وزير الداخلية العراقي يحث على إبرام الاتفاق الأمني.. ويحذر: وزاراتنا الأمنية ليست جاهزة

الحكومة تلغي اجتماعا لمناقشة تعديلات.. والبولاني يصف عدم التوقيع بـ«الخطأ الاستراتيجي»

نواب عن كتلة التيار الصدري يجلسون داخل خيمة نصبت في مدخل مبنى البرلمان أمس احتجاجا على الاتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا (أ.ف.ب)
TT

ألغى مجلس الوزراء العراقي جلسة غير اعتيادية كان مقررا عقدها أمس لبحث التعديلات العراقية المقترحة على مسودة الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة والتي تحدد مستقبل وجود القوات الاميركية في العراق، فيما حث وزير الداخلية العراقي على إبرام الاتفاقية في تحذير هو الأشد لهجة الذي يطلقه أحد المسؤولين العراقيين حتى الآن.

وقال صادق الركابي، احد ابرز مستشاري رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، إن التعديلات على المسودة الأخيرة مازالت مستمرة وان المقترحات مازال يجري تسلمها، حسبما أوردته وكالة الاسوشييتد برس.

وفي الغالب يعقد مجلس الوزراء العراقي جلساته الاعتيادية ايام الثلاثاء. وكانت حكومة المالكي تخطط لإرسال تعديلات جديدة للطرف الأميركي خلال اليومين الجاريين. وكانت الحكومة العراقية قد قررت الأسبوع الماضي اضافة تعديلات على الاتفاقية إثر تلويح أحزاب شيعية بارزة بعدم إقرار المسودة الحالية بشكلها الأخير. ويلقي قرار الأطراف الشيعية ظلال الشك على امكانية إقرار الاتفاق الأمني قبل انتخاب رئيس أميركي جديد أوائل الشهر المقبل.

وكان المالكي قد صرح في وقت سابق بأنه لن يرفع المسودة الى البرلمان ما لم يوافق مجلس الوزراء العراقي عليها. وفي حال فشل البرلمان في إقرار الاتفاق قبل انتهاء ولاية الأمم المتحدة على العراق في 31 ديسمبر (كانون الاول) المقبل، فانه لن يكون وجود القوات الاميركية في العراق قانونيا، الأمر الذي يضطر العراق الى تمديد تفويض الامم المتحدة. من جهته، حذر وزير الداخلية العراقي جواد البولاني من تداعيات عدم توقيع الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة، وقال ان ذلك سيكون «خطأ استراتيجيا».

ونقلت وكالة رويترز عن البولاني، قوله لقناة الشرقية العراقية التي تبث من دبي «أنا أتكلم عن منجز أمني يجب ان يحافظ عليه كل عراقي». وتساءل قائلا انه اذا حدث «أي تراجع في هذا الملف مهما كانت ظروفه.. من سيكون مسؤولا عن هذا التراجع وعن هذا الخطأ الاستراتيجي في وضع الامور في غير نصابها».

وسئل البولاني في اللقاء الذي أذيع مساء أول من أمس إذا ما كان يعتقد ان عدم توقيع الاتفاقية يعتبر خطأ استراتيجيا للعراق، فأجاب «أنا تقديري هذا».

وهدد مسؤولون أميركيون بانسحاب القوات الاميركية الى قواعدها في العراق إذا لم يتم توقيع الاتفاقية قبل نهاية العام الحالي، وهو ما يشكل تحديا كبيرا أمام قوات الامن العراقية، حيث سيتعين عليها آنذاك ان تعمل وحدها من دون دعم القوات الاميركية في وقت يرى المسؤولون الأمنيون العراقيون أن قواتهم ما زالت بحاجة الى الدعم والتدريب من قبل الجيش الاميركي.

وقال البولاني إن الاتفاقية الامنية شأن فني ومهني اضافة الى كونه سياسيا، ودعا السياسيين الى الاذعان لوجهة نظر الأطراف الفنية العراقية التي اشتركت في صياغة مسودة الاتفاقية. وأضاف البولاني «في اطار رأينا المهني والمؤسساتي عندما نطرح رأينا في هذا الموضوع.. هذا الرأي يجب ان يؤخذ ويقيم سياسيا». ومضى يقول «من الجانب المهني والفني لا تزال وزارة الدفاع ووزارة الداخلية تحتاجان الى دعم ولازالت استراتيجية الخطوات بحاجة الى ان تكتمل».

ورغم عدم الاعلان الرسمي عن فحوى المسودة علانية، إلا ان تسريبات من مسؤوليين عراقيين اوضحت انها تضم جداول زمينة لانسحاب القوات الاميركية من المدن والقرى العراقية منتصف العام المقبل مع سحب نهائي لهذه القوات من العراق نهاية 2011. وأعطت مسودة الاتفاقية الحق للقانون العراقي بمحاكمة الجنود الاميركيين في حالة ارتكابهم جنايات عندما يكونون خارج قواعدهم وفي حالة عدم قيامهم بتنفيذ عمليات.

وكانت تقارير اعلامية اميركية وبريطانية قد نقلت عن مسؤولين مقربين من المالكي عزمه عدم توقيع الاتفاقية لأنها ستثير الانقسامات بين العراقيين. وقالت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية، أمس، ان المالكي يعد التوقيع على الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن «انتحارا سياسيا». وقالت الصحيفة إن سياسيا عراقيا على صلة بالمحادثات قال ان «صوفا (اتفاقية وضع القوات الاميركية القانوني) ماتت غرقا»، مضيفا أن المالكي يعتقد ان التوقيع عليها ربما يكون «انتحارا سياسيا».

غير أن قياديا بارزا في الائتلاف العراق الموحد نفى في وقت سابق لـ«الشرق الاوسط» عزم المالكي عدم التوقيع على الاتفاقية، وقال ان رئيس الوزراء ما زال يبحث في تعديلات الاتفاقية. كما لوحت بغداد بدراسة خيارات بديلة للاتفاق الأمني مثل تمديد مؤقت لوجود القوات حتى يتم الانتهاء من المفاوضات بين الطرفين.