خادم الحرمين: اذا خالفتك لا يعني أنني عدو لك.. ويهمنا إظهار أن الإسلام إسلام حوار لا إسلام قوة وبطش

قال لرجال الإعلام والصحافة في السعودية: أعتقد أن العالم الآن في حرب خفية.. حرب اقتصادية ولا بد أن تراعوا هذا الشيء

خادم الحرمين الشريفين لدى استقباله وزير الثقافة والإعلام والمسؤولين في الوزارة عن قطاع الصحافة ورؤساء تحرير الصحف والمجلات السعودية في الرياض أمس (واس)
TT

استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الديوان الملكي بقصر اليمامة أمس وزير الثقافة والإعلام إياد بن أمين مدني والمسؤولين في الوزارة عن قطاع الصحافة ورؤساء تحرير الصحف والمجلات السعودية.

وقال خادم الحرمين الشريفين في كلمة وجهها للحاضرين «يا إخوان أنتم من هذا البلد وإليه، ومهما عملتم يطلب منكم المزيد لخدمة دينكم ووطنكم وهذا أهم شيء، أنتم الآن تعرفون ماذا يحصل في العالم كله، وأحب أن أقول لكم إني أعتقد أن العالم الآن في حرب خفية، حرب اقتصادية، ولا بد أن تراعوا هذا الشيء، تراعوا مصلحة الدين والوطن، لا مصلحة أشخاص، لأن الاقتصاد هو أساس كل شيء».

وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى استقباله وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مبدياً سروره باستجابتهم للدعوة ولعقد اجتماع طارئ، وقال «ولله الحمد هذه خطوة مباركة لا بد أن نتحدث عنها لأن الخليج ولله الحمد ماشي، ولكنه هدف، لا تنسون يا إخوان أن بلادكم هدف لزعزعة هذه النعمة التي تفضل بها الرب عليكم ولا لأحد فيها كرم إلا للرب عز وجل، لا بد أن نقدرها ونحترمها، لا بد أن نراعيها، لا بد أن نحافظ عليها بلا تهور وبلا وطنية مزعومة وبلا ظهور غير نافع، نريد أن يضع الواحد أمام عيونه مخافة ربه وشكره ومصلحة وطنه، هذا الذي نريده، وهذه إن شاء الله كلها فيكم، كلكم رجال فيكم الخير، وهدفكم ليس فيه شك، أنا لا أشك فيه ولا أحد يشك فيه، إن الوطن، الوطن فوق كل شيء، وشعبكم لا يريد أن يبدر منكم إلا كل كلمة طيبة، نعم هناك أخطاء.. وهناك وهناك.. أمس سمعت تقريراً يورد أن مليونين من السعوديين من الممكن أن يصابوا بفشل كلوي، يعني هذا التقرير من أين جاء؟ وهذا شيء بإرادة الله، مليونان! ما الذي دفعك لهذا التشويه؟ الواحد يريد أن يجعل من نفسه وطنياً يريد أن يقول للشعب كلمة أو غير ذلك، لا شعبك يعرفك ونحن نعرفك.

نحن يهمنا أن يكون هدفكم هدف مسلم مجد لوطنه، ومصلحة وطنه فوق كل شيء، وهذا في اعتقادي فيكم كلكم ولكن البعض يغره بعض المرات، أو النفس أمارة بالسوء وإذا اجتمعت النفس والشيطان خلص الإنسان، لكن لا بد يقابله العقل والإيمان. أنا أطلب منكم يا إخوان اتجاهكم لدينكم أولا ولوطنكم فوق كل شيء ضعوه أمام عيونكم إذا وضعتم هذا أمام عيونكم وإن شاء الله هذه فيكم كلكم، غريزتكم وإيمانكم وإخلاصكم لا يشك فيه أحد أبداً أبداً، لكن بعض المرات يغتر الإنسان وهذا أحب أنكم تصححونه وليس انتقاداً ولكن تنبيه لكم».

وأضاف خادم الحرمين الشريفين «يا إخوان أنا منكم وإليكم، لكن تهمني مصلحة ديني ووطني فوق كل شيء وهذه لا أساوم فيها ولا أنظر فيها ولا في الحلم، هذه ما فيها شك وهي في اعتقادي فيكم جميعاً ولكنكم تختلفون في بعض الآراء، وبعضكم يريد أن يفتح له مجال. إفتح له مجال ونبهه».

وقال الملك عبد الله «أنا إن شاء الله سأتوجه إلى أميركا من أجل حوار أتباع الأديان الجاري حالياً وأرجو من الله أن يوفقنا وحوار الأديان واجب على كل إنسان وإنسانة، وفي نفس الوقت فإنه جاء في وقت العالم ينتقد الإسلام والإسلام أنتم أبناؤه جميعاً ولا بد من المحافظة عليه، ومع الأسف أن من أبنائنا من غزهم الشيطان أو إخوان الشيطان وصار الذي صار، ففكرت ما هو الحل؟ لست أنا أريد هذا وحدي كلكم وكل مسلم صحيح يريد أن يبقي سمعة إسلامه نقية، فكرت أنه لا يمكن أن ينقيه إلا مد يد المسلمين لإخوانهم في الأديان الأخرى وهذه يمكن أنها تردع قليلا. هذا الواجب الإنساني التلاقي أو النصح أو الإرشاد لأية عقيدة أو دين أو غير ذلك، الحوار، الحوار.

والحوار كما تعلمون لم يكن يدور عندنا أبداً، فإما أن يكون الأمر كذا أو خلاف أو عمل شيء آخر، لا يا أخي لا يعني إذا خالفتك أنني عدو لك لا، خالفتني لكن اقنعني أو أنني أقنعك، وهذا الذي جعلني أدعو للحوار وهو الذي تم في مدريد، ولم آخذ هذه الخطوة مني إلا بعد أن أخذت الضوء الأخضر من علمائنا ومشيت ولله الحمد وهذه مصلحة العالم لا مصلحتنا وحدنا، يعني فيها شيء من إظهار أن الإسلام إسلام حوار، لا إسلام قوة وبطش، الإسلام حوار وهذا ولله الحمد إسلامكم.

الإسلام وصل إلى الصين بعد خمسين عاماً ـ من البعثة النبوية ـ ولم تكن آنذاك موجودة الطائرات ولا غيرها، لكن الإسلام ماشي ولله الحمد. والآن على الضغوط التي يجدها ففي كل يوم هناك ناس يريدون أن يسلموا ولله الحمد. لكن واجب أبناء الإسلام أنتم وغيركم أن يخدموا الإسلام بالكلمة الطيبة، الكلمة الطيبة يا إخوان تأخذ الحق البين مهما كان، مهما صار الكلمة الطيبة مؤثرة. فلو جاء الآن أحد ونحن على وقت الصلاة وقال قوموا صلوا غير أن يأتي واحد ويسلم ويقول بارك الله فيكم ترى وقت الصلاة دخل وهذا وقتها، كلكم لا يمكن أن تخالفوه أبداً، وهذه الكلمة الطيبة طيبة منكم، وأرجو منكم أن تستعملوا الكلمة الطيبة لخدمة الدين والوطن. والآن جاء دور الاقتصاد وجاء دور الكلمة الطيبة، وجاء دور الموقف الوفي وثانيا لا تتكلوا على مراسليكم إبدأوا أنتم بإزالة هذه الأفكار السيئة التي ما من شك لم تأت إلا من أعداء، الشك والخوف والريبة. وشكراً لكم وإن شاء الله نشوفكم بخير».

وكان وزير الثقافة والإعلام أعرب في كلمة له عن شكر الجميع لخادم الحرمين الشريفين على استقباله لهم وتطلعهم الدائم إلى مثل هذا اللقاء للاستماع إلى توجيهاته الكريمة.

وأكد أن جميع العاملين في الصحافة حريصون دائماً على أن يكونوا في خدمة هذا الدين وخدمة الوطن، راجياً أن يكون الجميع عند حسن ظن الملك عبد الله ومحل ثقته وأن تكون الصحافة أداة من أدوات تكريس الوحدة الوطنية والتكافل والتضامن الاجتماعي، وكذلك عاملة ومعينة وداعية إلى كل ما فيه خير ومصلحة هذا الوطن ويتسق مع التوجيهات الكريمة. وقال وزير الثقافة والإعلام «هذا القطاع قطاع منتج ومثمر، والإخوة ـ إن شاء الله ـ يكونون دائماً على قدر المسؤولية».

بعد ذلك ألقى رئيس تحرير صحيفة «الرياض» تركي بن عبد الله السديري، كلمة أكد فيها أن علاقة خادم الحرمين الشريفين بالصحافة أو علاقة الصحافة به ليست بالجديدة، مشيراً إلى ما كان يستمع إليه الصحافيون من الملك عبد الله من الأفكار والرؤى، عندما كانوا ضيوفاً عليه في مناورات الحرس الوطني منذ زمن بعيد، ثم بعد ذلك تتوالى الرحلات والمناسبات، حتى تمكن من القفز بالصحافة المحلية إلى مستواها المرموق عربيا، وتمكين علاقاتها أيضا خارج المملكة بشكل مرض، وتطورها على مستويات عديدة، مستويات الإمكانيات ومستوى النشر وعدد العاملين في ميدانها، وهو عدد ربما لا يدركه كثيرون.

وبين السديري أنه عندما بدأ العمل في الصحافة، كان عدد العاملين من السعوديين لا يتجاوز 6 أشخاص فقط، والآن في جريدة «الرياض» أو في أي جريدة أخرى ما لا يقل عن 180 شاباً، وكذلك المرأة كانت ترسل رسائلها من بعيد وكتاباتها محدودة، أما الآن ففي الصحيفة الواحدة ما لا يقل عن خمس وعشرين سيدة عاملة في الكتابة، وفي العمل الصحافي وعبر مكاتب رسمية.

وقال إن «هذا التطور السريع، الذي حدث ما كان يمكن أن يتحقق بهذه السهولة، لولا دعمكم ووقوفكم المؤازر ليس للصحافة وحدها، ولكن للانفتاح الاجتماعي، للنمو الاجتماعي، لتطور الاقتصاد ولغرس أساسيات لن نقول إنها ستحل مشاكل المملكة أو مشاكل المجتمع، ولكن نقول إنها ستنقل المملكة وهذا شيء مؤكد عبر ما أتحتموه من إمكانات وما أسستم له، سينقل المملكة من الظروف الشرق أوسطية، سواء اقتصاديا أو معاشيا أو صناعيا إلى مصاف أعلى وأكثر».

وأشار رئيس تحرير صحيفة «الرياض» إلى أن دور الصحافة الأساس في هذا الميدان، هو تهيئة المواطن لهذه النقلات، التي تتوالى وتجاوز أي صغير يحدث، ويحدث في كل مجتمعات العالم، لأن الأهداف الكبيرة التي رسمها ويرعاها الملك عبد الله، هي أهداف يجب أن يقف الجميع خلفها، والصحافة هي الوسيلة الأولى لتحقيق التواصل بين القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين، وبين الأوساط الاقتصادية النامية، بين المشاريع الضخمة الصناعية التي أسس لها، وبين تغيير البيئة التعليمية التي تحظى بتقدير الجميع، وستوجد الجيل الذي سيأخذ المملكة إلى المصاف الأوروبية ولا أقول الشرق أوسطية. وقال في ختام كلمته «الجميع يشكرونكم ويدينون لكم بما تحقق من تطور، والجميع سعيدون بأن يستمعوا منكم إلى أي توجيه حفظكم الله ورعاكم».

وكان خادم الحرمين الشريفين قد استقبل في مكتبه أمس، السفير حازم محمد بن صالح كركتلي سفير خادم الحرمين الشريفين المعين لدى المجلس الفيدرالي السويسري، والسفير عبد العزيز بن عبد الرحمن الدريس سفير خادم الحرمين الشريفين المعين لدى إيرلندا.

وحملهما العاهل السعودي تحياته وتقديره لقيادتي البلدين «وأوصاهما بالحرص على تقوى الله عز وجل وبالعمل على تعزيز العلاقات بين المملكة والدولتين المعينين فيهما وأن يكونا خير ممثلين لدينهما ووطنهما وشعبهما».

من جانبهما، عبر السفيران عن شكرهما وتقديرهما لخادم الحرمين الشريفين على استقباله لهما وعلى الثقة السامية «داعيين الله عز وجل أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين، وأن يوفقهما ليكونا عند حسن ظن القيادة الرشيدة بهما».