الجيش الأميركي يجري استعداداته لمواجهة التهديدات «الإرهابية» خلال فترة انتقال الرئاسة

فريق من 14 ضابطا يقومون بالإعداد لمواجهة الأزمات المحتملة

TT

أشار مسؤولون عسكريون أميركيون إلى أن الجيش الأميركي يستعد لأول انتقال للسلطة في وقت الحرب خلال 40 عامًا، حيث يقوم الجيش بالإعداد لمواجهة الأزمات خلال الفترة الانتقالية كهجمات القاعدة وزعزعة التطورات في العراق وأفغانستان.

ويقول الأدميرال مايكل مولن رئيس هيئة الأركان المشتركة الذي دشن تلك الاستعدادات الشهر الماضي، والذي سيقدم موجزا للرئيس المنتخب ووزير الدفاع المقبل والمسؤولين المختصين حول إدارة الأزمات وكيفية إدارة العمليات العسكرية: «أعتقد أن بمقدور العدو انتهاز فرصة انتقال السلطة في واشنطن»، كما أشار مولن في إحدى المقابلات إلى أن المسؤولين يعملون من أجل «التأكد من أن قواتنا تنتشر حول العالم بصورة صحيحة، وأن المخابرات تركز بصورة جيدة على مثل هذا الموضوع. وفي العمليات اليومية يقول الجيش بالتأكد من عدم وقوع أي هجمات، حيث إننا في حاجة إلى أن نكون في موقف نتمكن فيه ـ قبل وبعد يوم تنصيب الرئيس ـ من التصرف بالشكل الملائم».

ويتوقع مولن الذي يعمل كأكبر ضابط عسكري في البلاد أن تشهد الولايات المتحدة فترة حرجة بين الإدارتين. ويقول أحد المسؤولين العسكريين ممن على اطلاع بفريق مولن الخاص بالفترة الانتقالية والمؤلف من 14 ضابطًا من كبار الضباط في الأفرع المختلفة: «إنه سيكون مسؤولاً عن الفترة الانتقالية بين الإدارتين».

ويقول المسؤولون العسكريون إن المهمة الرئيسية للجيش الأميركي خلال الفترة الانتقالية هي التركيز على أمرين: رفع الاستعدادات لمواجهة الأزمات التي تتطلب قوة عسكرية، وأن نقدم النصح للإدارة القادمة حول التوجهات الجديدة المحتملة في العراق وأفغانستان، كما ستعقد جلسات استماع على مستوى عالي حول المخاطر والفوائد الاستراتيجية الجديدة في العراق وأفغانستان وباكستان إضافة إلى القضايا ذات المدى البعيد مثل تحديث القوات المسلحة، والتي يتم إعدادها الآن لمسؤولي الأمن القومي في الإدارة القادمة.

ويقول مولن إنه من المعروف تاريخيًا أن الفترات الانتقالية «تكون مرحلة عرضة لحدوث خروقات أمنية. وأن عدد الأحداث الرئيسة كبير»، وخلال العروض التي قام بها مولن استخدم جدولاً يبرز الأزمات التي شهدتها الولايات المتحدة منذ غزو خليج الخنازير إلى الهجمات الإرهابية في سبتمبر 2001، وهناك أحد الجداول التي تبرز أكبر التهديدات المحتملة اليوم، حيث يقول مولن: «لقد أنهيت العمل على أسوأ السيناريوهات المحتملة».

ويوضح المسؤولون أن الانتقال الرئاسي للسلطة الذي يأتي في وسط نزاعين كبيرين وتهديد بهجمات إرهابية يرفع درجات الاستعداد بصورة متزايدة، ويقول أحد كبار المسؤولين العسكريين: «إن الأمر مهم جدًا الآن لأننا نتحول إلى زمن الحرب. آخر مرة حدث فيها ذلك كانت في عام 1968 عندما كان هناك انتقال للسلطة من الرئيس جونسون إلى الرئيس نيكسون».

وأضاف: «قد تعتقد الآن من المؤكد الآن أن النصائح العسكرية تزداد أهميتها عما كانت عليه في عام 1968 و1969، لكن ضغوط الانتقال للسلطة كبيرة خاصة في ظل الديمقراطية».

إلى ذلك أشار مسؤولون عسكريون وخبراء أمنيون إلى أن التهديدات الكبرى التي يمكن أن تأتي قبل وبعد الانتخابات تشمل هجمات القاعدة ضد الولايات المتحدة والتي يمكن أن تأتي من مناطق القبائل الباكستانية وكذلك هجمات إرهابية تتضمن هجمات بأسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية.

يقول جون رولينز الخبير الأمني في خدمة أبحاث الكونغرس: «مع اقتراب الانتخابات فإن المسائل الاقتصادية وما يجري في باكستان وأفغانستان كل ذلك يجتمع في خليط واحد، وهو ما يعطي الفرصة السانحة للقاعدة لمحاولة زعزعة مصالح الأمن القومي الأميركي في المدى القريب.» والأمثلة القريبة من النشاطات الإرهابية خلال الفترة الانتقالية للسلطة في الولايات المتحدة، تشمل أماكن أخرى كان من بينها تفجير مركز التجارة العالمي عام 1993 بعد تولي الرئيس بيل كلينتون مقاليد السلطة، وهجمات 11/9 خلال الشهور الثمانية الأولى لإدارة الرئيس بوش إضافة إلى تفجيرات قطارات مدريد في 2004 واكتشاف مخطط لتفجير سيارة مفخخة في لندن والذين وقع قبل أيام قلائل من أحداث سياسية رئيسية. ويشير رولينز إلى أن أهداف تلك التهديدات يمكن أن يكون من بينها التأثير على نتيجة الانتخابات واختبار الإدارة الجديدة والاستمرار في إظهار القدرة على مهاجمة المصالح الأميركية متى شاؤوا.

ويوضح أحد كبار المسؤولين العسكريين أن الجيش يراقب عن كثب الأحداث التي تجري في كل من العراق وأفغانستان إضافة إلى الأنشطة النووية الإيرانية والتواجد الروسي في جورجيا وكذلك المناطق مثار الاهتمام في العالم.

ويصب فريق الفترة الانتقالية ـ الذي يضم قيادات قوات المارينز والقوات الجوية والبحرية والقادة العسكريين المحليين ـ في الوقت الحالي جل اهتمامه على الإعداد لجلسات استماع سيقوم مولن بها لتقديم النصح للرئيس القادم ووزير دفاعه.

وفي أعقاب انتخابات الرابع من نوفمبر (تشرين ثاني) سيقوم الفريق بتسهيل جلسات الاستماع عالية المستوى التي سيقوم بها مولن، مع البدء فورا في توجيه مسؤولي الإدارة الكبار فيما يتعلق بكيفية إدارة الجيش.

ويبين أحد كبار المسؤولين المطلعين على فريق مولن ذلك بقوله: «في اليوم الذي يلي الانتخابات سيقوم الحزب الحاكم بالقدوم إلى هنا واحتلال هذا المبنى، وسيكونون الموجة الأولى لتلك المرحلة الانتقالية»، ومن المتوقع أن يتم تسمية وزير الدفاع الجديد في شهر ديسمبر (كانون أول) وسيقوم هو أو هي بجلب الموجة الثانية من المسؤولين الجدد إلى البنتاغون.

ويضيف المسؤول: «إن الإدارة الجديدة سترغب بالطبع في القيام ببعض الأمور بصورة مختلفة، فسيقوم أي من أوباما أو ماكين بمحاولة التعامل مع الأمور من زاوية مختلفة.» وعلى مولن ـ لذلك ـ أن يكون مستعدًا لتقديم النصح في نطاق السياسات الجديدة لمناطق الحروب مثل المسارعة في الانسحاب من العراق.

بالرغم من أن المسؤولين العسكريين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم مجرد قنطرة بين إدارتين، إلا أن الفريق السياسي القادم ربما ينظر بعين الشك إلى ولاءات ذلك الفريق. فيقول أحد جنرالات الجيش المتقاعدين: «بالرغم من أن أفراد الفريق العسكري يحاولون تصوير أنفسهم على أنهم بعيدون عن السياسة وأنهم يعملون لدى الدولة، إلا أن هناك نظرة دائمة إلى أن المستويات العليا من الجنرالات في الجيش هم من اختيار الإدارة السابقة وأنهم يشوبهم الفساد» وأضاف: «رأينا ذلك في بداية ولاية كلينتون، فهناك شكوك بأن هؤلاء هم جنرالات شخص آخر وليسوا موضوعيين، ونتيجة لذلك يجب على القادة العسكريين أن يعملوا بجد للوصول للهدف الرئيس».

وقد طالب مولن من الفريق الانتقالي الذي يقوده العميد بقوات المارينز كينث إف ماكينزي أن يتوقعوا ويستعدوا لحدوث الكثير من التغيرات بداية من الإدارة الجديدة التي ستختار مسؤوليها الدفاعيين إلى السياسات الجديدة التي يمكن أن تتبناها تلك الإدارة خاصة فيما يتعلق بالعراق وأفغانستان.

ويقدم الفريق تقاريره إلى مجموعة إدارة البنتاغون التي شكلت للفترة الانتقالية والتي تضم مولن وروبرت غيتس وزير الدفاع ومسؤولون عسكريون كبار في الجيش وقادة الدفاع والذي سيترأسه روبرت رانجل المساعد الخاص لروبرت غيتس.

ويشير أحد المسؤولين العسكريين المطلعين على عمل الفريق إلى أن مولن سيقوم بتنفيذ التدريبات التي توضح لمسؤولي الإدارة الجديدة آليات التعامل مع الأزمات بقوله: «نحن سنوضح لهم الطريقة التي يمكنهم بها إدارة القوات المسلحة الأميركية».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»