى ان يفقد منصبه في رئاسة الحزب. ففي يونيو (حزيران) المقبل سيعود مؤسس حزب «شاس»، أريه درعي، الى الحلبة السياسية. ومن المتوقع أن يطالب بالعودة الى منصبه. ولذلك يريد يشاي ان يتوجه الى الانتخابات فورا حتى يضمن انتخابه رئيسا للحزب، قبل عودة درعي، باعتبار ان الانتخابات هي لأربع سنوات. وضرب رجال ليفني عدة أمثلة تدل على ان يشاي بدأ خطته للانسحاب من الائتلاف منذ شهور طويلة. فقد كان ينوي التصويت الى جانب اقتراح الليكود نزع الثقة عن الحكومة في شهر يونيو الماضي وقبيل انتخاب ليفني رئيسة لـ«كاديما» قبل حوالي شهرين، قال ان أي قائد ينتخب في هذا الحزب لن يستطيع تشكيل حكومة. ثم قال ان الانتخابات ستجري نهاية 2008 أو مطلع 2009. ثم راح يفاوض الليكود واتفق مع بنيامين نتنياهو على أن يكون «شاس» أول حزب يتوجه اليه لتشكيل حكومة الوحدة القادمة. فكل هذا ـ حسب رجال ليفني ـ يدل على ان يشاي لم يكن صادقا في مفاوضاته، وانه استخدم هذه المفاوضات رافعة لقراره القديم ألا يبقى في تحالف مع «كاديما». وقال منتقدو ليفني انها ارتكبت خطأ أحمقَ عندما أعلنت مطلع الأسبوع انها تريد تشكيل حكومة في غضون خمسة ايام، ووضعت شرطا لإنهاء المفاوضات حتى الأحد (اليوم).

فقد منحها رئيس الدولة مهلة أسبوعين وما زال لديها سبعة أيام اضافية (حتى يوم الاثنين القادم) حتى تنهي المفاوضات. وتوجه عدد من قادة «كاديما» الى ليفني، أمس، بطلب الامتناع عن لقاء رئيس الدولة، اليوم، لإبلاغه بفشلها في تشكيل الحكومة، وقالوا ان عليها استغلال هذه الفترة حتى النهاية لمواصلة الجهود من أجل تشكيل حكومة.