فرنسا «مرتاحة» لتبرئة مدير صندوق النقد من تهمة سوء استخدام السلطة

اليمين واليسار سعيدان لبقاء ستروس خان على رأس الصندوق

TT

أبدت الطبقة السياسية الفرنسية ارتياحها لتبييض صفحة مدير صندوق النقد الدولي الفرنسي دومينيك ستروس خان أول من أمس، من تهمة المحسوبية وسوء استخدام السلطة ومخالفة قوانين وأعراف الصندوق، في التحقيق بصدد علاقة غرامية أقامها بداية العام الجاري مع موظفة سابقة، اذ قرر الصندوق ابقاءه في منصبه. وكان مجلس ادارة صندوق النقد الدولي قد كلف الصيف الماضي مكتب محاماة خاصا التحقيق في علاقة ستروس خان الوزير الفرنسي السابق مع موظفة غادرت المؤسسة. واكتفى المجلس بالاشارة الى ارتكاب ستروس خان «خطأ فادحا في التقدير». واوضح عميد الصندوق شكور شعلان المصري المولد، الذي يمثل عدة دول عربية في المؤسسة ان الهيئة الحاكمة في صندوق النقد اجتمعت «في اجواء ايجابية جدا» وخلصت الى ان هذه القضية «لا تؤثر بتاتا على فعالية» ستروس ـ خان، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

واضاف «سنستمر في العمل معه»، موضحا «ان المدير العام كفؤ جدا في ممارسة مهامه». واوضح «حتى لو تراجعت الثقة بعض الشيء فانه سيستعيدها قريبا جدا»، مشيرا الى ان «بعض الموظفين ولاسيما النساء، ليسوا راضين».

لكنه اشار الى ان ستروس خان اعتذر الاثنين الى الموظفين «ولا اظن ان بامكاننا ان نطلب منه القيام بالمزيد».

وفي باريس، تنفست الأكثرية والمعارضة الصعداء على السواء، لأن ستروس خان لن يعرف مصير رئيس البنك الدولي الأميركي بول وولفوويتز، الذي اضطر الى الاستقالة بسبب فضيحة مشابهة.

وكانت فضيحة ستروس خان قد أحزنت الطبقة السياسية وأثارت اهتماما واسعا في الوسائل الإعلامية الفرنسية. وافادت معلومات متداولة في باريس بأن الرئيس ساركوزي، الذي شجع ودعم ترشيحه لإدارة صندوق النقد الدولي حذره قبل وصوله الى عمله في واشنطن من هذه التصرفات، بسبب ما عرف عن مغامراته. ووفق هذه المعلومات، فان ساركوزي قال له إن «ما هو مقبول في باريس غير مقبول في واشنطن».

وقال رئيس الوزارء السابق لوران فابيوس عن تبرئة وزير الاقتصاد السابق «القضية قد انتهت بصدور البراءة»، معتبرا ذلك «خبرا جيدا لستروس خان وللذين يقدرون عمله»، على رأس الصندوق. وذهب ليونيل جوسبان، وهو رئيس وزراء سابق ومرشح رئاسي الى اعتبار التبرئة «خبرا جيدا لصندوق النقد الدولي، خصوصا في مهب العاصفة المالية»، التي تضرب الأسواق منذ أسابيع. وفيما يسعى الرئيس ساركوزي للدفع باتجاه «إعادة بناء الراسمالية المالية» وبانتظار انعقاد قمة العشرين المنتظرة في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) القادم في نيويورك، فإن بقاء ستروس خان على رأس صندوق النقد يشكل خبرا سارا للرئيس الفرنسي، الذي يريد أن يلعب الصندوق دورا اساسيا في النظام المالي الجديد. وكانت الحكومة الفرنسية بلسان رئيسها فرنسوا فيون قد سارعت للوقوف الى جانب ستروس خان والدفاع عنه. وأمس رحب فريدريك لوفيفر، الناطق باسم الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني الحاكم بقرار مجلس حكام الصندوق بتبرئة ساحة وزير الاقتصاد السابق، معتبرا ذلك خبرا جيدا للجميع. ووصف الوزير الاشتراكي السابق بيار موسكوفيتسي ستروس خان بأنه رجل المرحلة، للخروج من الأزمة المالية، مضيفا أن إزاحته من صندوق النقد، لو حصلت، لاعتبرت «تدبيرا خطيرا قياسا بمسألة صغيرة». وكان ستروس خان الاشتراكي قد وقف الى جانب كل الإجراءات والتدابير التي اتخذها الرئيس الفرنسي «اليميني» للخروج من الأزمة. وفيما يعاني الحزب الاشتراكي من الحرب الداخلية التي يخوضها قادته للفوز بمنصب الأمين العام للحزب في مؤتمر سيعقد الشهر القادم، يعد ستروس خان أحد الشخصيات الاشتراكية التي يمكن أن تلعب في المستقبل دورا قياديا بالنظر لما يتمتع به من سمعة مهنية واقتصادية حسنة.