الانتخابات العامة الاحتمال الأرجح في إسرائيل عقب فشل ليفني في تشكيل حكومة

زعيمة «كديما» رفضت حملات الابتزاز المالي ومطالب المتدينين بعدم التفاوض حول القدس

ليفني بعد بيانها الصحافي حول وقف جميع الجهود لتشكيل الحكومة امس (ا ب)
TT

حسب القانون الإسرائيلي، توجد عدة خيارات أمام الأحزاب، بعد فشل تسيبي ليفني، قبل التوجه الى الانتخابات العامة المبكرة. ولكن، كما يبدو في الظروف الناشئة، سيفضلون خيار التوجه الى الانتخابات على كل الخيارات الأخرى. واذا ما رسا الأمر على خيار الانتخابات، فإن رئيس الحكومة الحالي ايهود أولمرت، سيبقى على رأس الحكومة الانتقالية بشكل رسمي وفعلي، إلا إذا اختار غير ذلك، وعندها تتولى ليفني رئاسة الحكومة كقائمة بالأعمال، ولكن أولمرت يظل رئيس الحكومة رسميا. والحكومة الانتقالية تتمتع بكامل الصلاحيات. بل يوجد لها امتياز انه لا توجد امكانية قانونية لإسقاطها في الكنيست.

بعد ابلاغ الرئيس شيمعون بيريس بفشل تشكيل حكومة، ينبغي عليه أن يقرر خلال ثلاثة أيام أن يكلف عضو كنيست آخر مهمة تشكيل حكومة جديدة. فإن وجد نائبا كهذا، مستعدا للخوض في هذه المحاولة، سيمنحه فرصة 28 يوما. فإذا فشل هذا النائب في المهمة، يقرر الرئيس التوجه الى الكنيست حتى يجد حلا. ولكن في المعطيات الحالية لا توجد امكانية واقعية لأي نائب أن يشكل حكومة. ولهذا، فإن أغلب الظن أن هذا الخيار سيسقط.

في هذه الحالة، يبلغ بيريس الكنيست أن يتولى مسؤولياته، وسيكون أمامه خياران. الأول هو ان ينجح أحد النواب في تجميع تواقيع 61 نائبا يعلنون تأييدهم له حتى يشكل حكومة. وعليه أن يقبله كمرشح لرئيس حكومة. وهذه أيضا امكانية غير واقعية، ولذلك فإنه سيكون على بيريس أن يطلب من الكنيست أن يجري استعداداته لاجراء الانتخابات. وهنا أيضا يوجد خياران: فإما أن تتفق الأغلبية فيها على موعد محدد يجري اقراره في قانون في الكنيست، ويحق له عندئذ ان يجري الانتخابات من 90 الى 150 يوما، وإما يقرر اجراء الانتخابات في يوم الثلاثاء الأخير من الفترة التي تكون في حدها الأقصى 90 يوما.

واذا ما اقر الخيار الأخير، فإن الانتخابات ستجري في يوم الثلاثاء 17 فبراير (شباط) 2009. وقد تتفق الأحزاب على موعد متأخر أكثر، ولكن الاتجاه السائد كما بدا أمس، هو اختيار 17 فبراير.

ويحق لكل حزب قائم أو تحالف أحزاب أخرى أو حزب جديد يسجل رسميا حتى مدة شهر ونصف الشهر، أن يخوض الانتخابات، شرط ألا يتناقض برنامجه مع القانون الأساسي. وتتنافس هذه الأحزاب على احتلال 120 مقعدا في الكنيست. وتوزع المقاعد على الكتل التي تتجاوز نسبة الحسم البالغة 2 في المائة. وكانت ليفني أمس، قد اعلنت بشكل رسمي فشلها في تشكيل حكومة، وانها لا تجد جدوى من الانتظار أسبوعا آخر، حتى تنتهي المدة المعطاة لها. وتوصلت الى قرارها بوقف المفاوضات الائتلافية بعد الموجة الأخيرة من حملة الابتزاز لتحصيل المكاسب المالية والسياسية منها. وحتى حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، الذي كان فجر هذه المفاوضات، وأعلن انسحابه منها، بعث اليها الرسل طيلة أول من أمس عارضين عليها «حلولا وسطا جديدة» من أجل استئناف المفاوضات. وتبين لها ان هذا الحزب، وبعد أن كانت تجاوبت مع ثلثي مطالبه المالية، شعر انه يتعرض لحملة انتقادات جارفة يتهم فيها بالابتزاز المالي. فبعث يقول انه يكتفي بما طرحته ليفني ماليا، ولكنه يريد منها تعهدا بالامتناع عن التفاوض مع الفلسطينيين حول موضوع القدس. وكان هدفه من هذا، الظهور بمظهر من أفشل الحكومة، وتسبب في انتخابات جديدة، دفاعا عن وحدة القدس تحت السيادة الاسرائيلية.

ولكن ليفني قالت انها توصلت الى اتفاق متكامل مع «شاس» ولا حاجة لتغييره. ويجب أن يفهم الجمهور ان يشاي أخفى الاتفاق عن قيادته، ولم يكن يقصد في الأصل البقاء في الائتلاف، لأنه أبرم اتفاقا مع الليكود. بيد ان الابتزاز لم يقتصر على «شاس». فقد طلب حزب «المتقاعدين» امتيازات مالية للمتقاعدين، بقيمة 500 مليون دولار، أي ضعفي المبلغ الذي اتفقت حوله ليفني مع «شاس». ورفض قادته حضور اجتماع تفاوضي قبل أن تتجاوب معه ليفني. وأعلن حزب «يهدوت هتوراة»، لليهود الغربيين المتدينين، الذي حصل على مبلغ 250 مليون دولار، انه لن ينضم الى الائتلاف، إلا إذا التزمت ليفني بالامتناع عن التفاوض حول القدس.

ورفضت ليفني الالتزام بعدم التفاوض حول القدس كما رفضت زيادة المخصصات التي وافقت عليها في بداية المفاوضات. وقالت انها مستعدة أن تدفع ثمن الائتلاف، ولكن ليس أي ثمن. وقالت انها في الواقع أرادت التوجه الى الانتخابات منذ انتخابها رئيسة لـ«كديما» في 17 سبتمبر (ايلول) الماضي، ولكنها حبذت تشكيل حكومة جديدة ثابتة في ضوء الأزمة الاقتصادية العالمية والتحديات الأمنية. وأما الآن، فإنها ترى ان هناك ضررا لا يقل خطورة، ألا وهو الابتزاز المالي والسياسي، الذي لا بد من وضع حد له ـ «لقد مللت هذا الابتزاز، وأعترف بأنني لا أستطيع تحمل وزره».

وحاول شاؤول موفاز الرجل الثاني في «كديما»، اقناعها بالانتظار يومين ثلاثة، لعل الأحزاب المختلفة تتعقل. فأجابت: لم يعد هناك طعم للانتظار. فالجمهور يشعر بالخجل من قادته. والأحزاب مصابة بكلح المشاعر. والانتظار لن يغير شيئا. كما بعثت مجموعة من حركات السلام برسالة، تطالبها فيها بتشكيل حكومة ضيقة، تستند الى أصوات النواب العرب، حتى تواصل المفاوضات وتجري الانتخابات، عندئذ على أساس اتفاق سلام، لكنها لم ترد على الرسالة، علما بأن ليفني لم تتوجه الى الأحزاب العربية، ولو على سبيل المجاملة مثلما فعل سابقوها.

وقبل أن تتوجه ليفني الى بيريس، لتبلغه بقرارها وقف المشاورات، تواترت ردود الفعل المختلفة. فرحبت المعارضة اليمينية المتطرفة، وشنت هجوما على ليفني. فقال رئيس كتلة الليكود جدعون ساعر، انها أثبتت من أول ضربة، انها لا تصلح للقيادة. وأضاف انها تحاول الظهور كمن لم يرضخ للابتزاز، ولكنها في الحقيقة رضخت للجميع، ووزعت أموال الشعب لكل طالب، ولكن الأمر الوحيد الذي رفضت التنازل فيه، هو التفاوض حول القدس. فقد أرادت بيع القدس للفلسطينيين.