أشد مناصري المرشح الديمقراطي.. موظفو الأمم المتحدة

أوباما يمثل التعدد الثقافي الذي تحمله المنظمة الدولية

TT

لا توجد أزرار أو لافتات أو قمصان تحمل عبارة «أوباما 2008» في مقر الأمم المتحدة، ولكن ربما يكون من الصعب أن تجد بقعة في الولايات المتحدة أكثر حماسة بشأن إمكانية فوز سيناتور إيلينوي بمنصب الرئاسة والانتقال إلى البيت الأبيض.

وفي دراسة غير رسمية شملت أكثر من عشرين عضوا من العاملين في الأمم المتحدة والوفود الأجنبية، ظهر أن أغلبية كاسحة تفضل أن يفوز باراك أوباما بالانتخابات الرئاسية، قائلين إنهم يعتقدون أن المرشح الديمقراطي يقدم أجندة عمل جديدة وتعددية بعد فترة من احتقار الجمهوريين للهيئة الدولية. ويأتي مؤيدو أوباما من روسيا وكندا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وهولندا وسيراليون وجنوب أفريقيا وإندونيسيا وأماكن أخرى. وبدا موظف أميركي هنا مندهشا من سؤاله عما إذا كان السيناتور جون ماكين محل تفكير من الأساس. وقال المسؤول: «إن أوباما لا يمكن وقفه، أرجوك يا إلهي دعه يفوز».

يقول ويليام لورز الرئيس التنفيذي لرابطة الأمم المتحدة: «في اعتقادي، سيكون من الصعب أن تجد أي شخص في الأمم المتحدة لا يؤمن بأن أوباما سيكون تحسنا كبيرا في مقابل أي بديل. لقد مرت ثمانية أعوام سيئة، وهناك الكثير من المشاعر السيئة حيالها».

وصرح المحافظون، الذين يشككون في فاعلية الأمم المتحدة، أنهم لم يفاجأوا بهذا الميل السياسي. وقال مندوب الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون: «في الحقيقة لا يلبي معظم المحافظين ومعظم الجمهوريين فروض الطاعة لدى مقر المنظمة في نيويورك، وأعتقد أن هذا يثير غضبهم أكثر من أي شيء آخر. فهم يريدون الانحناء خضوعا، وسيحصلون عليه من إدارة أوباما». لقد ذكر المرشحان القليل عن خططهما المتعلقة بالأمم المتحدة، ولكن أوباما أكد على رغبته في استكمال المساعي الدبلوماسية بلهجة أكثر جزما من إدارة بوش، بينما دعا ماكين إلى إقامة رابطة للدول الديمقراطية، وهو ما يخشى الجميع من أن يكون خطة لتهميش الأمم المتحدة.

وقد تجنب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إظهار اختيار عام في الحملة الرئاسية، على الرغم من أنه، وفقا لما ذكره مسؤولون في الأمم المتحدة، قد لمح إلى تفضيله أوباما في اجتماعات خاصة. ويقول كبار مستشاريه إنهم يعتقدون أن ماكين وأوباما سيدعمان الكثير من الأولويات التي يضعها بان.

وقالت كبيرة المتحدثين الرسميين باسم بان، ميشيل مونتاس: «لا يتخذ الأمين العام أو الأمانة العامة للأمم المتحدة موقفا من الانتخابات الأميركية. ويحترم الأمين العام العملية الديمقراطية، ويتطلع إلى العمل مع أي من كان المرشح الذي يختاره الشعب الأميركي». ويتحلى العديد من كبار وصغار العاملين في الأمم المتحدة بقدر أقل من التحفظ، حيث يقولون إنهم يرون في أوباما خلفية متعددة الثقافات، فوالده كيني وزوج والدته إندونيسي، ووالدته وجداه من كنساس، وهو ما يمثل انعكاسا لهم. ويقول مندوب الكونغو لدى الأمم المتحدة أتوكي إليكا: «نحن لا نعتبره أفريقي أميركي، بل نعتبره أفريقي».

وقد أقام أحد المسؤولين حفلة في الصيف وطلب من المدعوين وضع ملصق إما للفيل (شعار الجمهوريين) أو الحمار (شعار الديمقراطيين) على الباب الأمامي ليظهروا اختيارهم السياسي. في نهاية الليلة، كان الباب يحمل حوالي 30 ملصقا للحمار و2 فقط للفيل. ووفقا لمسؤول في الأمم المتحدة كان من بين الحضور: «وجدنا أن واحدا من اللذين اختارا الجمهوريين أميركي والآخر لا يمكنه التصويت. لذا اقتنعنا أن الشعب الأميركي سيصوت من أجل أوباما». وصرح مسؤول آخر في الأمم المتحدة من دولة أفريقية يؤيد أوباما: «لم أسمع شخصا واحدا سيصوت من أجل ماكين وإذا فعلوا فسيكون هذا في الخفاء. فغالبية الأشخاص هنا يؤمنون بالتعددية. والجمهوريون كانوا دائمي التشكيك في أهمية الأمم المتحدة». أما الأقلية التي تمسكت بماكين بين مسؤولي الأمم المتحدة (اثنان فقط من بين 28 مسؤولا ودبلوماسيا تم سؤالهم) فانها قد تشعر بالوحدة في مقر الأمم المتحدة. ويقول مسؤول أميركي هنا يخطط للتصويت لصالح ماكين «أغلق فمي على الدوام. والجميع يحسبون الأيام المتبقية على الانتخابات. وبعض الأميركيين هنا يخططون للانتقال إلى واشنطن»، للبحث عن وظائف في إدارة أوباما.

ويضيف المسؤول: «سيكون الأمر كارثيا إذا خسر أوباما، فهناك ثقة تامة في النتيجة». وذكر المسؤول، الذي تحدث بشرط عدم ذكر اسمه كما فعل جميع العاملين الآخرين في الأمانة العامة الذين تحدثوا لنا، أن الديمقراطيين لم يكونوا دائما مساندين للأمم المتحدة، مستشهدا بالحملة التي شنتها إدارة كلينتون وحدها عام 1996 لمنع إعادة انتخاب الأمين العام وقتها بطرس بطرس غالي. وتكلم بعض المندوبين الأجانب، ومن بينهم مندوب جورجيا، صراحة عن تأييدهم لمنهج السياسة الخارجية لماكين، الذي كان له رد فعل سريع وحاد بعد التدخل الروسي في جورجيا.

ولكن ما زال ترشيح أوباما له تأثير عاطفي هائل بين مندوبي الدول النامية، خاصة لما يدل عليه في قضية الأعراق في أميركا. ويذكرون أن أشهر موظفي الأمم المتحدة رالف بنش، وهو أفريقي أميركي حاز جائزة نوبل للسلام من أجل وساطته في الشرق الأوسط، لم يكن يستطيع الوصول إلى نفس الدرجات العليا في أوساط السياسة الخارجية الأميركية. وصرح كوفي أنان، أول أمين عام للأمم المتحدة أسمر البشرة، أن إمكانية وصول أوباما إلى منصب الرئيس ستكون «استثنائية». وبينما يتمنى منتقدو إدارة بوش هنا فوز أوباما، إلا أنهم يعترفون بأن الموقف الأميركي تجاه الأمم المتحدة تحسن كثيرا في الأعوام الأخيرة مستشهدين بالتعاون في أفغانستان وإيران والعراق. ويقولون إن الرئيس بوش يرجع له فضل كبير في مساندة المبادرات التي تدعمها الأمم المتحدة، ومن بينها تقديم مليارات الدولارات لتمويل حملات محاربة الإيدز والملاريا في أفريقيا بالإضافة إلى دعمه لأكبر توسع في عمليات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في التاريخ. ويتوقعون أن أي مرشح يفوز سيكون مضطرا بسبب هبوط الثروات المالية الأميركية إلى التعاون على نحو أكبر مع الحكومات الأجنبية.

ويقول مندوب اليابان لدى الأمم المتحدة يوكيو تاكاسو: «ليس لدينا حق التصويت، ونتوقع أنه أيا كان الفائز في واشنطن، فستكون له نظرة جديدة للأمم المتحدة والمنفعة من العمل من خلالها، وبالطبع سيكون علينا أن نتكيف معها».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»